من باريس يريد الرئيس نجيب ميقاتي إطلاق مسار عمل حكومته. فزيارته الفرنسية أكثر من رمزية على صعد مختلفة: شخصية، معنوية، سياسية، واقتصادية. ويريد ميقاتي من زيارته الإيحاء بأن الحكومة تتمتع بقوة دفع دولية. فلم تنتظر فرنسا عقد أول جلسة لمجلس الوزراء لتحديد موعد الزيارة.
الكهرباء وصندوق النقد
في لقائه الرئيس الفرنسي يبحث ميقاتي في برنامج عمل الحكومة، وتحديداً المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، خطة الكهرباء، وبرنامج الدعم الدولي الإنساني للبنان، والذي سعت باريس إلى تحقيقه سابقاً، وتصل قيمته إلى 350 مليون دولار.
وفي المقابل يستفيد ماكرون من هذه الزيارة للقول إنه نجح في لبنان بتطبيقه المبادرة الفرنسية، سياسياً وحكومياً. ومهمة الحكومة حالياً هي تطبيق المبادرة بمندرجاتها الاقتصادية والمالية. وهناك حماسة لدى ميقاتي لطرح ملف خطة الكهرباء في جلسة مجلس الوزراء الأولى الأسبوع المقبل. وهو يعتبر أن انطلاقة حكومته الأساسي ترتبط بما يمكن تحقيقه في خطة الكهرباء. فهي الأزمة الداهمة التي تهدد القطاعات اللبنانية كلها.
ويريد ميقاتي أن يستعجل تحقيق هذا الإنجاز. ومعروف أن هناك عرضين مقدمين من شركتي سمينز وجنرال إلكتريك. ولكن لا بد من معرفة حقيقة الموقف الفرنسي إزاء خطة الكهرباء هذه.
ويعوّل ميقاتي عن تفاهم حصل بينه وبين جبران باسيل في العشاء الشهير الذي جمعهما في 24 تموز. فتفاهما على جملة نقاط أبرزها خطة الكهرباء. وهذا التناغم ظهر خلال مناقشة البيان الوزاري. ففي مقاربته الخطة حرص ميقاتي على عدم تحديد المعامل بدير عمار والزهراني فقط، وترك المجال مفتوحاً لإرضاء باسيل في مسألة معمل سلعاتا الذي يتمسك به. وهنا لا بد من الإشارة إلى برامج دولية عديدة رفضت بناء معمل في سلعاتا، لأن لبنان لا يحتاج إلى معامل ثلاثة، بل إلى اثنين فقط.
طريق الألغام
وملف الكهرباء هو امتحان الحكومة الأول: مدى انسجام وزرائها المختلفي التوجهات. وهنا القرار الفيصل الذي يمكن من خلاله اكتشاف مسألة امتلاك طرف ما فيها الثلث المعطل. وهنا يكمن بيت القصيد: تطمينات حزب الله لرئيس التيار العوني جبران باسيل بأنهما في خندق واحد، ولن يتخلى الحزب عينه عن التيار.
وهذا ينطبق أيضاً على ملف التدقيق الجنائي، وملف التفاوض مع صندوق النقد الدولي. وهناك من يعتقد أن الحكومة ستتحول حلبة صراع كبير بين القوى المختلفة المكونة منها. وذلك ينطبق على ملف التحقيق في انفجار المرفأ، والذي بدأ يأخذ منحى تصعيدياً خطراً، فيما يصر القاضي البيطار على الاستمرار في تحقيقاته حتى النهاية، بينما المدعى عليهم عملوا على تقديم دعاوى قضائية للإطاحة به.
وتشير هذه العناوين كلها إلى أن طريق الحكومة لن تكون معبدة بالورود. لا بل مزروعة بألغام كثيرة. وهي لا تقتصر على هذه العناوين، بل ترتبط أيضاً بملف ترسيم الحدود الآخذ في التفاعل، ولا مؤشرات حتى الآن حول كيفية إيجاد المخرج الملائم له.