تفجُّر الوضع مجدداً في مخيّم عين الحلوة يؤكد أن العلاج لا يمكن أن يكون فقط بوقفٍ لإطلاق النار، بل وبمعالجة جذرية للأسباب والظروف التي تؤدي الى تكرار الاشتباكات، وهو ما كان واضحاً الحزب التقدمي الإشتراكي في الدعوة اليه عبر بيانه اول من أمس، خصوصاً وأن الأمور تخطّت ما كان حصل من أسابيع عقب جريمة اغتيال مسؤول بارز في حركة فتح، وهناك تحذيرات جدّية من أن تتدهور الأمور الى ما هو أخطر، ما يعرض أمن المخيمات واللاجئين الى الخطر، وحكماً الأمن الداخلي اللبناني.
التحرك اللبناني شهد بيانات عدة واتصالات سياسية أجراها رئيسا حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ومجلس النواب نبيه برّي وقيادات في مدينة صيدا مع أخرى فلسطينية لاحتواء ما حصل وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الخميس الماضي، لكن المطلوب إضافة إلى ذلك بحث تفصيلي لتشخيص الأزمة الحقيقية ومن ثم الاتفاق على حلول بين الجهتين اللبنانية والفلسطينية.
مصادر حركة “فتح” في مخيّم عين الحلوة أشارت إلى أن “الحركة لا تُريد عودة الاشتباكات إلى المخيّم لما في ذلك من تداعيات دموية على الفلسطينيين واللبنانيين على حدٍ سواء، وهي كانت قد واظبت طوال الفترة السابقة على استنفاد جميع المساعي السياسية السلمية لحل الملف بعيداً عن الاقتتال”.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، لفتت المصادر عينها إلى أن “الإسلاميين المتشدّدين لم يُسلّموا المطلوبين بتهمة اغتيال العرموشي، واستمروا بفرض حالة الاستنفار في الشارع فسيطروا على مواقع في المخيّم، ما أدى إلى انفجار الوضع”.
وتُفضّل المصادر انتظار ما ستحمله الساعات المقبلة على صعيد المخيّم، لأن الهدوء الحذر حالياً قد ينتهي في أي لحظة في حال عاد إطلاق النار، والتجارب السابقة شاهدة على ذلك، خصوصاً وأن ثمّة اجتماعات طارئة واتصالات كثيفة تجري.
إلى ذلك، فإن الأنظار محلياً ستتجه اليوم إلى وصول الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، وما سيطرحه في الأيام القليلة المقبلة مع القيادات السياسية التي سيلتقيها، وما إذا كان ثمّة أفكار جديدة يحملها في جعبته، إلى جانب الحوار الذي لا تزال فرنسا تُصرّ عليه على ما يبدو.
إلّا أن مساعي الحوار ستصطدم بحائط مسدود وفق ما يبدو في ظل استمرار رفض البعض الجلوس على طاولة الحوار من جهة، وتمترس البعض الآخر خلف مرشحين بعينهم.
ورغم تصاعد حدّة المواقف بين الطرفين، فإن الأسابيع المقبلة ستكون حافلة ما بين حوار لودريان وحوار عين التينة المفترضَين، ونجاحُ واحد من هذين المسعيين على الأقل سيفتح كوّة في جدار الأزمة، أما فشلهما فسيعني أن البلاد متجهة أكثر فأكثر إلى واقع متأزم يفتح الباب على كل الاحتمالات السلبية والخطيرة.