بعد إقرار زيادة محقة على رواتب موظفي القطاع العام والعسكريين والمتقاعدين والمتعاقدين 3 أضعاف بالرغم من مخاطر تمويلها، هل يمكن لموظفي القطاع الخاص الاستمرار من دون زيادات في ظل هذه الأزمة الخانقة؟.. وزير العمل مصطفى بيرم غير بعيد عن هذا الطرح بل أعلن أنه سيعمل على إعطاء زيادة للقطاع الخاص وأنه سيدعو لجنة المؤشر للاجتماع لمواكبة التطورات: فهل باتت الزيادة للقطاع الخاص قريبة؟ ما هو حجمها هل ستكون مقطوعة مع زيادة لبدل النقل؟ ما هو موقف الهيئات الاقتصادية؟ وكيف ستكون تداعيات الزيادات على سعر الصرف والتضخم؟!
في هذا الإطار، أكد مصدر مطّلع أن وزير العمل لديه رغبة صادقة للوصول الى إقرار زيادة للقطاع الخاص وأنه بالحقيقة لاقى إيجابية لدى لقائه مع رئيس الهيئات الاقتصادية محمد شقير إلا ان رغبة الوزير لم تترجم بعد ولم تصل الدعوة للاجتماع الى أعضاء لجنة المؤشر التي تضم بالإضافة الى الخبراء الهيئات الاقتصادية أرباب العمل والعمال. واستبعدت المصادر أن تجتمع اللجنة الاسبوع الطالع ولا الاسبوع الذي يليه لأن طرح الموضوع يحتاج الى تهييء الأجواء والى اتصالات لم تحصل بعد. وبالتالي فان موضوع الزيادة للقطاع الخاص مطروح بجديّة لكنه لم يوضع بعد على نار حامية.
وأوضح المصدر ذاته أن الزيادة للقطاع الخاص إذا حصلت من المرجح أن تكون مقطوعة كما حصل في المرتين السابقتين مع تعديل لبدل النقل وإيجاد آلية مختلفة لأنه لم يتم الاتفاق بعد على السلم المتحرك للأجور في لجنة المؤشر.
أما عن تداعيات الزيادة للقطاع العام على الكتلة النقدية كحجم وتأثيرها على التضخم، علق عضو هيئة المكتب الاقتصادي الاجتماعي د. أنيس بو دياب: معروف أنه كلما زادت الكتلة النقدية يزيد التضخم: فعليا كان الرهان الوحيد في تغطية نفقات الزيادة من زيادة إيرادات الدولة مع العلم ان هناك شكا في تحصيلها. المفترض أن تغطى زيادة الرواتب والأجور من الـ15 ألف للدولار الجمركي ولدولار الرسوم غير الجمركية منها الضريبة على القيمة المضافة وغيرها. لكن بسبب التأخّر في إقرار هذا الرسم الجمركي والكلام عنه لسنة في الإعلام، فان الهيئات الاقتصادية والتجار اشتروا وملأوا مستودعاتهم فلم تتحقق الإيرادات المرجوة في الموازنة خصوصا ان الأخيرة لم تصبح نافذة بعد كونها لم توقّع بعد من رئيس الجمهورية ولم تنشر في الجريدة الرسمية، مما يعني أن الزيادة في الإيرادات لم تزل حبرا على ورق.
وعن موضوع التأثير على سعر صرف الدولار مقابل الليرة، قال بو دياب: نحن ما زلنا في مرحلة عدم يقين الذي ينعكس غيابا للثقة مما سيؤثر في اتجاه تصاعدي للدولار وهذا ما نلاحظه في الواقع إذ ان الأمر الوحيد الذي يلجم صعود الدولار هي منصة «صيرفة» حيث يباع يوميا بين 60 و70 مليون دولار على سعر 29800 ليرة مما يلجم صعود الدولار. إذن سوء الثقة والتجاذب السياسي الحاصل وعدم تشكيل حكومة وعدم معرفة إذا كان سيحصل انتخاب رئيس أم لا، أضف الى ذلك الضبابية الواقعة في ملف ترسيم الحدود البحرية وعوامل أخرى تعطي إشارات سلبية للدولار وعدم يقين مما ينعكس زيادة الطلب على الدولار ويحتم ارتفاعه مقابل الليرة.
ولفت بو دياب الى ان التضخم اليوم لم يعد محليا بل مستوردا بسبب ارتفاع الأسعار عالميا من الحبوب الى النفط والغاز من أثر تداعيات الحرب الأوكرانية – الروسية. وقال: نحن نعيش في مرحلة زمنية جدا حساسة ولا بد من اتخاذ قرارات سريعة جدا لأن الأمور ذاهبة الى المزيد من التفاقم من الناحية الاجتماعية الاقتصادية وحتى الأمنية (نرى ما يحصل مع البنوك) وكل الأزمات تزداد تعقيدا مما يحتم بالبدء الجدّي بالإصلاح: إقرار القوانين المطلوبة لإعداد البرنامج مع صندوق النقد لأن الخلاص الوحيد هو بالإصلاح.
وخلص الى أن بدون إصلاح كل الزيادات على الرواتب والأجور مهما كبرت أرقامها تبقى بلا فعالية وبلا قدرة شرائية.