أعلن الجيش الأوكراني أنّ ضربات جوية روسية استهدفت سومي وماريوبول وبولتافا، كما أكّد وقوع هجوم على قاعدة عسكرية قرب العاصمة كييف. وأضاف أنّه تمّ استهداف أراضي البلاد بصواريخ “كروز” انطلاقاً من البحر الأسود. وكانت “رويترز” قد أفادت عن سماع دوي إطلاق نار قرب مبانٍ حكوميّة في كييف. وأفادت وسائل إعلام أوكرانية بأن الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي يقود شخصيا جهود الدفاع عن العاصمة كييف.
وظهر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في فيديو مصوّر من أمام مكتبه في كييف، بعد أخبار تمّ تداولها وتحدّثت عن إمكانية مُغادرته العاصمة.
وقال: “أنا هنا في كييف.. سنحمي بلدنا ومواطنينا وأطفالنا.. سنحمي أوكرانيا.. المجد لبلدنا”، مشدّداً على أنّ الجيش الأوكراني لن يترك ساحة المعركة، ونحن لن نلقي السلاح”.
كما وجّه زيلينسكي تحية للجيش والأجهزة الأمنية وجميع المدافعين عن أوكرانيا.
كما توقّف عمل مترو كييف خوفًا من تعرّض المواطنين لإطلاق النار، جراء القصف المتواصل الذي تشهده العاصمة.
وتُطالب السلطات سكان كييف بالتزام المنازل وتجنّب النوافذ بسبب القصف.
الى ذلك، ما زال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مستمرّاً بعدوانه العسكريّ على أوكرانيا، في محاولة لقلب نظام الحكم فيها وتنصيب ديكتاتور مُطيع ليكون بمثابة “دمية” يُحرّكها الكرملين كما يشاء في كييف، التي باتت شبه محاصرة من الجيش الروسي، لكنّ روح المقاومة فيها مرتفعة من أعلى رأس السلطة إلى آخر مواطن عادي في الأزقّة المنسيّة من العاصمة. حيث فتح الجيش مخازنه أمام المواطنين لحمل السلاح وما أمكن من ذخيرة للقتال “باللحم الحيّ” وجعل كلّ متر مربّع من المدينة مكْلفاً للغاية على “القوّات الغازية”. وعلى الرغم من أن التقديرات العسكريّة تُرجّح سيطرة الجيش الروسي على العاصمة، إلّا أن السؤال يكمن بحجم الكلفة البشريّة والماديّة والديبلوماسيّة التي ستتكبّدها روسيا من جرّاء ذلك.
ويتوقّع مراقبون أن تكون كييف أمام أيّام عصيبة بعد تطويقها من أكثر من اتجاه واحكام القوّات الروسية سيطرتها على مطار غوستوميل الإستراتيجي الواقع على مشارف العاصمة من الجهة الشمالية الغربية، حيث أنزلت روسيا مظلّيين في المنطقة، في وقت تتعرّض فيه المدينة إلى قصف روسي مكثّف لاخضاعها وتمهيد الطريق أمام القوّات البرّية للبدء بعمليّة اقتحامها من محاور عدّة. وفي خضمّ المعارك الضارية في أوكرانيا على أكثر من جبهة، أعلن الأمين العام لـ”حلف شمال الأطلسي” ينس ستولتنبرغ أنّ التحالف بدأ نشر عناصر من “قوّة الردّ” التابعة له بهدف تعزيز قدراته الدفاعية والإستعداد للردّ سريعاً على أيّ تطوّر مفاجئ.
وإذ أكد ستولتنبرغ أن القوات الأوكرانية “تُقاتل ببسالة وهي قادرة على تكبيد القوات الروسية الغازية خسائر”، قال للصحافيين عقب قمة افتراضية عقدها الحلف: “نحن ننشر للمرّة الأولى قوّة الردّ الدفاعي الجماعي لتجنّب أيّ توسّع (للنزاع) إلى أراضي الحلف”، محذّراً من أن هجوماً إلكترونيّاً ضدّ إحدى الدول الثلاثين الأعضاء في الحلف يُمكن أن يؤدّي إلى تنشيط الدفاع الجماعي للحلفاء. كما حذّر من أن “أهداف الكرملين لا تقتصر على أوكرانيا”.
وفي السياق، أعلن قادة “الأطلسي” في بيان نُشِرَ بعد القمة أنّهم يقومون الآن “بعمليات انتشار دفاعية إضافية كبيرة للقوات في الجزء الشرقي من أراضي الحلف”، في حين كشف البنتاغون إرسال لواء مدرّع إلى ألمانيا، ما سيرفع عدد الجنود الأميركيين المنتشرين في أوروبا إلى 100 ألف جندي. كما أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قرار تسريع نشر مئات الجنود الفرنسيين في رومانيا وإرسال كتيبة جديدة إلى إستونيا.
وفي ما يتّصل بالعقوبات، أعلن البيت الأبيض أنّ الولايات المتّحدة ستحذو حذو الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وتفرض عقوبات على بوتين ووزير خارجيّته سيرغي لافروف، موضحاً أن منع السفر إلى الولايات المتحدة سيكون جزءاً من هذه العقوبات. واعتبر أنّه إذا حاولت القوات الروسية استهداف الرئيس الأوكراني فإنّ ذلك سيُشكّل “عملاً مروّعاً”.
وكانت الحكومة البريطانية قد جمّدت الأصول العائدة إلى بوتين ولافروف، فيما منعت أيضاً الطائرات الروسية الخاصة من التحليق في أجوائها أو الهبوط في مطاراتها. كما اتفقت دول الاتحاد الأوروبي بالإجماع على تجميد أصول الرجلَيْن في دول التكتل، الأمر الذي وصفته موسكو بـ”العجز المطلق” لسياسات الغرب الخارجية، معتبرةً أن العلاقات بينهما اقتربت “من نقطة اللاعودة”، في وقت كشف فيه وزير المال الفرنسي برونو لومير أن باريس تؤيّد استبعاد روسيا من نظام “سويفت” للتحويلات المالية.
توازياً، قرّر مجلس أوروبا بعد اجتماع طارئ تعليق أي مشاركة للديبلوماسيين والموفدين الروس في أبرز هيئات هذه المنظمة الأوروبّية “بمفعول فوري”. ويشمل التعليق “حقوق التمثيل” الروسية في لجنة الوزراء، وهي “الجهاز التنفيذي” للمنظمة الذي يُشارك فيه ديبلوماسيون من الدول الأعضاء البالغ عددها 47، وكذلك الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، في حين أوضحت الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة لا تعتقد أنّ على كييف القبول بعرض موسكو البدء بمفاوضات معها، لأنّ إجراء مباحثات في ظلّ تهديد الأسلحة “ليس ديبلوماسية حقيقية”، مشيرةً في الوقت عينه إلى أن واشنطن ستُحافظ على اتصالات مع موسكو في شأن إيران.