مع حلول شهر رمضان المبارك… غلاء إضافي في أسعار اللحوم والدواجن (الديار)

Share to:

الديار – رجاء الخطيب

في وقت تدور فيه رحى الحرب بين خزاني العالم للزيت والطحين والغاز، يتخوف المجتمع الدولي من أثر الإجتياح الروسي لأوكرانيا على الأرض باكملها، حيث أن أوكرانيا وروسيا هما من أكبر خمس دول مصدرة للحبوب عالمياً، وباتت الدول تتهافت لتأمين مخزون كاف من الزيت والقمح لديها، تخوفاً من أي تدهور متوقع للأمور، تاركاً وراءه بلادا وقارات تتخبط بين الجوع والبرد. فهل العالم بشكل عام، ولبنان بشكل خاص، مُقبل على مجاعة؟

عبّر وزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام، في حديثٍ صحافي، عن «تخوّفه من فوضى كبيرة جداً، المجاعة ستكون جزءاً منها في حال لم يصل لبنان إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، ولم تحصل الانتخابات النيابية المرتقبة في ١٥ أيار المقبل، وإذا سحب المجتمع الدولي يده من لبنان ولم يعد مسانداً له».

كلام سلام أتى بعد تحذير أممي على لسان مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في الغذاء، مايكل فخري، حيث إعتبر في بيان له أن «على مدى السنوات الثلاث الماضية، ظلت معدلات الجوع والمجاعة في ارتفاع. مع الغزو الروسي، نواجه الآن خطر مجاعة وشيكة وجوع في المزيد من الأماكن حول العالم [..]»، ومع بدء موسم الزراعة قريبا في أوكرانيا وروسيا، أعرب الخبير الأممي عن «القلق من الاضطرابات طويلة الأجل التي سيحدثها النزاع على الغذاء».

هل المجاعة أمر يمكن حدوثه في لبنان؟ يُذكر انها ضربت جبل لبنان بين العامين ١٩١٥ و١٩١٨ ووصفت بـ «المجاعة الكبرى»، فوفقا لما تذكره الأرقام إن ما بين ١٢٠ ألفا و ٢٠٠ ألف لبناني، أي ثلث عدد السكان آنذاك، قد قضوا في هذه المجاعة في أربع سنوات فقط، حيث كان القمح يباع بأسعار خيالية في السوق السوداء.

وفق التاريخ، فإن السبب الرئيس وراء هذه المجاعة كان «الحصار البري الذي فرضه الحاكم العثماني جمال باشا ومنع دخول القمح تحديدا إلى جبل لبنان، ما أدى إلى تجويع كامل سكان المنطقة، خاصة أن هذه المنطقة الجبلية لم يكن إنتاجها من المحاصيل الزراعية كافيا لإطعام سكانها إلا أربعة أو خمسة أشهر بالعام، وعلى الإثر ارتفعت أسعار كل شيء، وكان الناس يهربون عابرين الحدود للمدن القريبة ليلاقوا حتفهم على الطريق أو من التسول في هذه المدن، سواء أكانت دمشق أم طرابلس أو غيرهما».

إضافة إلى الحرب الروسية – الأوكرانية وتداعياتها، نشر في حزيران الفائت مسودة تقرير وضعتها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ، محذرة من أن عشرات الملايين من البشر سيعانون من المجاعة والجفاف والأمراض في غضون عقود، في إطار العواقب الكارثية للاحترار المناخي على صحة البشر. فماذا يقول الخبراء في هذا الشأن؟

رئيس شركة «ديكركو» سيرج دكرمنجيان، احد مستوردي الدواجن قال لـ «الديار» أن أول مشكلة تواجه الإستيراد هو تكلفة الشحن التي ارتفعت بشكل كبير، فعلى سبيل المثال الشحنة التي كانت تكلف ٢٠٠٠ دولار باتت تكلف١٠,٠٠٠ إلى ١١٬٠٠٠ دولار بالإضافة إلى مشكلة الوفرة، وهو ما يؤشر إلى المزيد من الغلاء المتوقع.

وفق دكرمنجيان، المشكلة بدأت منذ تفشي وباء كورونا والخلل الإقتصادي الذي أصاب العالم، ومن ثم أضيف إليها الآن مشكلة الحرب الروسية – الاوكرانية التي إنعكست غلاء في أسعار الدواجن أكثر من اللحوم، كون هاتين الدولتين كانتا من أكبر وأهم مصدري الدواجن في العالم، وبالتالي إضطر العالم للبحث والتحوّل نحو مصدر بديل للإستيراد، وكما هو معروف فان المصدر الوحيد البديل المتوفر حالياً هو البرازيل، وهو ما إنعكس بالتالي ضغط كبيرعلى البرازيل نفسها من كافة بلدان العالم، علماً أن معظم إستيراد لبنان من الدواجن هو من هذه الدولة، وهذا ما أدى إلى إرتفاع في الأسعار وصل حد ٣٥٪ إلى ٤٠٪ ، كما أثر أيضاً على الوفرة كون كافة البلدان قد تهافتت للشراء منذ إندلاع الحرب.

وأكد أن المجاعة مستبعدة في لبنان اقله في الوقت الحالي و إلى ٦ أشهر مقدماً، ولكنه توقع غلاء إضافيا في أسعار اللحوم والدواجن المستوردة والمحلية، بالإضافة إلى دخول عامل إضافي سوف يسهم في رفع الأسعار أكثر، وهو شهر رمضان المبارك الذي ترتفع فيه الأسعار بشكل عام وتقليدياً في لبنان والعالم على صعيد الدواجن واللحوم بسبب زيادة الإستهلاك.

وعن الوفرة في حال طالت الحرب، يلفت دكرمنجيان إلى مصدر آخر بديل وهو تركيا، مشيرا إلى اننا قد نصل إلى أن نستورد من أي مصدر بديل مهما اختلفت النوعية، علماً أن اللبناني بشكل عام بات ملاحظ أن استهلاكه للدواجن واللحوم قد قلّ، ومتوقع أن يقل أكثر نظراً للوضع والغلاء في العالم ، علما أن هناك بعض أنواع اللحوم المميزة وذات اسعار اعلى، والتي كان يتم استيرادها من بلدان مختلفة كأوستراليا أو أميركا مثلاً، وقد اختفت تقريباً من السوق اللبناني كما «الوايغو» أو «الانغوس» بسبب اسعارها المرتفعة بالأساس.

وتحدث دكرمنجيان من خلال تجربته عن ملاحظته لوجود خطط بديلة لإدارة الكوارث أو أي مشكلة غير متوقعة في البلاد التي عمل فيها وزارها، فعلى سبيل المثال في الامارات العربية المتحدة، تقوم الدولة بشراء وتخزين كميات كبيرة من المواد الأساسية تحسباً لأي مشكلة طارئة، كتوقف الشحن العالمي، وهو ما أشار إليه دكرمنجيان على أنه السبب الذي إذا حصل قد يؤدي إلى مجاعة فعلية، وبعدها تقوم الدولة في حال عدم استعماله،ببيعه في المزاد العلني قبل أن تنتهي صلاحية إستخدامهبفترة زمنية معينة، وبالتالي هناك دراسة وتخطيط للمستقبل للحد من أي مشاكل كبيرة محتملة، وهو ما نفتقده بالاساس في لبنان، وقد يشكل الخطر الأكبر فعلياً عن أي عوامل أخرى.

Exit mobile version