مدير المركز الوطني لعلوم البحار لـ “الديار”: حركة المدّ والجزر في البحر طبيعيّة لا تستدعي الخوف والقلق…وستعود الى مجراها الفطري مع الوقت
ما كان ينقص المواطن الا “تسونامي” وزلزال يضرب البحر، بعد ظاهرة تراجع منسوب المياه متأثرة بحركة المد والجزر، والحديث عن هذه الواقعة يرعب سكان المناطق الساحلية.
العلم يفسر ان مرحلة المد يحدث منها ارتفاع وقتي تدريجي لمستوى مياه سطح المحيط او البحر. ومرحلة الجزر يحدث منها انخفاض وقتي تدريجي في مستوى مياه سطح البحر او المحيط. وهذه الحادثة تنجم عن التأثيرات المجتمعة لقوى جاذبية القمر والشمس وحركة دوران الأرض، التي تولد بعض القوة الطاردة المركزية عند خط الاستواء.
ما هو التسونامي ومتى يحدث؟
بحسب العلم والعلماء والباحثين في هذا المجال، فإن تسونامي موجة بحرية ناجمة عن إزاحة فجائية واسعة النطاق لجزء كبير من قاع البحر الى اعلى، وأكثر عواملها شيوعا الزلازل، كما انها قد تنجم أيضا عن أنشطة أرضية في قاع البحر، مثل الانجرافات الأرضية او الانفجارات البركانية.
والتسونامي كلمة تلفظ ” (T)SU:’ na: ml” او “سونامي” او “السّنامة”، والتي تعني مجموعة من امواج إعصاريه تنشأ من تحرك مساحة كبيرة من المياه مثل المحيط، ويحدث أيضا من الزلازل والتحركات الكبيرة، سواء على سطح المياه او تحتها، وبعض الانبعاثات البركانية والتدفقات تحت سطح الماء، والانهيارات الأرضية والزلازل المائية وارتطام المذنبات وانفجارات الأسلحة النووية في البحر.
هل من تسونامي في البحر المتوسط؟ وما تفسير ظاهرة المد والجزر في هذا التوقيت؟ وهل عادة تحصل؟ او مستهجن ونادر حدوثها؟ وما هو السبب المباشر لـ “هلع” المواطنين؟
مدير المركز الوطني لعلوم البحار التابع للمجلس الوطني للبحوث العلمية الدكتور ميلاد فخري يحسم الجدل لـ “الديار” ويقول: ” ان ظاهرة تراجع مستوى مياه البحر الذي نشهده هذه الأيام في بحرنا هو جراء حركة المد والجزر، والأخيرة تعتبر قوية جدا. وهذا الامر يعدّ مألوفا، غير ان هذه المرة قد تكون اقوى من سابقاتها ويعود الى صفاء الطقس، حيث لا يوجد رياح وامواج، وهو ما يجعل الامر جليا ومحط تساؤلات، وشكل علامة استفهام لدى المواطنين، الى حد ربطه بالزلزال الذي وقع في تركيا، وصولا للتكهن عن تسونامي او زلزال في البحر. فهذا الوضوح يكون لافتا وبارزا على الشواطئ المنخفضة والأماكن السطحية والدانية لتبدو منكشفة أكثر من أخرى”.
واقعة تحدث عادة.. ومع الوقت ستتضاءل
ويشير فخري الى ان هذه الحالة يشهدها كل البحر الأبيض المتوسط، والجدل فيها تضاعف بعد الحديث عن تقلص مياه البحر في مدينة “فينيس الإيطالية”، حيث علّل الواقعة بقوله “انها زيادة عن تراجع مياه البحر وخاصة في القنوات الصغيرة، لان موسم الشتاء كان ضعيفا، وبالتالي هناك انحسار للأمطار ما أدى الى نقص في تغذية مياه الشتاء”.
ويؤكد “ان حركة المد والجزر القوية التي يشهدها البحر ستبدأ بالانحسار نتيجة تموضع القمر والشمس والأرض، حيث ان جاذبية القمر تكون قوية في حال كان على مسافة قريبة من الأرض، وهذا ما يجعل جاذبية القمر والشمس على الأرض شديدة، وينتج منه هذا النوع من الجزر”، ويشير الى”ان الجزر يظهر جبّارا في هذه الأيام، هذا يتكرر لأكثر من مرة، ويمكن ان يكون قويا او أخف بقليل، ودائما عندنا مد وجزر، وهذه الحركة بديهية في البحر وليس لها أي علاقة بما يحدث من زلازل او تسونامي او أي شيء من هذا القبيل”.
ويوضح فخري “ان التسونامي ليقع، يجب ان يكون بزلزال في البحر، والذي يؤدي الى ارتفاع الموج وهذا لم يحدث. كما انه لم يتبين عن تسجيل أي زلزال في البحر، وما يحصل هو عملية تصبّ في اطارها الطبيعي، ولا يوجد ما يثير الخوف او من خطر على سكان الساحل”.
وطمأن المواطنين بأن “الحركة عادية، وان كان مشهد تراجع او انخفاض مستوى المياه اثار قلقهم، فان الأمور ستعود الى نصابها رويدا رويدا، وسنلحظ ان مياه البحر بدأت ترتفع، وهذه العملية تتعلق ببداية القمر ونهايته، التي تؤثر بحركة المد والجزر”.
علاقة الكواكب بالزلازل
ما علاقة الكواكب بالزلازل، يحسم فخري الجدل في هذا السياق بالقول: ” لا توجد علاقة بين حركة القمر والشمس والكواكب على حدوث الزلازل. وهذه التحركات تتشكل في باطن الأرض، ويوجد فوالق كثيرة، والضغوطات التي تحدث داخلها هي من تحرّكها وتؤدي الى الزلازل”. ويتابع: “الجيولوجيون يفسرونها بطريقة علمية ، وكل ما يجب على المواطن معرفته في هذا الإطار، انه في حال حدوث تسونامي في البحر يكون بزلزال قوي، ومن الممكن ان يحدث من جراء التسونامي، كما انه من الممكن لا”.
ويضيف: “لكن في البحار المغلقة تكون قوة التسونامي أخف من تلك التي تحدث في المحيطات، وحتى اللحظة لم يسجل حدوث أي منها”، ويشدد على “ان حركة المد والجزر، وخاصة الجزر الواضحة بقوة، هي حالة تنطبق على البحر المتوسط كله، ولا يمكننا ان نحصرها في صيدا او صور او في مناطق أخرى وانما تشمل كل لبنان، غير انها تبرز في أماكن أكثر من أخرى، لان المياه تكون اقل عمقا، واي انخفاض في مستوى مياه البحر يؤدي الى تراجع أكبر على منطقة سطحية أكثر من أخرى عميقة، كذلك في الأماكن المغلقة في البحر”.
لا تُلقوا بآذانكم للمنابر الفضفاضة
ويقول فخري: “اللبناني لم يعد يحتمل أي هزات، والأهم عدم الاصغاء للتنظير في هكذا قضايا حساسة ولها تأثير جارف في الناس. وهناك من يفتح المجال “للعلاّكين” الذين يرهبون المواطنين”. ويؤكد “من الطبيعي ان تتخذ الناس إجراءات في حال حدوث الهزات من خلال إرشادات الدفاع المدني والصليب الأحمر او الخبراء. والاهم عدم الاستمرار في الخوف غير المبرر، لأنه يوجد الكثير من القضايا المرعبة في حياتنا واقلها يؤثر سلبا في الجميع”. ويشدد على “ان الله وحده فقط من يعلم متى سيحدث الزلزال او التسونامي، وأنصح بالتعايش مع هذا الوضع الى جانب التقيد بالاحتياطات الضرورية”.
ويختم: “انا مدير مركز علوم البحار أقول ان الظاهرة التي نراها على شواطئنا لا تستدعي الخوف والقلق، وستعود الى مجراها الفطري مع الوقت، وهذه الحركة تحدث يوميا وشهريا وسنويا، وهي طبيعية ولا يوجد أي خطر على المواطنين”.