نضال العضايلة
في خطابه الذي ألقاه أمس لم يكن أمين عام حزب الله حسن نصرالله كما هي عادته، غابت عنه لغة الارتِياح، وفارقت الابتِسامة مُحيّاه، وبدا في بعض الأحيان مرتجفاً، وكأنه يدرك أن الناس لم يعودوا يصدقونه كما هي العادة.
وكالعادة، فإن جملته الشهيرة التي تعود إطلاقها في كل خطاب لم تغب عن خطابه المسجل، وهي أن الأيام القليلة المقبلة قد تحدث أمور من شأنها “تفجير” الوضع في المنطقة، داعيا إلى الترقب والانتباه والاستعداد “لما يجري”.
ولم ينسى السيد المنتظر أن يذكر بأن العدو (إسرائيل) بواقع مأزوم ويعاني انقساما داخليا حادا ونسبة لأي زمان مضى لم يكن بهذا الضعف والوهن، لذلك على حكومة العدو أن لا تقوم بخطوة نتائجها كارثية على وجود الكيان المؤقت”.
المتابعون لتصريحات ومواقف نصر الله يدركون أن الرجل مصر على أن يلقي الكلام جزافاً، وهو عندما يثير أمراً ما فإنه يريد من ورائه توجيه رسائل محددة إلى من يعنيهم الأمر، لهذا تجده يتحدث عن الداخل اللبناني وكأن من في الداخل مرهونون له ولسياسته، وان عليهم أن يتماشوا معه وان يقدموا له الولاء والطاعة، وتجده يتحدث عن إيران على إعتبار أنها سيدة العالم، وأنها المنقذ الوحيد الذي لا يمكن لأحد أن يقف بوجهه، وتجده يتحدث عن إسرائيل وكأن هذه الدولة ترتعب وتخاف من أسلحته الموجهة في الأصل إلى الداخل اللبناني، فيما لا نسمع حول إسرائيل الا طحناً، وجعجة على الفاضي والمليان.
نصر الله أراد في خطابه توجيه رسالتين، الأولى باتجاه إسرائيل والثانية باتجاه الداخل اللبناني، في الأولى إحراج القيادة الإسرائيلية سواء كانت على المستوى العسكري أو السياسي، والثانية إن حزب الله لن يتنازل عن طروحاته وأفكاره ومطالبه، وهو بهذا الكلام يوجّه تهديداً من خلال الإيحاء بأن الجمود الحاصل على الصعيد السياسي مرهون بسطوته وقدرته على إبقاء لبنان على ما هو عليه.
يقول زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، رداً على نصر الله : ان تصريح السيد حسن نصرالله وضع حدا لامكانية التفكير بالوصول الى تسوية حول الخط 23.
ويضيف جنبلاط : لقد دخل لبنان في الحرب الروسية الاوكرانية، لذا وتفاديا لاندلاعها فهل يمكن للسيد ان يحدد لنا ما هو المسموح وما هو الممنوع وذلك افضل من ان نضيع الوقت في والتخمين واحتياط المصرف المركزي يذوب في كل يوم”.
ولتفنيد بعض ما جاء في الخطاب، يقول حسن نصر الله، إنّ “من جملة إنجازات المقاومة في حرب تموز إسقاط المشروع الأميركي للشرق الأوسط الجديد”، معقولة؟ طيب كيف إذا كان هذا المشروع لم يسقط بعد، إنما يتم طبخه على نار هادئة في أكثر من مطبخ.
ويقول السيد، أنّ “من جملة إنجازات حرب تموز أيضاً إيجاد قواعد ردع بين لبنان والعدو الإسرائيلي”. طيب ماشي صدقناك، بس عندي سؤال، إسرائيل بدأت منذ فترة ببيع الغاز من حقل كاريش، وانت لا زلت تسجل الخطابات وتذاع على الملأ.
وتعليقاً على تهديد وزير الأمن الإسرائيلي، بني غانتس، بالسير إلى بيروت وصيدا وصور، قال السيد نصر الله إنّ “كل الإسرائيليين يدركون أنّ الكلام حول دخول لبنان فارغ”، طيب بتقدر تمنع الطائرات الحربية الإسرائيلية من الطيران فوق لبنان، لا اعتقد أن لديك القدرة على ذلك.
السيد نصر الله يقول أنّ “على الإسرائيلي، لدى إجراء حساباته للحرب، أن يأخذ بعين الاعتبار البيئة والقدرات والجغرافيا التي كلها مع المقاومة”، طيب ما احنا شفنا شو عملت إسرائيل في لبنان في ٩٦، ٢٠٠٦، ولولا وقوف كل الدول العربية مع لبنان لدمر لبنان عن بكرة أبيه.
ويلفت السيد إلى أنّ “أميركا اليوم هي غير أميركا في 2003 و2006″، قائلاً إنّ “رئيسها العجوز هو صورة عن أميركا التي دخلت مرحلة الشيخوخة”، ياااا لجنون العظمة لديك يا رجل، الا زلت تعتقد انك وايرانك يمكنك الوقوف في وجه هذه العجوز؟.
ويتوجّه نصر الله إلى المسؤولين اللبنانيين قائلاً: “لا تسمحوا للأميركي بخداعكم وإضاعة الوقت، طيب يا سيد مين اللي بيخدع اللبنانيين؟، ومين اللي مو شايف مسؤول لبناني بعينه؟، ومين اللي دمر لبنان سياسياً واقتصادياً وحتى اجتماعياً؟، من وراء المخدرات التي هي أحد المصادر المهمة لتمويل حزبك.
ويبدو أن الزعيم الشيعي ربيبة إيران يستجدي اللبنانيين وهو يضغط باتجاه موافقته على الذهاب إلى حرب أخرى مدمرة عندما يقول “لنكن كلبنانيين على موقف واحد نُسمعه للإسرائيلي بعيداً عن الأزقة والخلافات”، مؤكداً أنّه “إذا كان الخيار عدم مساعدة لبنان ودفعه باتجاه الانهيار ومنعه من استخراج الغاز، فإنّ التهديد بالحرب، بل والذهاب إليها، أشرف بكثير”.
ويتوجه السيد إلى اللبنانيين قائلاً : “أيها الشعب اللبناني، لقد وصلنا إلى نهاية الخط، ونحن لا ننتظر إجماعاً، ولن نتخلى عن الدولة”. عن أي دولة تتحدث ايها السيد، دولتك ام الدولة اللبنانية اللي دمرتها ولعنت ابو أبوها وذبحتها من الوريد الى الوريد.