تتفاقم الملفات العالقة لتزيد من حدّة الانقسامات بين الافرقاء السياسيين، وقبل ايام دخل الشارع ليلعب دوراً إضافياً ويزيد الشرخ من بوابة القضاء، بعد الخلافات التي طالته على خلفية التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، من قبل المحقق العدلي طارق البيطار، وتداعيات الاستدعاءات التي طالت مسؤولين امنيين وسياسيين بارزين وقضاة، الامر الذي خلق شارعين احدهما نادى به اهالي ضحايا المرفأ، بعد ردود فعل معاكسة من قبل المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات، الذي اطلق عدداً من الموقوفين في الملف، وعاكس بذلك قرار القاضي البيطار، ما وضع شارعاً مقابل شارع آخر، فأدى الى كباش قضائي غير مسبوق، حلّ ضيفاً ثقيلاً ومخيفاً الاسبوع الماضي على الساحة اللبنانية، مع ما نتج عنه من تداعيات كادت ان تشعل الوضع مع تطورات امنية ، مع ما رافق ذلك من إشكالات ومشادات كلامية بين عدد من نواب المعارضة وقوى “التغيير” ووزير العدل هنري خوري، الامر الذي ادى الى عدم إنعقاد مجلس القضاء الاعلى بسبب فقدان النصاب، فكان الحل المناسب في ذلك الحين كي لا يتطور الوضع الى ما لا يحمد عقباه.
في غضون ذلك، لا يبدو هذا الكباش ضمن تموضع بعيد المدى، لانه عائد الى ساحة قصر العدل ولو بعد حين، وعلى ما يبدو قابل لمزيد من الخلافات والانقسامات وردود الفعل، بعدما تقدّم يوم امس النائب علي حسن خليل بشكوى جزائية ضد القاضي البيطار، امام مدعي عام التمييز القاضي عويدات، واخرى امام التفتيش القضائي عن اخطاء مسلكية ارتكبها البيطار، بحسب ما جاء في الشكوى.
الى ذلك ووسط كل ما يجري، تعتبر مصادر سياسية مواكبة للملف القضائي بأن ما يحصل منذ الاسبوع الماضي لا يبشّر بالخير، بل بنهاية لتحقيقات المرفأ التي باتت في خبر كان، ورأت بأنّ الهدف الاول من كل تلك المشاهد، كان إخراج رئيس مصلحة الأمن والسلامة في مرفأ بيروت زياد العوف، من دائرة التحقيق ومن لبنان الى الخارج، خصوصاً انّ عوف يحمل الجنسية الأميركية، وترحيله جاء بناءً على طلب مباشر من السفيرة الاميركية، ضمن مسعى للملمة هذا الأمر بأسرع وقت، وافيد عن زيارات قامت بها الى المعنيين لحل قضيته ونجحت بذلك، ونفت المصادر المذكورة كل ما قيل عن سفر العوف الى الولايات المتحدة لإجراء فحوصات طبيّة، على ان يعود لاحقاً الى لبنان، واصفة ذلك بـ”النكتة”.
في المقابل، كان هنالك إتجاه فرنسي معاكس، اذ سجّل غطاء فرنسي للقاضي البيطار لما قام به من استدعاءات وادعاءات، والدفع باتجاه اصدار القرار الاتهامي سريعاً.
وعلى الخط اللبناني، يبدو الصراع كبيراً وغير بعيد، خصوصاً انّ المستجدات القضائية مرتقبة، ولا بدّ من وضع النقاط على الحروف وإيجاد الحلول الوسطية عبر تدوير الزوايا، كما تجري العادة في لبنان، وفي هذا الاطار يحذر مصدر أمني من اي إشكالات واعتصامات مضادة، وإلا ستكون العواقب في الانتظار، لذا سيستمر الجيش بالانتشار في بعض المناطق الحساسة لتهدئة الوضع، على غرار ما جرى يوم السبت في منطقتي الشياح وعين الرمانة، من إقفال للطرق بالاسلاك الشائكة منعاً لعبور المعتصمين، وعودة مشهد الطيونة من جديد الى الواجهة ، مع إشارة المصدر الامني الى إمكانية تكثيف هذه الاجراءات خلال الايام المقبلة.
في السياق، رأى نائب معارض بأنّ ما جرى مرشح للتفاقم قريباً، ضمن منحى تصاعدي اكبر ولفترة محدّدة، لكن في نهاية المطاف سيكون ملف المرفأ كغيره من الملفات الهامة التي اقفلت، لانّ نتائج التحقيقات لن تطلق في العلن، وسوف يُعمل على إقفال القضية، مذكّراً بما قاله وزير سابق قبل فترة على احدى شاشات التلفزة” بأننا سنبقى بين “القيل والقال” في قضية المرفأ، لفترة تقارب الاربع سنوات، ولن نعرف بالتأكيد هوية المسؤولين عن ذلك التفجير”!