إبراهيم ناصر الدين – الديار
الحداد المعلن اليوم، ليس على ارواح الضحايا، بل على بلد ودولة، يموت شبانها ونساؤها عبثا لاجل لا شيء، لن يعرف احد كيف اندلعت حرب الطيونة؟ ولماذا توقفت؟ كالعادة التحقيقات لن تصل الى اي مكان، «ضيعان اللي راحوا»، «الميني حرب» خلصت من «فوق» لكن ما انحلت من «تحت»، توقفت المواجهة العبثية بعد اتصالات سياسية وامنية وليس نتيجة حسم الجيش لمعارك الشوارع العبثية، سقط 6 ضحايا لن يعزي ذويهم كل الكلام الانشائي والعبثي لان الخسارة لا يعوضها شيء. «النار» ستبقى تحت الرماد» اذا تم لفلفة القضية، وجرى التعامل معها كانها حادث سير وتحتاج الى خبير لتحديد المسؤوليات وحجمها، فليس كل مرة «ستسلم الجرة»، من تبقى من لبنانيين متمسكين رغما عنهم بالبقاء «ضبوا الشناتي» بالامس، مهزلة يندى لها الجبين، قنص بدم بارد باعتراف وزير الداخلية، واقرار بغياب المعلومات الامنية، انه الوطن الهش فلا قيمة لحياة او ارزاق، الكل كان يرتجف بالامس مع خفقان قلوب الطلاب العالقين تحت طاولاتهم المدرسية يحتمون من قتلة لم يتعلموا الدرس من حمقى ذهبوا قبلهم «فرق عملة» صراعات لا جدوى منها وهي الطريق المثلى الى «جهنم» الحقيقية.
اسئلة دون اجابات؟
فهل ستطوى الصفحة مرة جديدة والعزاء لذوي الضحايا المظلومين؟ هل ستبقى المحاسبة ان جرت لبعض القتلة المارقين؟ وماذا عن القيادات السياسية المسؤولة عن هذه «المجزرة»؟ هل نحن امام بروفة دموية لحصد الاصوات في صناديق الاقتراع؟ «بئس» هكذا بلد تديره «الشياطين»، فيما تغيب الدولة بكامل مظاهرها، فكل الاجهزة الامنية مجتمعة لم تكن «تعرف»! وهل المسلحون القتلة كانوا اشباحا، ام معروفون بالاسم؟ لكن لا يجرؤ احد على توقيفهم؟ واذا كان الحديث دوما عن سلاح موجود لدى طرف بعينه ويصوب عليه كل يوم، فماذا عن السلاح الاخر؟ وهل من تفسير كيف استطاع مسلحو القوات اللبنانية من خوض مواجهة استمرت لخمس ساعات ونيف؟ فمن اين السلاح؟ اسئلة تبقى دون اجابات، ومن غير المرجح ان تخلص التحقيقات الى نتائج عملية، فبعد ساعات من القتال في الطيونة توقفت المواجهات اثر توافق سياسي على وقف المعارك التي بدات «بمجزرة» مفتعلة من قبل عناصر مسلحة تابعة للقوات اللبنانية اعتلت اسطح البنايات في محيط منطقة بدارو، بعد حصول اشكال في شارع فرعي حيث تم التعرض من قبل المتظاهرين للممتلكات الخاصة وجرت عملية تكسير لعدة سيارات ومحال تجارية كما اطلقت شعارات طائفية، مع مجموعة كانت تتجه نحو قصر العدل للتعبير عن الاعتراض على استنسابية القاضي العدلي في قضية المرفا طارق البيطار، فسقط 6 ضحايا ونحو 30 جريحا.
اطلاق نار «مدبر»
ووفقا للمعلومات، بات محسوما لدى الاجهزة الامنية ان عملية اطلاق النار باتجاه التظاهرة كان عملا مدبرا، وليس «بنت ساعتا»، بل نتيجة «فخ « امني نصب باحكام، بدليل الانتشار الواسع للقناصين على الابنية المحيطة بمسرح الاشتباكات، وكذلك الاصابات الدقيقة التي هدفت الى القتل العمد في صفوف الشبان حيث قتل اثنان منهم برصاصة في الرأس، وثالث برصاصة في القلب، واستمرت عمليات اطلاق النار من جانب واحد لنحو نصف ساعة، وتعرض الجيش المنتشر ايضا لرشقات نارية خلال محاولته الانتشار في موقع العمليات، وبعدها انفلتت الامور وتحولت الى اشتباكات مسلحة بين مسلحين تابعين للقوات وآخرين تابعين لحركة امل في الطيونة حيث استخدمت مجموعات أمل المسلحلة أسلحة رشاشة متنوعة واللافت كان اطلاق اربع قذائف بـ7 في الهواء.
اين الامن الوقائي؟
ووفقا لمصادر سياسية بارزة، فان الاسئلة المثيرة لعلامات الاستفهام كثيرة، اولها غياب الامن الاستباقي الذي سمح بحصول «المجزرة» دون ان تملك اي من اجهزة الاستخبارات على مختلف تلاوينها اي معلومة حول الاستعدادات العسكرية المسبقة في المنطقة المحيطة في الطيونة، لارتكاب هذه المجزرة، وهذه «الثغرة» مثيرة للقلق خصوصا انها المرة الثانية التي يحصل فيها تقصير استخباراتي بهذا الحجم بعد احداث خلدة، وعلم في هذا السياق، ان التحقيقات الداخلية بوشرت لمعرفة اسباب هذا الخلل في عملية الاستعلام، وتقدير المخاطر، وطلب من قادة الاجهزة الامنية تقديم ايجابات واضحة عن اسباب الاخفاق في تقارير رسمية وموثقة اليوم.
ايجابية وحيدة!
ولفتت تلك الاوساط، الى ان النقطة الايجابية التي يمكن تسجيلها في خضم هذه الاحداث الدموية، ان رقعة الاشتباكات ظلت محصورة في نطاق جغرافي ضيق، ولم تتمدد المواجهات الى محاور اخرى ذات حساسية عالية في تلك المنطقة، او الى مناطق اخرى خارج منطقة التوتر.
من اين سلاح «القوات»؟
ومن الاسئلة المثيرة للقلق، حجم القدرة العسكرية عند القوات اللبنانية التي خاض مسلحوها بالامس معركة متواصلة لنحو خمس ساعات، استخدموا فيها قنابل يدوية، وقنابل «انيرغا»، واظهروا قدرات قتالية منظمة، وهذا ما يطرح علامات استفهام حيال مصدر هذه الذخائر، واماكن تخزينها، وكذلك اماكن تدريب هؤلاء الشبان اليافعين الذين يفترض عدم خوضهم حروبا سابقة. لكن يبقى الاهم من كل ذلك، سؤال محوري حول توقيت اتخاذ قيادة «القوات» القرار بكشف المستور العسكري في هذا التوقيت! فهل هو مجرد تحسين «دموي» لحظوظ مرشحي القوات الانتخابية؟ ام تقديم «اوراق اعتماد» لجهات خارجية؟ اسئلة تعمل الاجهزة الامنية على «فك طلاسمها» وسط تاكيدات بان «المغامرة» هذه المرة ستكون مكلفة للغاية.
المتورطون في «المجزرة»؟
ووفقا للمعلومات، باتت لدى الاجهزة الامنية معلومات كافية عن المتورطين في اطلاق النار على المتظاهرين عرف منهم ج. ت، و ر. ت، ن. ت، وت. م، اما القيادات الامنية والعسكرية «القواتية» المتورطة فعرف منهم ا. ن، وش. ب، اما الحضور الابرز فكان للمدعو ب.ج وهو قائد الصدم سابقا، ومسؤول امني في معراب. وقد تمكنت القوات المؤللة للجيش من توقيف مجموعة من القواتيين في منطقة جبل لبنان، كانت منتشرة بكامل اسلحتها، وتجري التحقيقات وفق الاصول.
كيف تعامل «الثنائي الشيعي»؟
وفيما انشغلت قيادتا حزب الله وحركة امل لمعالجة تداعيات المجزرة، وحصل التحرك على مستويين الاول ميداني لضبط جمهور «الثنائي الشيعي» وعدم الانزلاق الى الفتنة، بعدما طالت الاشتباكات على نحو غير مرغوب فيه، والثاني التواصل مع القيادات الامنية والسياسية لمعالجة الموقف على نحو جاد ودون مواربة، وطلب من قيادة الجيش التدخل على نحو حاسم لمواجهة المسلحين القتلة وسوقهم الى العدالة…
ماذا لو خرجت الامور عن السيطرة؟
هي المرة الثانية بعد جريمة خلدة، تسيل فيها الدماء ظلما وعدوانا ومع سابق تصور وتصميم، والمطلوب «نضج» ووعي من جانب واحد للمخاطر، تقول اوساط «الثنائي»، ليس مقبولا ان نكون نحن فقط «ام الصبي»، فاين مسؤولية الاخرين ووعيهم لمخاطر ما ترتكبه ايديهم؟ وهل بالامكان الرهان دوما على القدرة على ضبط الشارع؟ وماذا لو خرجت الامور عن السيطرة؟ هناك من يريد ذلك ويسعى اليه، ولن نمنحه ما يريد، تقول تلك المصادر، لكن لا يمكن ان يبقى بعيدا عن المحاسبة، ولن يكون كافيا هذه المرة محاسبة القتلة الصغار الذين نفذوا الجريمة، ثمة قيادة سياسية اتخذت قرار الفتنة عن سابق تصور وتصميم ويجب ان تدفع الثمن، لان ما ارتكبته خطير جدا جدا، ولا يمكن ان تطوى الصفحة هذه المرة على «زغل»، واليوم يجب على القيادات الامنية، والسياسية، والقضائية، ان تتعامل دون «قفازات» مع هذه الجريمة وعدم المسايرة في ملف لا يحتمل «المزاح»، بعدما بات البعض يستسهل اللعب «بالدم» خدمة لاجندات خارجية، والمتورطين معروفون بانتمائهم للقوات اللبنانية، والاتهامات موثقة وليست جزافا.
عون اتصل ببري وجعجع
في هذا الوقت، اجرى رئيس الجمهورية ميشال عون اتصالات شملت رئيس مجلس النواب نبيه بري حيث عزاه بالضحايا، واتفق معه على التهدئة، كما اجرى اتصالا هاتفيا مع رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، باعتباره الطرف الثاني في المواجهات المسلحة، وبعد لقائه قائد الجيش جوزاف عون للاطلاع على آخر التطورات الامنية والعسكرية، وجّه عون كلمة إلى اللبنانيين أكد فيها أنه ليس مقبولا ان يعود السلاح لغة تخاطب بين الافرقاء اللبنانيين، واكد إنّ ما جرى ليس مقبولاً، وفي «غمز من قناة» الثنائي الشيعي لفت عون إلى أنّ الشارع ليس مكان الاعتراض، لكنه اشار الى انّ نصب المتاريس أو المواقف التصعيديّة لا تحمل هي الأخرى الحل، وشدد على أنه ما من أمر لا حلّ له، وحلّه ليس الا من ضمن المؤسسات وكذلك من خلال الدستور الذي ما من أمر يُعلى عليه، لا التهديد ولا الوعيد.
اتهامات متبادلة
وفيما اتهمت قيادتا حزب الله وحركة أمل مجموعات مسلحة من حزب القوات اللبنانية، باطلاق النار على «المشاركين في التجمّع السلمي أمام قصر العدل»، تنصل رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع من الاحداث محملا المسؤولية «للسلاح المتفلت» واصدرت الدائرة الإعلامية في «القوات» بيانا دعت فيه الجيش الذي كان شاهدًا على الاحداث أن يصدر بيانًا مفصلاً يوضح فيه ملابسات ما جرى كلّه.
روايتان للجيش؟
وبعد بيان صباحي من قيادة الجيش أعلنت فيه أنه خلال توجّه محتجين إلى منطقة العدلية، تعرّضوا لرشقات نارية في منطقة الطيونة – بدارو، وقد سارع الجيش إلى تطويق المنطقة، اصدر مساء بيان عدل في الرواية واشار الى انه وأثناء توجّه عدد من المحتجين إلى منطقة العدلية للاعتصام، حصل اشكال وتبادل لإطلاق النار في منطقة الطيونة- بدارو، ما أدى إلى مقتل عدد من المواطنين وإصابة آخرين بجروح. واعلن توقيف تسعة أشخاص من كلا الطرفين بينهم سوري. وباشرت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني، بتكليف وإشراف مباشر من مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي، بإجراء تحقيقات ميدانية بشأن الاشتباكات.
المولوي حاسم !
من جهته كان وزير الداخلية بسام المولوي حاسما في مؤتمر صحافي بعد الاجتماع الاستثنائي لمجلس الأمن المركزي حيث اكد، إن «الإشكال بدأ بإطلاق النار، من خلال القنص، وأصيب أول شخص في رأسه وهذا الأمر غير مقبول، وإطلاق النار على الرؤوس يعد أمراً خطيراً جداً. وقال مولوي إن «منظمي المظاهرة أكدوا لنا سلميتها، والجريمة التي حصلت كانت في استعمال القنص، وتفاجأنا بأمر خطير هو إطلاق النار على الرؤوس». وقد تابع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الدفاع موريس سليم الاوضاع من غرفة عمليات قيادة الجيش في اليرزة.
البيطار لن يتراجع!
وفي ملف تحقيقات المرفا، سيكون متعذرا على القاضي طارق البيطار استدعاء النائبين غازي زعيتر ونهاد المشنوق، قبل يوم الثلثاء المقبل بسبب عطلة نهاية الاسبوع، وعطلة عيد المولد النبوي يوم الاثنين، لكن المفارقة تكمن في ان يوم الثلثاء يدخل مجلس النواب بعقده العادي وتعود الحصانة للنواب ما يطرح اشكالية قانونية حول ملاحقتهم. لكن اوساط قضائية مطلعة اشارت الى ان القاضي بيطار لن يتوقف عن ملاحقة النواب وسيعتمد على فتوى قانونية تشير الى ان الملاحقة بدات قبل العقد العادي ويمكن ان يستمر فيها. كما سربت معلومات عن عدم تراجع البيطارعن مواقفه في الملف بعد احداث الطيونة الدامية، لانه لا يتحمل مسؤولية عن من دعا للتظاهر او من اعطى الاوامر لاطلاق النار.
البحث عن مخرج قانوني مستمر؟
في هذا الوقت، لا تسوية سياسية بعد للازمة في ظل تمسك رئيس الجمهورية بعدم التدخل بعمل القضاء، لكن البحث جار عن حل قانوني يعمل عليه وزير العدل هنري خوري الذي يتولى إعداد صيغة تلو أخرى، لعله يتمكن من تسويق تسوية تحظى بتأييد أطراف النزاع الصيغ الجوالة التي ما زالت موضع أخذ وردّ، ووفقا لمصادر مطلعة، فان المخرج يحتاج الى وقت وليس سهلا، وسيكون هناك دور فاعل للتفتيش القضائي في حسم الامور. وفي هذا السياق، كانت لافتة تغريدة للنائب السابق وليد جنبلاط الذي اجرى اتصالا ببري، قال فيها ان الغرب يريد تحميل لبنان وحده مسؤولية المحكمة في انفجار بيروت فلتتفضل الدول الغربية الصديقة نظريا للبنان بتقديم معلومات حول كيف أتت النيترات إلى لبنان!
«نصيحة» اميركية حول الترسيم؟
وبينما كانت المواجهات مشتعلة، صوبت نائبة وزير الخارجية الأميركية، فيكتوريا نولاند نيرانها على طهران وبعد جولتها على المسؤولين اللبنانيين، قالت ان «أميركا ستدعم الجيش اللبناني بـ 67 مليون دولار»، معتبرةً أن «مبادرات إيران تجاه لبنان بشأن الطاقة ترهات وفرقعات اعلامية، واحد الحلول لازمة الطاقة التي تعكف عليها واشنطن مع السلطات اللبنانية يشمل البنك الدولي ودعما انسانيا… ووفقا لاوساط مطلعة تصدر ملف ترسيم الحدود المحادثات مع رئيس الجمهورية ميشال عون الذي ابلغ نولاند أن لبنان «راغب في معاودة المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل لاستكمال عملية التنقيب عن النفط والغاز في مياهه الإقليمية، وقد سمع «نصيحة» من الدبلوماسية الاميركية بعدم اتخاذ اي خطوة «استفزازية» قبل زيارة الوسيط الاميركي الى المنطقة، اي طلبت على نحو مباشر عدم توقيع مرسوم تعديل الحدود الى الخط 29!