هل تتوسع رقعة المواجهات بين المقاومة والعدو الاسرائيلي على الحدود الجنوبية للبنان مع فلسطين المحتلة؟
منذ ٨ تشرين الاول، بعد يوم واحد من عملية طوفان الاقصى، بدأت هذه المواجهات وفق قواعد الاشتباك على الحدود، بعمق يتراوح بين كيلومتر واحد وكيلومترين، وارتفعت حدتها تدريجيا لتشمل مواقع ومناطق عديدة على طول الحدود وفق هذا العمق. واضطر العدو الى وقف خطة نقل جزء من قواته الى غزة واعادتها الى جبهته الشمالية، ثم عززها بوحدات اضافية جديدة للمشاركة في هذه المواجهات، وتحسبا لاتساعها او اندلاع حرب مفتوحة على جبهة لبنان.
ووفقا لمصدر مطلع، فان الاسابيع الثلاثة الاولى شهدت مواجهات واشتباكات استخدمت فيها المقاومة صواريخ موجهة ومدافع الهاون، بينما استخدم جيش العدو المدفعية والدبابات والمسيّرات الاستطلاعية والحربية المسلحة بالقنابل والصواريخ الخفيفة، قبل ان يزج لاحقا الطيران الحربي في المعركة، وينفذ سلسلة غارات على مناطق عديدة في القطاعات الغربي والشرقي والاوسط.
ولاحقا ايضا، ادخلت المقاومة الى المعركة اسلحة صاروخية اكثر قوة، لا سيما في قصف الموقع العسكري المهم للعدو في جل العلام في القطاع الغربي، وزادت من استخدام الصواريخ الموجهة والمضادة للدروع ومدافع الهاون. كما استخدمت المسيّرات الموجهة التفجيرية في قصف احدى القواعد العسكرية لجيش العدو الاسرائيلي.
وفي خطابه يوم الجمعة الماضي، حذر الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بلهجة حازمة العدو من محاولة توسيع اعتداءاته او من استهداف المدنيين، مؤكدا ان المقاومة ستتعامل مع مثل هذه الاعتداءات بالمثل. وقال ايضا ان توسع الحرب مع العدو وارد في اي وقت، وان اندلاع مثل هذه الحرب مع لبنان مرتبط بالوضع في غزة وبالعدوان الاسرائيلي على لبنان.
ويعتقد المصدر المطلع ان المجزرة التي ارتكبها العدو الاسرائيلي في محيط غزة وقصف سيارة مدنية، ما ادى الى استشهاد طفلات ثلاث وجدّتهم، لا تعتبر خرقا لقواعد الاشتباك فحسب وانما جريمة حرب وعدوان سافر على المدنيين اللبنانيين، سبقها ايضا جريمة مماثلة ادت الى استشهاد الاعلامي عصام العبدالله وجرح اعلاميين آخرين، ثم ادى اعتداء آخر الى استشهاد راعيين لبنانيين على الحدود.
كان من الطبيعي والمؤكد ان يرد حزب الله على مجزرة عيترون بقصف كريات شمونة، التي تبعد نسبيا عن منطقة العمليات العسكرية اليومية مرتين، مستخدما صواريخ الغراد والكاتيوشا. كما انه سبق ورد على استهداف الاعلاميين والراعيين.
وادى رد الحزب الاخير الى مسارعة العدو الى اتخاذ قرار بافراغ المستوطنة المذكورة من المستوطنين الذين كانوا بقوا فيها، وتحويلها الى منطقة عسكرية كاملة، كما المستوطنات الـ٤٩ الاخرى على امتداد المناطق الحدودية لفلسطين المحتلة مع لبنان.
ويقول المصدر ان رقعة المواجهات بين حزب الله والعدو الاسرائيلي توسعت تدريجيا لتشمل مواقع جديدة على طول الحدود، وتمتد الى مناطق ومواقع اكثر عمقا. لكن هذا التمدد في العمق بقي حتى الآن في حدود بضعة كيلومترات قليلة لا تتجاوز خمسة كيلومترات، مع خروقات محدودة من جانب العدو، كما حصل على سبيل المثال في استهداف يحمر الشقيف يوم السبت الماضي، وقبله مرتفعات في اقليم التفاح.
وفي الاعتقاد ان تدحرج التطورات الميدانية على الجبهة اللبنانية ما زال تحت سقف معين، وان اندلاع حرب مفتوحة على هذه الجبهة مرتبط بالعنصرين اللذين حددهما السيد نصرالله لجهة سير الوضع في غزة ومحاولة العدو توسيع معركته في الجنوب.
ومع اشتداد حرب العدو على غزة بدعم اميركي مباشر، تبقى كل الخيارات مفتوحة كما عبر السيد نصرالله، خصوصا ان التحركات السياسية والديبلوماسية لم تسفر عن وقف العدوان ووقف النار الذي يصطدم بفيتو اميركي حتى الآن.
ومما لا شك فيه ان رقعة المواجهات بين المقاومة والعدو الاسرائيلي على جبهة لبنان قد توسعت عمليا منذ اندلاعها في ٨ تشرين الاول بشكل واضح، اكان لجهة حجم الاسلحة ونوعها المستخدمة، ام لجهة رقعتها الجغرافية افقيا على طول الحدود وعمقها وان بنسبة محدودة.
وحسب المراقبين، فان مجزرة عيترون لا تشكل اعتداء خطرا فحسب، بل تنذر بارتفاع وتيرة المواجهات وتوسعها.
وهذه الجريمة الاسرائيلية السافرة ضد المدنيين جعلت الناطق باسم قوات اليونيفيل في الجنوب اندريا تيننتي يحذر امس من خطورة توسع المواجهات، لكن يؤخذ على بيانه بانه بيان خجول ويجهل الفاعل كما البيانات الاخرى التي صدرت عن القوة الدولية. وقال في تحذيره” ان احتمال خروج التصعيد عن السيطرة واضح، ويجب ايقافه، كما ان موت اي مدني هو مأساة، ولا احد يريد ان يرى المزيد من الناس يجرحون ويقتلون”.