أكثر ما شغل اللبنانيين أخيرا هو الصورة التي انتشرت عبر المواقع التواصلية لطائرة تابعة لشركة «طيران الشرق الأوسط ـ الخطوط الجوية اللبنانية» أو «الميدل إيست»، وهي على بعد أقدام قليلة من ملامسة أرض مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، فيما تزنرها نيران الغارات الإسرائيلية التي استهدفت، كما قال الجيش الإسرائيلي، ليلة الأحد مقرات لجمعية القرض الحسن في أكثر من منطقة لبنانية، ومن بينها المنطقة المحيطة بمطار بيروت.
صورة أثارت الذهول وحصدت عشرات التعليقات قبل أن يتبين لاحقا أن الذكاء الاصطناعي هو الذي ابتدعها، ليستمر رغم ذلك التصفيق والثناء لشركة «الميدل إيست» ودورها الوطني، كجسر تواصل جوي وحيد بين لبنان والخارج بعد قرار كل شركات الطيران الأجنبية الأخرى التوقف عن المجيء إلى لبنان، وبالتالي بقاء «الميدل إيست» وحدها في الميدان، تأتي بالمسافرين إلى لبنان على رغم كل شيء وتحملهم إلى خارجه إن شاؤوا.
في هذا الإطار، تحدث إلى «الأنباء» الكابتن محمد عزيز، وهو مستشار رئيس مجلس إدارة «الميدل إيست» محمد الحوت، فقال: «ما عبر عنه اللبنانيون عبر السوشال ميديا ينم عن محبة للميدل إيست. وإذا كان ثمة من وصف الطيارين بالأبطال والقبضايات، فأنا أقول إن طيارينا لا يسعون لكي يكونوا أبطالا، وإنما يريدون القيام بواجباتهم ضمن معايير السلامة والأمان. والأكيد أنهم يملكون الكفاءة العالية والشجاعة الكافية لتخطي المصاعب وتنفيذ المهام. لكنهم في الوقت عينه يتمتعون بالعقل الوازن الذي يقيم حسابا للمخاطر، وهم يتكلون على عملية تقييم المخاطر التي تقوم بها الشركة ويؤمنون بها».
وأكد حرص «الميدل إيست» على أن تكون «عملية تقييم المخاطر مدروسة ومبنية على معلومات أكيدة». وأضاف: «في أي لحظة نشعر بأن الظروف المحيطة يمكن أن تؤثر على سلامة المسافرين وطاقم الطائرة وحتى على الطائرة نفسها، نوقف على الفور المسار، لاسيما في ظل التعاون الدائم والتام بين الطيار وبرج المراقبة لمتابعة التطورات لحظة بلحظة. كما أن مركز العمليات في المطار يتابع كل الرحلات، وما إذا كانت طائرة معينة قد تأخرت أو حادت عن مسارها».
وبحسب الكابتن المخضرم محمد عزيز، «فإن فعل الطيران لا يمكن أن يخلو بطبيعة الحال من المخاطر، ولكن الأكيد أن كل المخاطر اليوم محسوبة. وعندما لا نكون قادرين على السيطرة عليها، لا نخوضها».
وعما إذا كان استمرار «الميدل إيست» في عملها يعتمد على ضمانات أمنية بتحييد المطار عن الاستهداف الإسرائيلي، قال الكابتن عزيز: «ثمة تطمينات مصدرها دول عظمى، ولكن لا يمكن الحديث عن ضمانات. وحتى اليوم ما حدا قرب صوب المطار. بينما في حرب 2006 كانت الضربة الأولى على مطار بيروت».
وأضاف:«صحيح أن القصف يطال أحيانا مناطق محيطة بالمطار، لكنه يعقب عملية هبوط الطائرة أو يسبقها، لكنه لا يحصل أبدا بالتزامن مع عملية الهبوط».
وطمأن مستشار الحوت المسافرين بالقول: «ما تعتلوا هم، الأكيد أننا لن نخاطر بأرواح الناس ولا بأرواح أولادنا… ابني طيار حاله حال ابن رئيس مجلس إدارة» الميدل إيست «وكل يوم يطيران. والتقدير ليس فقط للطيارين وطاقم الطائرة، وإنما أيضا لكل موظفي الشركة الذين يواظبون على العمل في المطار على رغم أن بعضهم خسر منزله».
بفضل الخطوط الجوية لـ«طيران الأرز» كما يحلو للبعض تسميتها، لا يزال فضاء لبنان مفتوحا بعيدا من أي حصار جوي، ولا يزال هناك من يجيء ويروح.
أمر واحد ربما تغير، وهو أن الواصلين إلى بيروت تخلوا مؤقتا عن عادة التصفيق متى وطأت الطائرة أرض المطار لأن الوطن في حرب. أما المغادرون، فلسان حالهم أغنية السيدة فيروز: «لبيروت… من قلبي سلام لبيروت».