أنطونيو فرحات – نداء الوطن
تتسارع الأحداث في الآونة الأخيرة لا سيّما لناحية سحب السلاح غير الشرعي في لبنان وذلك بعدما أدخل هذا السلاح لبنان في مغامرة كان بغنى عنها وكشف بالوقت عينه أن لا إمكانية حقيقية لتوازن الردع والرعب مع إسرائيل.
فبعد التوقيع على اتفاقية وقف إطلاق النار ورفع الراية البيضاء من قبل “حزب اللّه” ما عادت لهذا السلاح قيمة وجودية أو دفاعية خاصة أن مساوئه أصبحت أكثر بكثير من منافعه، وفي المقابل لن يستطيع سلاح المخيّمات تحرير أرض فلسطين بعدما سوّيت غزة أرضاً على الرغم من امتلاكها أسلحة نوعية أكثر تطوّراً ممّا هو موجود داخل المخيّمات.
وعليه، غدا السلاح غير الشرعي علّة على السيادة اللبنانية وعلى الكيان أكان السلاح فلسطينياً أم سلاح “حزب اللّه”، وأصبح نزعه واجباً لحماية الاستقرار الاقتصادي والمعيشي ولتثبيت نهج الحياد الإيجابي الواجب اعتناقه وممارسته. وبذلك، يعود للبنان دوره على الساحة الإقليمية والدولية.
قد لا يختلف اثنان على أنّ أزمات لبنان في فترة العقود الخمسة الأخيرة كان سببها القضية الفلسطينية، إذ كلّ مرّة تحرّكت فيها تلك القضية دفع لبنان ثمناً باهظاً، لا ناقة له فيها ولا جمل. واليوم، آن الأوان للتخفيف من الشعارات والإكثار من حبّ الوطن وبسط الدولة سيادتها على كامل أراضيها. خاصةً بعد اللقاء الذي جمع الرئيس جوزاف عون بالرئيس محمود عباس والبيان المشترك الذي صدر على أثره، والذي شدّد على التزام البلدين بمبدأ حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، وإنهاء أي مظاهر خارجة عن منطق الدولة اللبنانية، وعلى أهمية احترام سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه، وعلى إيمانهما بأن زمن السلاح الخارج عن سلطة الدولة اللبنانية قد انتهى، خصوصاً أن الشعبين اللبناني والفلسطيني قد تحمّلا طيلة عقود طويلة، أثماناً باهظة وخسائر فادحة وتضحيات كبيرة، مع تأكيد الجانب الفلسطيني التزامه بعدم استخدام الأراضي اللبنانية كمنطلق لأي عمليات عسكرية.
ليكن العيش المشترك هو الضمانة والسلاح الذي يُهزم به كلّ عدو، بعد أن تبدّى أن السلاح الموجود لا يستطيع أن يقاتل إسرائيل ولا يستطيع أن يغيّر في المعادلة الإقليمية شيئاً، غير أنه ممكن أن يكون أداة ليتقاتل اللبنانيون في ما بينهم أو ليتقاتل اللبنانيون مع الفلسطينيين.
اللعبة انتهت والمسألة مسألة وقت بعد أن بانت الحقيقة والوهم ما عاد يؤثر إلّا بمطلقيه، وغدا أخذ العبر ممّا جرى مسؤولية للأجيال المقبلة بغية تحديد الخسائر لتجنّب المكابرة ولإجراء المحاسبة الذاتية الحقيقية التي تلامس الواقع لا التمنيات أو الأوهام، وأمراً ضرورياً، خاصةً لما لهذا الموضوع من انعكاس مباشر على الوجود والبقاء في هذه البقعة الجغرافية من العالم. لقد أصبح ثابتاً وأكيداً أن لا مساعدات ولا إعمار ولا نهضة اقتصادية أو مالية حقيقية في البلد قبل نزع السلاح الفلسطيني وسلاح “حزب اللّه”. وعليه، يتبدّى بما لا يقبل الشكّ إذا أراد لبنان أن يجلس على طاولة لعبة الأمم، أنّ عليه ألّا يدخل بأي صراع أو حرب مهما كانت ولأي جهة انتمت.
استناداً لما سبق بيانه، كفى مكابرةً وكفى مراوغةً وكفى بيع أوهام وليسلّم الفلسطينيون و “حزب اللّه” وجميع الميليشيات المسلحة غير الشرعية سلاحهم فوراً لينعم لبنان بالاستقرار والأمان.