فهد سليمان: على أبواب الحوار الوطني الشامل أن تبقى مفتوحة لإنهاء الإنقسام واستعادة الوحدة الداخلية، وإطلاق أوسع مقاومة شعبية على طريق العصيان الوطني
■ أكد فهد سليمان، نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين على ضرورة أن يبقى باب الحوار الوطني الشامل مفتوحاً، باعتباره الوسيلة الوحيدة للوصول إلى التوافقات الوطنية التي من شأنها أن تنهي الانقسام، وأن تستعيد الوحدة الداخلية على أسس كفاحية توفر العناصر الضرورية لإطلاق أوسع مقاومة شعبية شاملة على طريق العصيان الوطني، ودحر الاحتلال وطرد المستوطنين وعصاباتهم الفاشية.
وقال فهد سليمان، وهو يتحدث في المهرجان المركزي الذي أقامته الجبهة الديمقراطية في دمشق في الذكرى الـ 53 لانطلاقتها:
إن المشهد الفلسطيني اليوم يضج بالحيوية والإبداع والحياة، لكنه مشهد متناقض المعالم، مشهد يفتقد إلى الإتساق:
• فوحدة الشعب في الميدان، يتعاكس معها إنقسام القوى الفاعلة في السياسة.
• وتسجيل نقاط على العدو في المواجهة، كما في معركة القدس قبل شهور، يبدد مكاسبها ضعف في القدرة على الترصيد السياسي لهذه المكاسب.
• والتوافق على أهداف النضال بين مختلف مكونات الحالة الوطنية، يقابله خلاف على السبل المفضية إلى تحقيق هذه الأهداف.
أما السبب في كل هذا، فيعود إلى إنقسام مؤسسي، يستقوي بالجغرافيا ويتغطى بالسياسة، خلاف لم تشهده الحركة الوطنية المعاصرة بهذا العمق، في أي من محطاتها الخلافية السابقة، التي لم تكن قليلة على أية حال.
ولاحظ فهد سليمان: أن الإعتبارات التي ينحكم لها هذا الإنقسام فهي ناجمة عن تلاقي عامل الإصطفاف على محاور التجاذب الإقليمي، مع مصالح وامتيازات مادية واعتبارية نمت على ضفاف سلطتين للحكم الذاتي، الأولى تحت الإحتلال المباشر، والثانية تحت الإحتلال، إنما بأسلوب الحصار والعدوان الدوري المتجدد.
وقال فهد سليمان: لقد حاولت الجبهة الديمقراطية من خلال المبادرة السياسية التي أطلقتها مؤخراً أن تجسر الخلاف القائم بين طرفي السلطة باعتماد آلية تقوم على التزامن بين إنعقاد مجلس مركزي يضم الكل الفلسطيني تنبثق عن أعماله لجنة تنفيذية جامعة، وبين تشكيل حكومة وحدة وطنية تنجز توحيد وزارات وإدارات السلطة في كل من الضفة والقطاع.
غير أن هذه المبادرة التي لقيت ترحيباً من أوساط واسعة، لم تشق طريقها في الواقع العملي لافتقادها لقوى منظمة حاملة لها، تتمتع بالقدر المطلوب من الزخم اللازم لاختراق خطوط الإنقسام، واقعاً وثقافة.
ومع ذلك، فإن الجبهة الديمقراطية مازالت تعتبر أن هذه المبادرة تشكل قاعدة صالحة لإطلاق آليات مجدية لإعادة بناء الوحدة الداخلية، لأنها تشكل – وحتى إشعار آخر – الطريق الأقصر لإدراك التوافق على استحقاق الانتخابات العامة.
وأضاف فهد سليمان مؤكداً أنه إذا كان تجاوز الإنقسام هو الإستحقاق الأول الذي تواجهه الحركة الفلسطينية، فإن الاستحقاق الثاني يتمثل بتوفير شرط الانتقال من المقاومة المشتتة التي لا يَنْظُمها خط عمل واحد ومرجعية موحدة، إلى مقاومة متواصلة، منهجية ومنظمة، أي مقاومة شاملة بمثال ما شهدناه إبَّان معركة القدس بمختلف فصولها، والتي غطت بأعمالها الوطن بجناحيه في الـ 48 والـ 67، فضلاً عن الشتات، واعتمدت أشكالاً متعددة من المواجهة راعت خصوصية الظرف السائد في كل مكان، فتكاملت فيها بينها في مجرى النضال الموحد.
وغني عن القول إن الاستجابة لاستحقاق المقاومة الشاملة، إنما يتطلب إستعادة ما تم التوافق عليه في اجتماع الأمناء العامين في 3/9/2020 الذي قرر إقامة قيادة وطنية موحدة تؤطر ببرنامجها ومحطاتها الوسيطة المقاومة الشعبية الشاملة على طريق العصيان الوطني العام في مواجهة الاحتلال.
وتناول فهد سليمان قرارات الدورة الأخيرة للمجلس المركزي فقال:
إن قرارات الدورة الأخيرة للمجلس المركزي، باستعادتها لقرارات المجلسين الوطني والمركزي المكررة منذ العام 2015، فيما يتعلق بالقطع مع أوسلو وغيرها من الأمور، سوف تنال من سمعة ومصداقية مركز القرار الرسمي، وستوسع فجوة تدني الثقة الذي تعزله عن المزاج الشعبي العام، إذا ما لقيت نفس مصير قرارات الدورات السابقة، التي بدلاً من أن تجد طريقها إلى التنفيذ، جرى توظيفها فيما لا يجدي نفعاً من خلال التلويح بها – دونما نتيجة – في محاولة لمقايضتها ببعض ما تصور مركز القرار الرسمي أنها تشكل مكاسب سياسية.
وأضاف يقول: إن الإدارة الأميركية، ومعها الحكومة الإسرائيلية، ليست بوارد إطلاق أي عملية سياسية ذات مغزى. إن العرض الوحيد المتاح للتسوية السياسية هو الحل الإقتصادي بتنويعاته. هكذا كان الحال قبل الأزمة الأوكرانية، وهذا ما سوف يتأكد أكثر فأكثر بعد انفجارها حرباً داخلية تُنذر بما بعدها من تداعيات، من بينها – وفيما يخصنا – المزيد من تراجع إهتمام واشنطن بملف التسوية السياسية، ناهيك عن إستمرار غياب دور الرباعية الدولية، التي طالما سعت القيادة الفلسطينية الرسمية ومازالت تسعى لإعادة تفعيل دورها.
وختم قائلاً: من موقعها المشارك في مؤسسات م.ت.ف وهيئاتها من أعلاها إلى أدناها، فإن الجبهة الديمقراطية تجد موقعها أيضاً وبالأساس وسط حركة المقاومة الشاملة للإحتلال والاستيطان، كما وفي صفوف الحركة الجماهيرية الواسعة الضاغطة من أجل تنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي التي تساوي الطلاق مع أوسلو.
وقد حضر المهرجان حشد واسع من قادة العمل الوطني الفلسطيني، وممثلي الأحزاب السورية والعربية في دمشق، والسلك الدبلوماسي والإتحادات والفعاليات الشعبية والإجتماعية.
تحدث إلى جانب فهد سليمان، الدكتور سمير الرفاعي، سفير دولة فلسطين في دمشق وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح، متناول المحطات التاريخية في حياة م.ت.ف، والتي كان فيها للجبهة الديمقراطية مواقف شجاعة في صون وحدة المنظمة وموقعها التمثيلي، كما تناول التاريخ الحافل بالإنجازات الكبرى كالعمليات البطولية والمبادرات السياسية والإسهامات الفكرية.
كما الدكتور محمد قيس، الأمين العام لطلائع حرب التحرير الشعبية قوات الصاعقة، فتناول البدايات والمآلات التي انتهت إليها الجبهة الديمقراطية فصلاً رئيسياً وفاعلاً في الحالة الوطنية الفلسطينية مشدداً على صون الموقع التمثيلي لمنظمة التحرير الفلسطينية ومشدداً على الوقوف إلى جانب سوريا في معركتها دفاعاً عن شعبها وسيادتها ووحدة أراضيها وهي التي قدمت كل ما يتوجب تقديمه من دعم للمقاومة الفلسطينية وهي التي احتضن ترابها جثامين القادة والمقاتلين الشهداء من الفصائل المختلفة للمقاومة الفلسطينية.
من جهة أخرى ألقى الدكتور طلال ناجي الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، فتوقف مطولاً أمام التاريخ العسكري للجبهة، وأمام صف الشهداء الذين قدمتهم على طريق النضال، وأمام دور الجبهة في اغناء الفكر السياسي، ونهجها التوحيدي الرافض دوماً لأية انقسامات، التمسك دوماً بوحدة شعبنا في م.ت.ف، ممثله الشرعي والوحيد، وأكد الدكتور ناجي رفض الجبهة الشعبية – القيادة العامة، لأية بدائل لمنظمة التحرير الفلسطينية داعياً إلى إصلاح النظام السياسي الفلسطيني، وإنهاء الإنقسام وإستعادة الوحدة الداخلية.
وفي ختام كلمته أعلن الدكتور طلال ناجي وقوف شعبنا إلى جانب روسيا الإتحادية في الدفاع عن أمنها القومي ضد السياسات العدوانية لحلف الناتو، كما أكد إدانة السياسة الأميركية التي تعمل من أجل الهيمنة على العالم وفرض سطوتها عليه■