- ابو سليمان: انعدم الطلب على الليرة باستثناء سداد رسوم وضرائب الدولة
- الاسمر: رواتب موظفي القطاع العام و”الامنيين” فقدت 80% في 3 اشهر
أظهرت الميزانية النصف الشهرية لمصرف لبنان لغاية 15 آذار الحالي تراجع احتياطه من العملات الاجنبية بحوالى 260 مليون دولار، وبين الاسباب ضخ دولارت في السوق من خلال منصة صيرفة التي بلغ حجم التداول عبرها منذ 2 لغاية 15 آذار 472 مليون دولار، علماً ان بعض المصارف توقف حتى قبل اعلان الاضراب عن استقبال طلبات صيرفة، ولا يزال رغم الاضراب يسدد حالياً دولارات الاموال المودعة قبل أسابيع للاستفادة من صيرفة. ورغم ان تلك الدولارات ولعوامل أخرى أدت الى سحب حوالى 14.5 ألف مليار ليرة من التداول في السوق وفقاً لما أظهرته أيضاً ميزانية مصرف لبنان، إلا ان هذا الامر لم يكبح جماح ارتفاع سعر صرف الدولار الصاروخي الذي أكمل مسيرته التصاعدية فوق الـ100 ألف ليرة وصولاً الى 118 ألف ليرة من دون اي تأثر بملايين صيرفة للَجمه! ويتضح ان مصرف لبنان يسهم برفع الدولار في السوق الموازية، لأنه يطلب من تلك السوق يومياً دولارات لزوم تغذية المنصة بدولارات لرواتب الموظفين (بأمر سياسي) وللتجار والمصارف والمصرفيين والمحظيين. علماً بأن زيادة طلب الدولارات من السوق الموازية ترفع سعر الدولار فيها، وبالتالي يتحول مصرف لبنان الى صراف مضارب على العملة الوطنية.
ليرة تتبخر
هذا الانهيار في سعر صرف العملة المحلية لن يتوقف وفقاً للخبير المالي وليد أبو سليمان الذي قال إن الليرة فقدت قيمتها التخزينية (a store of value)، ولم يعد احد يحتفظ بها او يخزّنها لا بل لم يعد احد يريد شراءها لزوم تسديد نفقاته. خصوصاً ان التعامل أصبح بالدولار في كافة القطاعات آخرها السوبرماركت التي أصبحت أيضاً تسعّر بالدولار. واعتبر أبو سليمان عبر “نداء الوطن” ان الطلب على الليرة أصبح معدوماً باستثناء واحد، هو تسديد رسوم الدولة. وبالتالي لم يعد أحد بحاجة لشرائها في مقابل ارتفاع الطلب على الدولار الذي عاد ليصبح بشكل شبه كامل العملة الوحيدة المتداول بها في السوق.
محاولات تبوء بالفشل
وأشار الى ان محاولة مصرف لبنان لتعزيز احتياطه من الدولارات عبر شرائها من السوق، تبوء بالفشل لان الليرة لم تعد مرغوبة ولن يجد من يشتريها، “حتّى ان عمليات بيع وشراء الدولارات لدى الصيارفة تراجعت نتيجة انعدام الطلب على الليرة، واصبح هناك سباق للاستحواذ على الدولارات المحدودة الموجودة في السوق والمتأتية من المغتربين، مما يساهم أيضاً في رفع سعر صرف الدولار”.
ولاحظ أبو سليمان ان تدخلات مصرف لبنان في السوق عبر صيرفة في الفترة الاخيرة لم تؤدِ الى نتيجة مستدامة، “بدليل انه عندما بلغ سعر الصرف في اواخر العام المنصرم حدود الـ40 ألف ليرة، لم يستطع لجمه من خلال تدخلاته. وها هو اليوم خسر 260 مليون دولار من اموال المودعين وسحب من التداول 14.5 ألف مليار ليرة، إلا ان الليرة خسرت 25% اضافية من قيمتها خلال الاسبوعين المنصرمين”.
خسارة مصرف لبنان
جزء من الدولارات التي أنفقها مصرف لبنان مما تبقى من اموال المودعين، على صيرفة بغضون 10 ايام، استخدم لتسديد رواتب القطاع العام بخسارة اضافية على مصرف لبنان بلغت حوالى 50 في المئة. إذ انه سددها على سعر صرف الـ45 ألف ليرة بدلاً من سعر الـ 70 ألفاً الذي بدأ اعتماده اوائل الشهر الحالي. مما يعني ان رواتب القطاع العام اواخر الشهر ستسدد على سعر صيرفة الجديد (المرجح وصوله الى 90 ألف ليرة) وستفقد بدورها حوالى 50 في المئة او اكثر من قيمتها. مما يعني ان الحلّ الترقيعي الذي تمّ التوصل له لزيادة رواتب القطاع العام عبر تحويلها الى الدولار من خلال صيرفة، لم يعد بدوره مجدياً لأن انهيار الليرة المتسارع أصبح خارج نطاق السيطرة عليه او مواكبته.
تمديد الاضراب
وفي النتيجة، أعلنت الهيئة الإدارية لرابطة موظفي الإدارة العامة، امس الاول، تمديد الاضراب مع اعتصامات في المناطق، “بما ان الحكومة لم تجد حلّاً لتحويل الرواتب الى دولار عبر سعر صرف موحد للموظفين الاداريين يتلاءم مع الحد الأدنى مما خسرته رواتب الموظفين، والتي طالبت الهيئة ان تكون كما الدولار الرسمي 15 ألف ليرة، وبدل نقل عن كل يوم حضور محدد بين 7 و10 ليترات بنزين (حسب المسافة عن مركز العمل)، ولأن القرار او البحث بإعطاء بدل انتاجية للموظفين تآكل بارتفاع الدولار قبل اقراره، يثبت صحة رفضنا له ما لم يرتبط بسعر صرف ثابت”.
تآكل سريع
في هذا الاطار، اعتبر رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر ان حالة موظفي القطاع العام بالاضافة الى الجهاز العسكري كارثية، حيث انهم وبغضون 3 أشهر فقدوا حوالى 80 في المئة من قيمة رواتبهم بفعل الارتفاع المتواصل في سعر صرف صيرفة. مشيراً الى ان سعر صيرفة مرجح للارتفاع الى 90 ألف ليرة، وبالتالي ستفقد رواتب القطاع العام 50 في المئة من قيمتها شهرياً.
وشدد الاسمر على ان المعالجات من خارج وضع حدّ لانهيار الليرة لن تقود الى اي نتيجة “لأن الانهيار يتسارع ويتفاقم يومياً”.
لجنة تتأخر
وقال لـ”نداء الوطن” انه كان هناك اتجاه لتطبيق المعالجات التي لا تفي بالغرض لكنها تساهم نوعاً ما بتحفيز الموظفين مثل اعطاء بين 300 الى 800 ألف ليرة يوميا مقابل الحضور الانتاجي بحدّ ادنى 4 ايام، بالاضافة الى اعطاء ما يعادل 5 ليترات بنزين يومياً، وضم المساعدة الاجتماعية التي تمّ اقرارها الى اساس الراتب، على ان تسدد القيمة الاجمالية للراتب بالدولار على صيرفة. لافتاً الى انه تمّ رفع الدولار الجمركي الى 45 ألف ليرة لتمويل تلك الزيادات في رواتب القطاع العام، “إلا انه لغاية اليوم لم تسدد تلك الزيادات، وقد كُلفت لجنة لدراستها من المفترض ان تجتمع هذا الاسبوع للبت بها، علماً انه عندما تمت المطالبة بتلك الزيادات، كان سعر صرف الدولار 60 ألف ليرة!”
ربط بالدولار
أكد بشارة الأسمر ان المعالجات المقترحة لرواتب القطاع العام وحتّى الخاص، لم تعد تجدي نفعاً، لانها زيادات تمنح بالليرة، «لذلك اقترحنا على رئيس الحكومة ووزير المال ايجاد حلّ قانوني لربط الرواتب بتطور سعر صرف الدولار، لان لا امكانية لدولرتها».
كما طالب الاسمر باقرار مجلس الوزراء هذا الاسبوع المراسيم الاربعة المتعلّقة بالقطاع الخاص والتي ترفع الحد الادنى وتزيد المنح المدرسية والتعويضات العائلية بـ3 اضعاف وتحدد بدل النقل بـ125 ألف ليرة يومياً، «رغم ان تلك الزيادات ايضاً فقدت قيمتها كونه اتُّفق عليها في كانون الاول ولم تقرّ مراسيمها لغاية اليوم».