نضال العضايلة
فترات دقيقة صاغها الموروث الشعبي الفلسطيني عن أرضه، دون أدوات علميّة دقيقة، ليست إلا دليلًا على استشعاره بها ومعرفه بكل ما يدور فيها وما يطرأ عليها.
تمر المنطقة العربية في هذه الأيام بمنخفضات جوية حملت كميات كبيرة من الأمطار والثلوج، تزامنا مع بداية فترة خمسينية الشتاء التي يبدأ ربعها الأول بأيام سعد الذابح، وفق الموروث الشعبي.
وفي الموروث ذاته، سميت أول 12.5 يوم من خمسينية الشتاء بـ “سعد الذابح”، كناية عن البرد الشديد، الذي يحدث في فترته، ويُعبّر عنه بالمثل الشعبي: (سعد ذبح ، كلبه ما نبح، وفلاحه ما فلح ، وراعيه ما سرح).
كما أن شدة البرد في سعد الذابح تضطر الراعي إلى إطعام أغنامه حتى لا تهلك، وتحجز الحيوانات في حظائرها فلا يسرحها راعٍ، ويبقى الناس في منازلهم فلا ينبح كلب لضيف، ولا تحرث الأرض بسبب الأمطار والثلوج، وفق ما نقله الآباء والأجداد.
فما قصة سعد الذابح؟ بدأت قصة السعودات، وفقا للموروث الشعبي، عندما قرر شاب اسمه “سعد” السفر في أحد أيام شهر شباط الدافئة، متجاهلا نصائح والده بضرورة أن يحمل معه ما يدفئ به نفسه من البرد، وما يكفيه من طعام.
فبعد أن قطع سعد أكثر من نصف الطريق، تفاجأ بتغير الطقس ليُصبح شديد البرودة وهطلت الثلوج والأمطار الغزيرة، ولم يكن لديه ما يُدفئ به نفسه، فقام بذبح ناقته ليحتمي بأحشائها من شدة البرد، ومن هنا جاءت قصة تسمية أول جزء من السعودات وهو “سعد الذابح” الذي يمتد من 1-13 شباط.
وما هي قصة سعد بلع؟ بدأت قصة سعد بلع ” عندما شعر سعد بعد أيام بالجوع ولم يكن أمامه إلا أن يأكل من لحم الناقة، وبذلك أطلق على هذه الأيام “سعد ابلع”، وتمتد هذه الفترة من 13 شباط-25، والتي تتميز بأنها مهما أمطرت في هذه الفترة فإن الأرض تبتلع المطر بسرعة.
وفي رواية أخرى قيل انه سمي بذلك لان الارض تبتلع كل ما تمطره السماء بسرعه ويقال عنه بالامثال الشعبية ” سعد ابلع السما بتشتي والارض بتبلع”.
وما هي قصة سعد السعود؟ يلي ذلك “سعد السعود” ويقال عنه في الامثلة الشعبية “بسعد السعود بيبرد كل دفيان وبيدفا كل بردان” او “بسعد السعود بتطلع المية بالعود ” ويبدا من 26 شباط وحتى 10 اذار وهنا تبدا الحياة بالارض والناس.
وفيه تدخل مرحلة جديدة مقدّمة لفصل الربيع، إذ إن أوراق الأشجار تبدأ بالنضج وتتفتح الأزهار وتنمو الحشائش.
قصة سعد الخبايا واخيرا ياتي “سعد الخبايا” ويقال عنه ” بسعد الخبايا بتطلع الحيايا وبتتفتل الصبايا” ويبدا يوم 10 اذار وينتهي في 22 اذار وفيه يبدا فصل الربيع، ويخرج ما هو مخبا بالارض من ثمار وافاعي وحشرات.
أيام العجائز، او الأيام المستقرضات وهي 7 ايام تكون اربعة ايام من اخر شهر شباط وثلاثة ايام من اول شهر اذار ويطلق عليها ايضا في الموروث الشعبي ” ايام العجائز ” والتي تمتاز بالبرد القارص والشديد، ويوجد قصة في الموروث الشعبي لهذه الايام السبعه، وهي ان احدى العجائز كان لديها ست اغنام وكانت جالسة بالواد وقالت في اخر ايام شهر شباط حيث لم ينزل المطر به ولم تمت اي من اغنامها بسبب البرد “فات شباط الخباط وما اخذ مني لا نعجة ولا رباط، وضربنا على ظهره بالمخباط”
فغضب شباط من كلام العجوز وقال “يا اخوي يا اذار ثلاثتك مع اربعي نخلي العجوز بالسيل تقرعي ( اربعة ايام من شباط وثلاثة ايام من اذار ، والمقصود بتقرعي : يجرفها السيل )
وبالفعل سقط المطر بغزارة وسالت المياه بالاودية في هذه الايام وجر السيل معه اغنام العجوز بالوادي، وبدات العجوز تصرخ وتقول : يا سيل درجهن على مهلهن معاشير ليرمن بهمهن “، ومن الامثال التي تقال عن شهر شباط ” شباط بيشبط وبيخبط وريحة الصيف فيه” ، او “شباط ما عليه رباط ” .
اذار الهدار شهر اذار والمعروف بالبرد القارس والامطار الغزيرة والثلوج ايضا فيقال عنه :” اذار الهدار ساعة شمس وساعة امطار وساعة مقاقاة الشنار”، كما يقال “اذار ابو سبع ثلجات كبار” و “خبي فحماتك الكبار لجدك اذار”، فيما يقال عن نيسان ” شتوة نيسان تحيي الانسان “، ويقال عن ايار ” برد ايار خراب ديار” و” بأيار احمل منجلك واندار”.