لم يُسحب عنوان تأليف الحكومة في الأيام القليلة المتبقية على نهاية العهد الحالي من التداول السياسي، وإن كانت كل المؤشرات تؤكد على الانسداد حتى الساعة، إذ تعتبر أوساط سياسية مطلعة، أن الفرصة لا تزال متاحة أمام القيادات السياسية كافةً من اجل العمل على استلحاق المهلة الزمنية القصيرة أمامها لترتيب الوضع الحكومي، خصوصاً في حال بقيت الأوضاع على حالها بالنسبة لانتخاب رئيسٍ جديدٍ للجمهورية قبل نهاية الشهر الجاري. وتشير الأوساط، إلى أن التجاذب السياسي يتّجه إلى التنامي في المرحلة المقبلة، مع ما يحمله هذا الأمر من ترددات على الواقع المالي بالدرجة الأولى، وقد سبق وأن تلمّسها الجميع من خلال تحليق سعر الدولار أخيراً، والذي قد يكون مرشحاً للمزيد من الإرتفاع، في حال بقيت المواقف على حالها بالنسبة لتأليف الحكومة.
وتقول الأوساط نفسها، أن أكثر من سيناريو حكومي ما زال قيد التداول في الوقت الحالي، أبرزها، تجديد الثقة النيابية بحكومة تصريف الأعمال الحالية، ومن دون أيّة إضافات وتغييرات، أو الإتفاق بين كلّ القوى السياسية والحزبية المكوّنة للحكومة الحالية على إجراء تغييرٍ بسيط في الصيغة الحالية، ولكن شرط أن لا تتعدى التعديلات المقترحة أكثر من وزيرين، خلافاً لما كان مطروحاً خلال كل المفاوضات السابقة، حيث كانت تركّز الوساطة الأخيرة على تبديل ستة وزراء.
وبالتالي، تكشف الأوساط السياسية نفسها، عن أن الهدف من وراء تحديد أو حصر عملية التعديل بوزيرين أو ثلاثة على أبعد تقدير، يعود إلى ضغط المهلة الزمنية، لأنه في هذه الحال لن يكون الرئيس نجيب ميقاتي مضطر إلى إعادة كتابة بيانٍ وزاري جديد ، الأمر الذي قد يستغرق وقتاً طويلاً، وسيكون في استطاعته الحصول على الثقة النيابية من خلال تقديم البيان السابق، وهو ما سيكون متاحاً في الأسبوع المقبل قبل إقفال الباب على التشريع، حيث أن المجلس النيابي سيتحوّل إلى هيئة ناخبة يوم الجمعة المقبل في 21 الجاري.
وفي هذا المجال، فإن الباب ليس مقفلاً بالكامل أمام حسم الأزمة الحكومية، على حدّ قول الأوساط المطلعة، التي تتحدث عن ضغطٍ سياسي في أكثر من اتجاه، ويركز على توظيف الإيجابيات التي تحققت نتيجة إنجاز اتفاق ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، في تليين المواقف من قبل العهد من جهة، وميقاتي من جهةٍ أخرى.
لكن هذه المعطيات لا تعني بالضرورة أن الحسم الحكومي وشيك، حيث تلفت الأوساط نفسها، إلى أن المفاوضات تجري في الكواليس من خلال الوسطاء أنفسهم، ولو أن التوصل إلى حلحلة ليس أمراً أكيداً خلال الأيام المقبلة، ذلك أن المفاوضات لم تصل بعد إلى نقطة اللاعودة، والجهود مستمرة على أكثر من صعيد وكذلك الشروط موجودة، وما من تنازلات من قبل أي جهة معنية بالملف، على الرغم من خطورة ودقة الوضع الداخلي، وكأن الأوضاع طبيعية، والجميع يملك ترف الوقت والتجاذب السياسي.