في غياب اي جديد داخلي، يخرج الاستحقاق الرئاسي اللبناني من قمقم الخلافات السياسية الحائلة دون انجازه منذ ما يقارب ستة اشهر، وفي انتظار محطات خارجية لا بدّ الا ان تنعكس نتائجها عليه، ابرزها قمة الرياض واجتماع المجموعة الخماسية والحركة القطرية، اضافة الى زيارة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى فرنسا. تتركز الانظار في اتجاهين، الحركة المكوكية السعودية رئاسيا، وحسم رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل خياراته: مع المعارضة او مَع حزب الله في الاستحقاق.
وفيما لم يعقد اي لقاء بين باسيل ووفد من حزب الله حتى الساعة، استقبل السفير السعودي وليد بخاري في مقر اقامته باليرزة ، السفير البابوي في لبنان المونسنيور باولو بونجيا، في دليل واضح الى دخول الحاضرة البابوية على خط الاتصالات، بعدما قام الفاتيكان باتصالات خلال الايام الماضية مع عواصم القرار الفاعلة لبنانيا، والتي لم تتظهر نتيجتها حتى اللحظة.
فراغ ملأه رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» خلال اطلالة تلفزيونية، جاءت «ضربة عالحافر ضربة عالمسمار»، متبرئا من دم التدخل في الرئاسة التي اعتبرها شأنا مسيحيا، مقدما في الوقت عينه بين سطور الكلام نفسه، على انه بيضة القبان متى حان الجد لتمرير اي اتفاق، رغم رميه كرة التعطيل همسا وغمزا في حضن «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحر» وشريكهما حزب الله.
في غضون ذلك، تكثر «الشائعات» حول لقاءات السفيرة الاميركية «السرية» في بيروت، وفي جديدها لقاء عقد مع مرشح بارز للرئاسة استمر ساعات، بحث امورا اساسية مرتبطة بالمرحلة المقبلة في احدى المناطق المتنية، فيما كان الوفد القطري «يضبضب» اغراضه عائدا خالي الوفاض، بعد الزيارة غير الناجحة التي قام بها، والتي يصفها البعض بالعكس، من باب تصنيفها على انها للحث على التسوية الفرنسية، باعتبار انها ستكون العمى ما لم يقبل الافرقاء بالكحل، وفقا لمصادر ديبلوماسية.
وتكشف المصادر انه بعيدا عن كل الاجواء التضليلية في بيروت ، وضخ المعلومات المتناقضة، فان مسألة الرئاسة باتت خلف اصحاب القرار الدوليين، الذين حسموا الخيارات وباتوا في طور مناقشة الحكومة وشكلها واسماء وزرائها، بعدما انهوا النقاش في المعايير الواجب توافرها ، واهمها عدم جواز ان يكون قد تم توزيرهم سابقا، مع مراعاة مبدأ خبرة العمل في الشأن العام، كفوءة في ادارة الملفات التي ستعهد اليها، فالحكومة الجديدة مدعوة بلا اي شك الى اجراء تعيينات وتغييرات جذرية في الادارة بكل انواعها، وبالتالي كل الوجوه مرشحة للتغيير حتما.
وفي هذا الاطار، تكشف معطيات المصادر ، ان النقاش جار حول صيغتين حكوميتين:
- الاولى : حكومة وحدة وطنية تمثل فيها الاحزاب انما عبر مقربين منها، لا يدينون بالقرار لها، انما يشكلون مصدر اطمئنان، تتوزع حصصها وفقا للاحجام، على ان يكون لدول القرار حق «الفيتو»، خصوصا في ما خص «الوزارات السيادية» الجديدة، كاشفة ان المحاصصة لن تعني باي شكل من الاشكال ان الامور ستكون «فالتة» كما درجت العادة، اذ ثمة اكثر من موقع من موظفي الفئة الاولى، منها قيادة الجيش وحاكمية مصرف لبنان، سيخضع اختيارها لشروط دولية صارمة، وبالتالي لن تكون محسوبة على اي طرف داخلي 100%.
- الثانية : عبارة عن حكومة تكنوسياسية، انما مختلفة بالكامل عن تلك التي عرفها لبنان، اذ تضم شخصيات عملوا في الشأن السياسي العام، الى جانب اختصاصيين ليسوا ببعيدين عن السياسة وشؤونها، وانما غير حزبيين.