شهدت النوادي الرياضية في السنوات الأخيرة، إقبالاً متزايداً من قبل الناس، خاصة الشباب، الراغبين في بناء العضلات والحصول على لياقة بدنية مثالية. لذلك باتت تعتبر هذه المهارة جزءا أساسيا من نمط الحياة السليم، وتساهم في تعزيز الصحة العامة. ومع ذلك، فإن هذا الشغف بتحقيق جسم مثالي قد يؤدي إلى بعض الممارسات المؤذية، مثل الإسراف في تناول المكملات الغذائية والبروتينات.
الجانب الإيجابي
أكد بطل كمال الاجسام طه مريود لـ “الديار” ان “إقبال الشباب على ممارسة النشاطات البدنية بانتظام وتربية العضلات المفتولة له العديد من الفوائد منها: تحسين الصحة وتقوية القلب، وتعزيز الدورة الدموية، وحماية وظائف الجهاز التنفسي”. لافتا الى ان “بناء الاجسام والحصول على قدّ متناسق، يوطّد من ثقة الشخص بنفسه. كما تساعد هذه التمارين في الوقاية من الأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم والسمنة، مما يعني تبني عادات غذائية صحية وتقليل السلوكيات الضارة، مثل التدخين والادمان على المخدرات”.
ماذا عن المساوئ؟ يجيب “رغم المنافع الكثيرة لهذه العملية، فإن الشطط في استهلاك المكملات الغذائية له آثار سلبية فادحة”. موضحا “ان الجرعات الزائدة قد تؤدي الى مشكلات صحية مثل أمراض الكلى والكبد، بالإضافة إلى اعتلالات هضمية كالإمساك أو الإسهال، وذلك بحسب الاختصاصيين في مجال الهرمونات”.
وأكد “ان الاعتماد على هذه المستحضرات قد يؤدي إلى اختلال في التوازن الغذائي، حيث يهمل الأشخاص أكل الأطعمة المتنوعة التي تحتوي على عناصر غذائية مهمة. فوق ذلك هناك ثلّة واسعة من المهالك المرتبطة بالهرمونات، اذ ان هذه المساحيق قد تحتوي على مكونات تؤثر في الاستقرار الهرموني، مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض مثل تضخم البروستاتا أو مشكلات الهرمونات الجنسية”.
أبحاث تحذر!
وقال: “بحسب تقرير من الجمعية الأميركية لطب الكلى، فإن الإفراط في تناول مكملات البروتين يمكن أن يؤدي إلى تلف الكلى، خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من ادواء كلوية مسبقة. وفي هذا المجال، كشفت دراسة أجرتها الجمعية عن أن نسبة كبيرة من المرضى الذين يقاسون من الفشل الكلوي، كانوا يأخذون معدلات ضخمة من هذه المساحيق بشكل عشوائي”.
وتابع “وفقا لتقرير من منظمة الصحة العالمية (WHO)، فإن استخدام المتممات الهرمونية دون إشراف طبي يولّد اضطرابات هرمونية حادة. وقد أظهرت الدراسة أن نسبة تصل إلى 20% من الأشخاص الذين يتناولونها بشكل غير منظم، مصابون بأمراض هرمونية مثل تضخم البروستاتا واضطرابات الدورة الشهرية لدى النساء”. واشار الى ان “دراسة نشرتها مجلة “التغذية والتمثيل الغذائي” أظهرت أن حوالى 30% من مستخدمي مكملات البروتين عندهم صعوبات هضمية مثل الإسهال والإمساك، وتعد هذه النسبة مرتفعة مقارنة بالأشخاص الذين يتبعون نمطا غذائيا معتدلا بدون مكملات”.
وختم “يجب على الشباب والممارسين للرياضة أن يدركوا أهمية التوازن والاعتدال في كل شيء، لان تربية العضلات لها فوائد جمة على الصحة، ولكن الامعان في تناول المكملات الغذائية، يمكن أن ينعكس سلبا على الجسم. لذلك، يُفضل استشارة اختصاصيي التغذية والرياضة قبل الشروع في تناول أي مستحضرات تغذوية، لضمان تحقيق الأهداف الصحية دون تعريض الجسم للمخاطر”.
دراسة جديدة تبين اضرار المعادن الثقيلة!
من جانبها، قالت اختصاصية التغذية المتخصصة في الهرمونات والسموم بالجسم كريستال عوكر لـ “الديار” ان “السموم الثقيلة هي عناصر معدنية ذات كثافة عالية وكتلة ذرية مرتفعة، ويمكن أن تكون سامة أو ضارة عند استهلاكها او التعرض لها بكميات معينة”. واشارت الى “ان هذه المواد موجودة في الاطعمة الملوثة وانابيب الري القديمة “القساطل”، والمنتجات التجميلية ومساحيق البروتين النباتي (على سبيل المثال الـ WHEY PROTEIN)، وتُؤخذ هذه المواد البروتينية بشكل عشوائي ، وهي منتشرة على نطاق واسع في النوادي والصالات الرياضية”. وشددت على “ان هذه العناصر اي الزرنيخ والكادميوم والزئبق والرصاص، تتراكم في الجسم بمرور الوقت، وتؤثر في وظائف الأعضاء الحيوية، مما يؤدي إلى مشكلات صحية خطرة.
وتطرقت الى “دراسة أجرتها منظمة “Certification The Clean Label Project” على منتجات أميركية ، حيث اكدت “أن العديد من مستحضرات البروتين والمشروبات تحتوي على مستويات ثقيلة من المعادن والسموم، وتشمل الزرنيخ والكادميوم والزئبق والرصاص. وقد فحصت المنظمة نحو 134 منتجا ووجدت أن هذه المنتجات تحتوي على 40% من هذه المعادن، واكتشفوا ان 75% من المواد فيها الرصاص. وتوصل الباحثون الى أن المنتجات المصنوعة من موارد بروتينية نباتية، مثل فول الصويا، أسوأ من تلك المصنوعة من اللبن أو البيض، حيث أنها تحتوي على ضعف الرصاص ومعدلات ملوثات أخرى بنسبة أعلى. وأكدوا أن البروتينات النباتية ربما تمتلك مستويات ملوثة أكثر من بروتينات البيض واللبن، لأن النباتات تعد أكثر عرضة لامتصاص المعادن الثقيلة من التربة”.
مهلكة ومبيدة!
واستكملت “تُعتبر هذه العناصر فتاكة بشكل خاص، لأنها لا تتحلل بسهولة وتظل في البيئة لفترات طويلة. وذلك انطلاقا من الأسباب الاتية:
– الزئبق (Hg): مصدره التلوث الصناعي، وينتج منه الإصابة بالأمراض العصبية والكلوية، واضطرابات الجهاز التنفسي.
– الكادميوم (Cd): ينتقل من التدخين، البطاريات الأسمدة الفوسفاتية، ويسبب تلف الكلى، أمراض الرئة وهشاشة العظام.
– الرصاص (Pb): يأتي من أنابيب المياه (القساطل)، وقد ينجم عن هذا المعدن الاصابة بالتخلف العقلي والاختلاجات العصبية وفقر الدم وتلف الكلى.
– الزرنيخ (As): موجود في المياه الملوثة والتربة وبعض المنتجات الزراعية، ويؤدي الى الإصابة بسرطان الجلد والرئة، وعلل في الجهاز الهضمي وتلف الأعصاب.
وأكدت “ان هذه المعادن الثقيلة يمكن أن تكون ضارة جدا للصحة العامة عند التعرض لها بكميات كبيرة. فعلى سبيل المثال، الكادميوم يتراكم في الأنسجة الحيوية مثل الكلى والكبد، مما يسبب أذى تدريجيا. كما يمكن أن يؤدي إلى أمراض الرئة، بما في ذلك التهاب الشعب الهوائية المزمن وانتفاخ الرئة، وتناوله من خلال الطعام المدنّس يمكن أن يسبب تهيج المعدة والأمعاء، وتلف الكلى، ومشكلات في التبول وفشل كلوي، بالإضافة الى هشاشة العظام وزيادة خطر الكسور.
ما هي طرق الوقاية؟ تجيب عوكر “استخدام منتجات خالية الى حد ما من المعادن الثقيلة وتجنب المناطق الملوثة، وتناول أطعمة غنية بالمركبات النافعة التي تساعد في تقليل امتصاص السموم الثقيلة، كما ينبغي اجراء اختبار المياه والتربة للبحث عن الملوثات، واستعمال أنظمة الترشيح المناسبة”.
وختمت موضحة “انا ضد المأكولات المصنعة، ولا أقصد في حديثي متمم “الواي بروتين” تحديدا وانما المكملات عموما، بحيث لا توجد مشكلة إذا الفرد تناولها لفترة وجيزة، لكنها قد تصبح مهلكة في حال المداومة عليها. لذلك لا بديل عن الغذاء الذي يوفر للجسم حاجته من البروتين، والمطلوب اخذ هذه المنتجات باستقامة، حتى وان كان الشخص يجري فحوصات دورية. كما ان الوقاية من التعرض لهذه المعادن الثقيلة مهمة جدا للحفاظ على صحة جيدة، والحد من المكاره الصحية الطويلة الأمد”.