Share to: 
بين اتصال الرئيس الفرنسي بنظيره اللبناني، عقب اعلانه انضمام لبنان الى نادي الدول النفطية، والاعلان عن اتفاق بيروت وتل ابيب على انجاز الترسيم البحري بينهما ، ايام شهدت اخذا وردا وتسريبات حول دور فرنسي كبير ومهم “لولاه” لما “كان ما كان” من انتصار يدعيه الطرفان .
فكلام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وغياب اي اشارة اميركية او اسرائيلية الى “الحصة الماكرونية” في الانجاز، اثار انتباه المراقبين والمتابعين، الذين “اشتموا” رائحة فرنسية، خصوصا ان اتصالات عديدة رصدت على خط المتحف- الحارة، قيل يومها انها مرتبطة بالملفين الرئاسي والحكومي.
ولكن اين هي القطبة المخفية في الدور الفرنسي؟ علما ان الاعتقاد الذي كان سائدا بناء لايحاءات فرنسية ان دور باريس اقتصر على “تسهيل” الامور كمفاوض غير مباشر او ناقل للرسائل غير المباشرة بين حارة حريك وواشنطن، ما اسهم في تسهيل الاتفاق بين الجانبين اللبناني والاسرائيلي، وهو ما كان المح اليه الوسيط الاميركي في احدى لقاءاته الاعلامية.
وتكشف المعطيات ان التدخل الفرنسي جاء نتيجة اصرار والحاح اسرائيليين على باريس، بعدما لمست تل ابيب وجود ضغوط اميركية كبيرة ومحاولة من الديمقراطيين للاستفادة من مسالة انتخابات الكنيسيت، فوجد رئيس الوزراء ضالته في الرئيس ماكرون، حيث لجا اليه، موفدا احد كبار مستشاريه الى ايليزيه طالبا المساعدة ، وهو ما حصل بالضبط.
وتتابع المصادر بان جهات اسرائيلية حاولت الدخول على الخط “لخربطت” الاتفاق ، مسربة معلومات عن ان حقل “قانا” لا يحتوي الكميات المفترضة لاعتباره قابلا للاستثمار، بناء على معلومات قيل ان احد العاملين في مجال النفط والغاز في واشنطن سربها الى مقربين من منافسين للابيد، حصل عليها من ارشيف شركة توتال الفرنسية، ما دفع لبنان الى ابلاغ الوسيط الاميركي بعد نشر المعلومات، رغبته بالتريث واعادة النظر ببعض نقاط الاتفاق، التي تجعل من المستحيل تمريره في اسرائيل في حال اقرت،وبالتالي ذهاب نحو حرب حتمية.
ازاء هذا الوضع ونتيجة تقاطع للمصالح اسرائيلي – فرنسي، تدخل الايليزيه واجرى سلسلة اتصالات بالبيت الابيض، مبلغا المعنيين ان ادارته تمكنت من التوصل الى اتفاق مع شركة توتال يقضي برغبتها بالاستثمار والتنقيب في المنطقة، بعدما كان الجانب الاسرائيلي تبلغ من ممثل الشركة عدم حماستها للدخول على الخط، ورغبتها بالانسحاب لاسباب اقتصادية.
وعليه تم الاتفاق على معاودة الاتصالات المكوكية، وحل مسالة حقل قانا وفقا لاتفاق بين “جهات فرنسية” وشركة توتال بعلم تل ابيب، وانتهت الى قرار بانتقال رئيس مجلس ادارة الشركة الفرنسية الى بيروت لتقديم الضمانات اللازمة للجانب اللبناني، تسهيلا لتمرير الاتفاق، الذي علم انه كاد يطير في اللحظات الاخيرة قبل ان يزف الرئيس اللبناني خبر تحويل لبنان الى بلد نفطي.
امام هذه المعطيات تصبح الكثير من الاسئلة مشروعة، هل وقع لبنان ضحية فخ فرنسي- اسرائيلي محكم؟ وما هو الثمن الذي قبضته باريس من تل ابيب؟ ومن سيدفع تكاليف استكشاف توتال لحقل قانا؟ وكيف يمكن التاكد من نتائج العينات؟ ومن سيغطي الـ 30% ، كلفة التعويضات التي ستدفعها توتال لاسرائيل؟ فهل يستاهل وصول الغاز الى اوروبا كل ذلك؟ وهل تكلف توتال بشراء الغاز الاسرائيلي لصالح فرنسا على ان تنقله الحاملات القطرية بالسرعة المطلوبة من كاريش؟
الاجابات معقدة ولا احد يملك مفاتيح فكها، الا صاحب القوة الاكبر، القادر على خربطة ما تم التوصل اليه، خصوصا ان ثمة من يتحدث في لبنان عن مكاسب شكلية من الاتفاق، اذ لن يكون في مقدور لبنان تسييل “انتصاره” راهنا باكثر من عشر ساعات تغذية كهربائية، وهي ممولة من “كيس اللبنانيين” وفقا لتعرفة جديدة للكهرباء .
