هبط الدولار فارتفعت أسهم بري.. وخبراء: مبادرة «المركزي» لعبة سياسية

Share to:

الأنباء الكويتية – عمر حبنجر

الهبوط السريع للدولار في سوق الليرة اللبنانية، فاجأ الوسط السياسي، ومثله الاقتصادي، من حيث التوقيت، وليس الفعالية، فتوقيت حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، المثير للجدل في لبنان وخارجه، لهذه الخطوة الاستدراكية، عشية اجتماع مجلس النواب لتجديد انتخاب رئيس مجلس النواب نبيه بري، ينطوي على لمسة وفاء من الحاكم، تجاه من وقفوا إلى جانبه، في مواجهة عاصفة العهد التي هبت بوجهه، عبر المطالبة الرئاسية بالتدقيق الجنائي في حسابات المصرف المركزي وحاكمه وكل من يلوذ به، إلى جانب المناداة بقبعه من موقعه.

أما من حيث الفعالية، فإن هبوط سعر الدولار، بتأثير الإغراءات التي عرضها سلامة لكل من يرغب في شرائه بسعر «صيرفة» الرسمي، لم يلازمه هبوط في أسعار السلع، التي واكبت الدولار في صعوده إلى مشارف الأربعين ألف ليرة، زعما من التجار أن بضاعتهم، اشتريت على السعر المرتفع وقبل الهبوط الذي تجاوز السبعة آلاف ليرة، في غضون ساعات معدودة من لحظة صدور تعميم الحاكم المركزي بفتح خزائن «صيرفة» لكل راغب في الحصول على الدولار، وحتى قبل موعد تنفيذه، غدا الاثنين، وعلى مدى ثلاثة أيام.

وزير المال يوسف خليل، رد هبوط الدولار الى «عوامل مختلفة سياسية وتجارية»، لكن رئاسة الحكومة نأت بنفسها، فيما رجح خبراء المال أن يكون هذا الهبوط السريع للدولار مؤقتا، ولتمرير ظرف سياسي معين.

ويقول الخبير وليد سليمان: التحدي بالاستدامة!، فيما وصف د. لويس حبيقة هذا الهبوط «بالمصطنع والمرتبط بعوامل مصطنعة، إنه إجراء موضعي وسط أزمة كبيرة»، ورأت أستاذة الاقتصاد النقدي ليال منصور أن تدخل المصرف المركزي كان متوقعا وهدفه لجم ارتفاع سعر الدولار، وليس تغيير مسار سعر الصرف.

وعن مصدر الدولارات التي قرر الحاكم المركزي «فلشها» عبر سوق «صيرفة» توقع الخبراء أن تكون من الاحتياطي الإلزامي للمصرف، أو من أموال التحويلات من الخارج، وبالنتيجة فهي مؤقتة، وبحسب موقع «الأنباء» الالكتروني التابع للحزب التقدمي الاشتراكي فإن د. منصور توقعت عودة سعر الصرف إلى الارتفاع.

ومن هنا، فإن التعميم الجديد لحاكم البنك المركزي، لن يكون ترياقا، إنما هي سياسات مؤقتة، بل هي لعبة السياسة بالدولار، لا بل هي «هرطقة» مالية لمصلحة الطبقة الفاسدة كما وصفها النائب فؤاد مخزومي.

ومقابل هبوط الدولار، ارتفعت أسهم الرئيس نبيه بري في بورصة رئاسة مجلس النواب، حيث توالت المشاورات بين «القوات اللبنانية» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» و«حزب الكتائب» و«حركة الاستقلال» وعدد من النواب التغييريين، والمستقلين، لتوحيد الموقف الانتخابي يوم الثلاثاء، وسط تمسك التغييريين والسياديين ومعهم «القوات» و«الكتائب» بوضع ورقة بيضاء، في صندوقة الاقتراع لرئيس المجلس.

وانضم نواب عكاريون إلى خط التصويت للرئيس نبيه بري، مع تبني ترشيح النائب سجيع عطية لنيابة رئاسة المجلس، وهو بالمناسبة مهندس زراعي.

مجموعة التغيير النيابية، قالت إن اجتماعاتها مفتوحة للتشاور، على ان تتخذ القرار المناسب يوم الثلاثاء.

مصادر «القوات اللبنانية» دعت إلى اعتماد نهج جديد في الممارسة الوطنية والسياسية، لأن النهج القديم أدى إلى الانهيار القائم، ولذلك فإن «القوات» تطالب بانتخاب رئيس للمجلس ونائبه والذهاب إلى تشكيل حكومة مختلفة عن كل المواصفات السابقة، عبر إبعاد الفريق الحاكم وتطبيق الدستور وإسقاط اتفاق الدوحة، أي إلغاء بدعة «الثلث المعطل»، وإعادة احياء المداورة في الوزارات، وإعطاء وزارة الطاقة لأي فريق آخر غير «التيار الحر» بحسب إذاعة «لبنان الحر».

ولاحظت صحيفة «نداء الوطن» ان البازار التشريعي الذي خاضه رئيس «التيار الحر» جبران باسيل مع «حزب الله»، انتهى إلى تسليمه بضرورة رفع الراية البيضاء، بمواجهة الرئيس نبيه بري، والمضي قدما في خيار النائب إلياس بو صعب لمنصب نائب رئيس المجلس النيابي، وأن بري خرج من هذه المعادلة منتصرا، خصوصا أن بو صعب هو مرشح «الثنائي الشيعي» المفضل لخلافة ايلي الفرزلي في هذا الموقع، ومعه يكون بري وصل إلى مبتغاه من دون الحاجة الى مقايضة الأصوات مع باسيل بين رئاسة المجلس ونيابة الرئاسة.

يشار إلى أنه تم رفع البلوكات الاسمنتية التي كانت تقفل المداخل الرئيسية لمداخل مبنى مجلس النواب تمهيدا لجلسة انتخاب رئيس المجلس الثلاثاء المقبل.

ويبقى أن المستقبل القريب والمتوسط، في لبنان، عسكريا في خط التهديدات الإسرائيلية المباشرة، وسياسيا في ضوء الاستحقاقات الحكومية والرئاسية اللاحقة.

فمجلس النواب الجديد، لا يستطيع أن يشرع مع حكومة تصريف اعمال، وحتى لو شكلت حكومة جديدة، فالتشريع فقاعة ماء، ما لم يقترن بالتنفيذ، والتنفيذ في زمن المنظومة القائمة، حلم ليلة صيف، فمكافحة فوضى الأسعار، لا تكون باختراع «مجلس للأسعار» على غرار مجالس الهدر والمحاصصة، ولا بالخفض غير المستدام لسعر صرف الدولار بل بتفكيك عرى المنظومة التي استباحت كل مقومات العيش التي لطالما تفاخر بها لبنان وجعلته قاعا صفصفا في نقده ومشافيه وجامعاته ومدارسه، وصولا إلى آخر السلسلة.

Exit mobile version