“الديار” استطلعت آراء المواطنين حول إقرار الموازنة: 60% يجدونها ظالمة
و40% يرونها تصبّ في إطار زيادة الرسوم و “ترقيع التفكك المالي”
طبقا لخبراء في المجال الاقتصادي والمالي، فان الموازنة العامة هي البيان المالي السنوي لجميع إدارات الدولة ومؤسساتها. وتقوم الحكومة بإعداد تقرير يحتوي على إيرادات الدولة (مصادر دخلها) ومصروفاتها أي (كل ما يتم انفاقه)، الى جانب وضع آلية تفصيلية تتضمن النفقات العامة التي يستوجب صرفها خلال عام مالي مقبل، وتحديد البرنامج الزمني الذي يوضّح تقدم سير العمل أثناء العمليات المختلفة. كما ينبغي الكشف عن الميزانية النقدية للخطة المتّبعة من اجل تقليص الدين العام، وتحقيق إيرادات مالية لإدارة العوائد الوطنية، وذلك بالاستفادة من المرافئ والموارد وابرام العقود مع شركات خاصة، بقصد استغلال المرافق العامة مثل الأملاك البحرية وغيرها، بغية تطوير النواحي الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية في البلد.
المصير مبهم!
وطبقا للخبراء، فإنه يجب على الدولة التطلع الى المستقبل وتنمية البرامج الحكومية من خلال الخطة العامة التي وضعتها. على الصعيد المحلي، لم تمض أيام على إقرار موازنة العام 2024 والتي كانت مخيبة لآمال اللبنانيين، حتى ان كثرا أحبطوا جراء الضرائب التي تضخمت عشرات المرات. فالحكومة لم تضع الأهداف الاستراتيجية للموازنة بحسب الوقت اللازم لتنفيذها، كما لم تحدد كيفية العمل لكل مبتغى او ضريبة ذكرتها، ولم تُسَمِّ المستلزمات المطلوبة والكلفة المالية للوقت المطلوب لإنجاز كل مرحلة من المراحل.
تغييب مقصود!
مصدر رسمي رفيع قال لـ “الديار”: “الغاية من الميزانية هو تفصيل المدخولات ونفقات الحكومة في سنة معينة، وتقوم الحكومة بعرض النفقات المتوقعة، وارفاق التقديرات بشأن تمويل أصول الميزانية أي الترقبات بخصوص مدخولات الدولة”. وأشار الى “ان حكومة تصريف الاعمال لم تضع سلم أولويات، بل قامت بفرض المزيد من الضرائب، ولم تدرس إمكانية تحمل المواطنين للنفقات المستجدة والمستحدثة في ظل عدم تصحيح الأجور، سواء في القطاع العام او حتى الخاص”.
اضاف المصدر: “ليس خافيا على أحد ان الحكومة بدأت منذ العام الماضي بتحصيل ضرائب مباشرة وغير مباشرة بدءا بالماء والكهرباء والنافعة (هيئة إدارة السير) والمركبات والاتصالات والنفايات المنزلية. وعلى الرغم من التعديلات التي أجرتها “لجنة المال” النيابية فان عائدات الخزينة قائمة على جباية الضرائب بدلا من عوائد المشاريع الاقتصادية، ولذلك أقر مجلس النواب المواد من 70 الى 77 ، ومنها تلك المتعلقة بالرسوم على المعاملات الخارجية واخراجات القيد ورسوم على خروج المسافرين والسيارات الجديدة الصديقة للبيئة والضرائب تضخمت اضعافا عديدة”.
الموازنة لم تراعِ التدهور النقدي
وتابع المصدر “فوق ذلك وافق مجلس النواب على موازنة الدولة للعام 2024 رغم الانهيار الاقتصادي الحاصل في البلد منذ العام 2019، والضرائب التي فرضت لم تلحظ حقوق محدودي الدخل، فهناك فئة لا تزال تتقاضى رواتب بحدود الـ 3 ملايين ليرة لبنانية، ومنهم عناصر الجيش والأجهزة الأمنية”.
بالإضافة الى كل ما تقدم، يعتبر المراقبون ان الموازنة وضعت رسوما على خدمات وهمية، ناهيك بمضاعفة الضرائب على المداخيل واعفاء الميسورين منها، كما تجاهلت التهرب الضريبي والجمركي.
غضب شعبي!
وفي موازاة ذلك، استطلعت “الديار” آراء المواطنين حول إقرار الموازنة وتعديل بعض المواد وفرض ضرائب إضافية، وجاءت النتيجة كالآتي:
– 60 % من اللبنانيين يرون ان إقرار الموازنة في مثل هذا الوقت العصيب امنيا ومعيشيا هو امر ظالم، معتبرين ان الهدف من إنجازها هو لفرض المزيد من الغرامات، فجميع المسؤولين يسعون الى افقار المواطن واذلاله، وكل ما يجنيه يذهب في نهاية الشهر ليسدد به ضرائب مضاعفة وغير منطقية وغير منصفة.
– 40% قالوا ان الموازنة وهمية “وما رح تشيل الزير من البير”، وخصوصا أنها لم تأخذ بعين الاعتبار الأوضاع الأمنية المتأججة في المناطق الحدودية الجنوبية، وارتفاع اسعار السلع والمواد الغذائية الضرورية وانعدام القدرة الشرائية بسبب انهيار قيمة العملة الوطنية. لذلك فإن الاضطراب المعيشي سيتضاعف ويشتد، لان هذه الميزانية لا تصب في مصلحة المواطن وانما في جيوب الوزراء والزعماء والسياسيين.
وقال البعض: “وكأننا نعيش في بلد متسول يفتقر الى أدنى مقومات العيش الكريم”.
استحداث غرامات جديدة… ترقيع الانهيار
بالموازاة، أوضحت مصادر مالية “ان الحكومة استحدثت غرامات جديدة، وبدلا من تخفيف وطأة الازمة المعيشية ضاعفت الرسوم بعد تعديلها عشوائيا، من دون النظر بالأوضاع الاقتصادية المزرية السائدة منذ نحو 4 سنوات تقريبا، وقامت باحتساب معظم الضرائب على سعر 89 ألف ليرة، وذلك بما يؤمن بدلات الخدمات العامة. ورغم الزيادة التصاعدية للغرامات فإن الخلل لا يزال موجودا في رواتب موظفي القطاع العام وأيضا الخاص، في ظل الركود في مختلف القطاعات المعيشية والحياتية”.
ووفقا لخبراء في مجال الاقتصاد، فان الموازنة التي اقرت في موعدها الدستوري لم تنطلق من رؤية اقتصادية واضحة المعالم والأرقام والحسابات والبيانات، لذلك تفتقد الشفافية.
على مقلب آخر، هناك من يرى ان الموازنة شملت بعض التعديلات الإيجابية لجهة زيادة بعض الغرامات والرسوم على أصحاب المصالح، ورغم ذلك بقيت الموازنة من دون إصلاح حقيقي، خصوصاً على الصعيد الضريبي، حيث الضرائب غير المباشرة مثل الرسوم الجمركية والعقارية.