بتوقيت مريب، اختارت “اسرائيل” تصعيد المواجهة في المنطقة باغتيالها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، والقيادي البارز في حزب الله فؤاد شكر. التوقيت مريب لانه يأتي مباشرة بعيد عودة رئيس وزراء العدو بنيامين نتانياهو من واشنطن، حيث التقى الشخصيات ال٣ صاحبة الكلمة الاساس راهنا ومستقبلا في الولايات المتحدة الاميركية، اي الرئيس الحالي جو بايدن والمرشحين الرئاسيين: كامالا هاريس ودونالد ترامب. وبخلاف كل ما تردد عن عودته الى “تل ابيب” مقيدا اميركيا، وبخلاف ما صدر عن هذه الشخصيات لجهة دفعها الى وقف القتال في غزة وسريان التهدئة في المنطقة، تبين انه وان لم يكن عاد بضوء اخضر اميركي لحرب موسعة، فهو لمس بالتأكيد ليونة اميركية تسمح له بالقيام بما قام به مشرعا المنطقة على كل الاحتمالات.
وفيما يؤكد قريبون من جو واشنطن انها لم تنسق مع نتنياهو عمليات الاغتيال، وان موقفها الاساس يبقى الدفع االى التهدئة لا الانفجار، يعتبر قريبون من محور المقاومة ان نتنياهو ما كان ليُقدم على عمليات بحجم اغتيال هنية وشكر، واستهداف قلب طهران وبيروت لو لم يكن يحظى بغطاء اميركي.
وبالرغم من تأكيد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن واشنطن لم يكن لديها علم بعملية اغتيال هنية، ولم تشارك بها، ودعوته الى وقف إطلاق النار في غزة كونه “ضرورة دائمة”، يشير مصدر مطلع الى ان “نتنياهو قد يكون تفرد باتخاذ قرارات الاغتيال، باطار محاولاته لجر واشنطن الى حرب موسعة، لكن لو كانت الاخيرة حاسمة معه لما تجرأ على ذلك. والا لماذا الافراج عن شحنة القنابل الثقيلة قبل اسابيع؟ الا يشكل ذلك مؤشرا واضحا لـ “أبة باط” اميركية لمواصلة القتال؟ اهكذا يكون الضغط على “تل ابيب” للسير باقتراح بايدن لوقف النار في غزة؟
وتعتبر المصادر ان “نتنياهو اختار هدفه بحزب الله بذكاء ودهاء كبيرين، بحيث انتقى شخصية تدرجها واشنطن على قوائم الارهاب وتخصص مبلغ ٥ مليون دولار لمن يدلي معلومات بشأنها، اي انه احرجها وجعلها غير قادرة حتى على معاتبته”، لافتة الى انه “يبدو واضحا ان نتنياهو يلعب لعبة المقامرة والمجازفة الكبرى، لانه على يقين أن ما يستطيع ان يقوم به اليوم في المرحلة الانتقالية الحالية في الولايات المتحدة، لا يستطيع ان يقوم به غدا مع فوز هاريس او ترامب، باعتبار ان المرشحين كانا واضحين بسعيهما لوقف الحرب”.
ولفتت المصادر الى ان “بايدن قبل اعلان انسحابه من السباق الرئاسي، هو غيره ما بعد اعلان الانسحاب. اذ ان الصرامة التي كان يواجه بها نتنياهو تلاشت الى حد ما، خاصة بعدما بات على قناعة ان ضغوطه لوقف الحرب التي فشلت في الاشهر الماضية، لن تنجح اليوم بعدما بات مؤكدا انه سيكون خارج البيت الابيض في تشرين الثاني المقبل، ما يجعله يعي ان رئيس الوزراء “الاسرائيلي” لن يقدم اي هدايا مجانية لرئيس يتقاعد قريبا”.
ويبدو ان واشنطن تستعد للتعامل مع كل الاحتمالات والسيناريوهات في المنطقة، ومن هنا كان قرار ارسال بوارج اميركية إلى السواحل اللبنانية، بعد الضربة “الإسرائيلية” في ضاحية بيروت الجنوبية التي استهدفت فؤاد شكر. وقد نقلت “مونتي كارلو الدولية” عن مصادر عسكرية أميركية، ان ارسال البوارج اتى تحسباً لأي تصعيد بين “إسرائيل” وحزب الله في لبنان وإيران. وقالت المصادر انه “في حين أن لدى البوارج الأميركية القدرة على المساعدة في إجلاء المدنيين في حال اندلاع حرب واسعة، لكن السبب الرئيسي لمجيئها يتعلق بقوة الردع، ولتجنب توسع الصراع في المنطقة”.
بالمحصلة، رغم الجهود التي تبذلها واشنطن لمنع تدهور الاوضاع في المنطقة، الا انه يبدو انها قد حسمت امرها بالدفاع عن “اسرائيل”، وحتى خوض الحرب عنها في اي مواجهة كبرى مقبلة.