مع دخول الحوار مادة للسجال بين قوى المعارضة والممانعة، فإن ملف الرئاسة ليس مقدرا له أن يتقدم غلى الإطلاق، وأي حراك داخلي أو مبادرات محلية لا نتيجة فعلية لهما، في حين أن لا ملامح لأي تسوية رئاسية، والأمور تميل إلى السلبية أكثر فأكثر ولعل مصير ملف غزة هو من يرجح كفة التفاؤل أو التشاؤم الرئاسي.
وتقول مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» أن الأنظار كانت متجهة هذا الأسبوع إلى واشنطن حيث يقوم رئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بزيارة إليها، ومن المعلوم أن الملف اللبناني من ضمن الملفات التي تبحث حتى لو لم يُعلن عنها بشكل واضح. وهي شكلت موضع نقاش، مما لا شك فيه أن المعطيات المتوافرة حتى الآن تفيد انه على ضوء زيارة نتنياهو والجو الذي يعود به، قد ترتسم صورة للمرحلة المقبلة، إما تكون صورة تهدئة من خلال هدنة طويلة في غزة وفق الاتصالات التي تتم لخارطة الطريق الموضوعة بما في ذلك تبادل الأسرى، وهذه الهدنة يفترض أن تنعكس ايجابا على الوضع في الجنوب انطلاقا من أن كل الأطراف ولاسيما حزب الله وعلى لسان أمينه العام السيد حسن نصرالله قال أنه عندما تهدأ في غزة، تتوقف الحرب في الجنوب، وبالتالي فإن هذه الهدنة الطويلة وفي حال تم التوصل إليها تفتح الباب امام البحث في الوضع الحدودي ضمن خطة موضوعة، حصل تقارب بشأنها بين مختلف الأطراف لحل أزمة الحدود وتحديد الحدود بشكل نهائي، وعدم قيام تجاوزات وانتهاكات لهذه الهدنة.
وترى هذه المصادر أن المتفائلين بهذا الموضوع يؤكدون أن الهدنة ستقود حتما إلى فتح الملف الرئاسي من خلال دخول خارجي دولي على الخط المحلي وتحريك الجهد الداخلي من خلال اللجنة الخماسية والاتصالات التي تتم وزيارة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين إلى باريس واللقاء الذي عقده مع الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان المكلف بالملف الرئاسي من قبل الرئيس إيمانويل ماكرون. ويقول هؤلاء المتفائلون أنه إذا حصلت هدنة في غزة وانعكست بهدنة مماثلة في الجنوب، فإن الاتصالات السياسية تتحرك وفق المعطيات التي عملت عليها اللجنة الخماسية والاتصالات التي تتم خارجها بين الدول المعنية، كما يعرب هؤلاء عن اعتقادهم أنه خلال الفترة الممتدة بين نهاية تموز الجاري واواخر شهر آب يمكن أن تسفر الاتصالات عن تحريك الملف الرئاسي بحيث يمكن أن يكون هناك انتخاب رئيس الجمهورية أوائل أيلول المقبل قبل أن تدخل الولايات المتحدة الأميركية في غيبوبة الانتخابات الرئاسية، ويعطي هؤلاء مهلة أربعة أسابيع عمليا لإنجاز حل للحدود الذي لا يعد صعبا، بفعل قيام شبه تفاهم عليه في الاتصالات التي تمت وفي الموضوع الرئاسي يقوم جهد أكبر لتذليل العقبات والوصول إلى نتيجة.
اما في حال عدم حصول ذلك ومرت مهلة أيلول، فإن المصادر تتخوف من أن يترك الأمر إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية نظرا لإنشغال دول القرار بما فيها دول اللجنة الخماسية بأمورها الداخلية وعدم الإهتمام بالملف اللبناني، وبالتالي ما لم ينجز الاستحقاق الرئاسي قبل نهاية آب، فإن الموضوع قد يطول، أما بالنسبة إلى الفريق المتشائم، فإنه يرى أن ما من تطور إيجابي قد يسجل وأن الكلام الذي قاله نتنياهو في الكونغرس الأميركي لا يوحي بأنه يملك الاستعداد لبحث وقف إطلاق النار أو بهدنة في غزة، لأن السقوف التي طرحها مرتفعة لدرجة أنه يصعب في حال استمرار موقفه الوصول إلى حل إيجابي في هذا الإطار، وبالتالي فإن الفريق نفسه يرى ان الوقت سيمر من دون نتيجة وأن المخاوف على الوضع في الجنوب تبقى ماثلة طالما لم يتم وقف إطلاق النار في غزة والدخول في هدنة وانعكاس هذه الهدنة على الوضع في الجنوب.
وتفيد هذه المصادر أن المفتاح في الملف الرئاسي يبقى الوضع في غزة، ومن هذا الوضع يمكن أن تقوم تطورات إيجابية كما يمكن الدخول من خلاله إلى الأوضاع السلبية وساعتئذ يكون باب الاحتمالات مفتوحا على التصعيد أو تنوع المواجهات أو أمور خارجة عن إمكانية الضبط، معلنة أن الأميركيين منشغلون بالانتخابات الرئاسية، كما ان الفرنسيين منشغلون بترتيب الوضع الداخلي بعد انتهاء الألعاب الأولمبية، وهذا الوضع يجعل حال الترقب قائما، وترى أن بعض المطلعين يعتبر أن هناك فرصة يجب على لبنان عدم تضييعها في حال وقف إطلاق النار في غزة ودخلت الأمور مرحلة الهدنة وإن كانت طويلة، وبالتالي اقتناص هذه الفرصة وتسهيل هذه الهدنة في غزة بهدنة في لبنان وتسهيل الانتخابات الرئاسية، وهناك من يعتبر أن لا إمكانية في الوصول إلى هذه المرحلة والوضع يستمر إلى ما هو عليه، والانتظار إذ يراوده حالتان، حالة، تفاؤلية بامكانية الوصول الى هدنة في الجنوب تبعا إلى هدنة غزة واستطرادا يمكن أن يتحرك الملف الرئاسي بشكل حاسم، وحالة تعتبر أن الأمر صعب والمعطيات لا تدل على ذلك والمعطيات غير مشجعة، وبالنسبة إلى الذين بتمنون الوصول إلى حل في خلال شهر آب المقبل، يعتبرون ان هناك حاجة ملحة إلى انتخاب الرئيس من أجل تولي تكريس الاتفاقات التي ستنتج عن المفاوضات المتصلة بتحديد الحدود وإزالة النقاط الـ ١٣ المختلف عليها وهذا يتطلَّب وجود رئيس، يعني أن الإسراع في انتخاب رئيس البلاد يصبح أمرا واقعا، لكن ملف غزة هو المفتاح الموضوع ، واذا عاد نتنياهو بجو إيجابي أو تسهيلي متجاوبا مع الاميركيين، فهناك مجال للحديث، اما اذا بقي على موقفه فالأمور تراوح مكانها.