تشير معطيات “النهار” إلى أن الرئيس المكلف يتّجه إلى اعتماد أسلوب جديد في النقاشات الحكومية المرتقبة مع الرئيس عون. وهو اطلق محرّكات المشاورات مع بعبدا، انطلاقاً من البحث في أسس تنفيذ البرنامج الحكومي وعناوين الإجراءات الإصلاحية التي تحتاج إلى توافق مع المكوّنات المعنية بالتأليف، باعتبار أن بيت القصيد يكمن في ضرورة الاتفاق على برنامج العمل واستشعار مدى الإستعداد الجدي لتنفيذ الإصلاحات، في وقت يلمس مقربون من ميقاتي أن التوصل إلى توافق على تنفيذ بنود برنامج عمل واضح هو المسألة الاكثر أهمية، في وقت كانت برزت معالم رفض لمجموعة من الإصلاحات في مرحلة سابقة من قبل قوى سياسية رئيسية في البلاد.
وسينطلق ميقاتي في المفاوضات الحكومية إنطلاقاً من أربعة عناوين: استقلالية الوزراء، وحكومة المهمة، والإصلاحات، والانتخابات. ومن ثم سينتقل إلى البحث في التوازنات التي ستقوم عليها الحكومة في توزيع الحقائب قبل التطرق إلى الأسماء. ويتجه بعدئذٍ إلى النقاش في الاسماء التي يريدها مستقلة من دون تأثير سياسي. وثمة قناعة راسخة لديه بأنه إذا كانت أسس تنفيذ البرنامج واضحة، حينئذٍ يصبح التأليف سهلاً. وعلم أن اللقاء الأول بين عون وميقاتي بعد الاستشارات النيابية التي اجراها الرئيس المكلف شهدت تقديم ميقاتي تصوره الاولي لتشكيلة حكومية من 24 وزيراً اختصاصياً من المستقلين غير الحزبيين مع توزيع للحقائب على الطوائف وان البحث في هذا التصور سيستكمل في اجتماع آخر اليوم في قصر بعبدا. وذكر ان عون وميقاتي متفقان على الاستعجال في التأليف.
وكان ميقاتي أجمل نتيجة الاستشارات النيابية غير الملزمة التي اجراها في ساحة النجمة، بإشارته الى “اجماع النواب والكتل على الطلب باستعجال تشكيل الحكومة، لأن مع تشكيلها نستعيد الدولة ووجودها ما يجعل المواطن يطمئن”. وقال: “الظروف صعبة ويجب تأمين حاجات المواطن “. كما اعلن بعد زيارته للقصر الجمهوري عصراً انه أطلع الرئيس عون على تفاصيل الاستشارات النيابية غير الملزمة “وأكدت أهمية تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن”. وقال انه والرئيس عون “محافظان على وتيرة السرعة هذه ويمكنني القول اننا دخلنا في بعض التفاصيل وكانت الآراء متطابقة بنسبة كبيرة جداً وسنلتقي في اجتماعات متتالية خلال اليومين المقبلين وباذن الله سنشهد حكومة قريبا”، دائما عبر “النهار”.
وكشفت مصادر مطلعة لـ «الجمهورية»، انّ الرئيس المكلف نجيب ميقاتي حمل الى رئيس الجمهورية ميشال عون في لقائهما إثر انتهاء مشاروات التأليف النيابية أمس، تصوراً أولياً لشكل الحكومة، تضمّن توزيعاً للحقائب حسب التصنيف المعتمد على مختلف المذاهب. وهذا التصور لم يكن ابن ساعته او انّه أُعدّ في الساعات القليلة الفاصلة بين التكليف ويوم الاستشارات النيابية غير الملزمة، وهو يحمل العناوين الآتية:
– حكومة من 24 وزيراً (ولم تتأكّد المعلومات عن وجود 6 وزراء دولة فيها ووزراء بـ 18 حقيبة بعد دمج وزارات الدولة التي أُحدثت في اوقات متفاوتة بطريقة لم تعط الإنتاجية المقصودة منها).
– أُبقيت حقيبة وزارة المال من حصّة الطائفة الشيعية من دون أي اشارة لمرة واحدة أو لأي سبب آخر.
– وزراء اختصاصيون مع الاحتفاظ بأهمية احترام المواصفات التي تبعد التصنيف السياسي او الحزبي للوزراء .
– توزيع حقائب الوزارات الأمنية بين جميع الأطياف. فحقيبتا وزارتي الداخلية والعدل مثلاً لن تكونا من طيف او فئة واحدة بمعزل عن التوزيعة المذهبية للوزيرين.
– تحاشي الحديث عن حصص وزارية لهذا المرجع او ذاك، والتشديد على مبدأ «الشراكة»، وأن لا تُؤلف الحكومة الّا بالتشاور بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف تأليفها. وانّ تسمية الوزراء المسيحيين والمسلمين لا تتمّ سوى بالشراكة بينهما.
ووصفت مراجع معنية بعملية التأليف مواصفات ميقاتي للحكومة بأنها «عادلة» و»منصفة» في آن، وانها تلتزم الى حد بعيد المواصفات التي تحدثت عنها المبادرة الفرنسية لجهة الاختصاص وإبعاد منطق الحصص السياسية والحزبية عن الحقائب الانتاجية والخدماتية، خصوصاً تلك التي تتولى قطاعات إنتاجية كبرى كالطاقة والاتصالات والاشغال، وكذلك تلك التي تعنى بشؤون المساعدات الدولية والأممية عند فتح باب هذه المساعدات والقروض الممنوحة من مختلف الهيئات الدولية وتلك التابعة للدول والمؤسسات المانحة.
وذكرت المصادر انه بعد عند الانتهاء من البحث في هذه المواصفات ومناقشتها سريعاً، ساد بين عون وميقاتي جَو مريح. ووصفت المصادر اللقاء بأنه «جدي، وشدّد خلاله الرجلان على التعاون لإنتاج حكومة في وقت قياسي، واتفقا على لقاء آخر يعقد بعد ظهر اليوم، وفي حال التفاهم نهائياً على توزيعة الحقائب سيبدأ إسقاط الاسماء عليها.
في مواجهة تعميم الاجواء الايجابية، ظهر رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل بمجلس النواب، مكررا اسلوب التعفف عن المشاركة بالحكومة، وتأكيده على بذل كل ما يمكن لتسريع ولادتها، وهو ما فسرته بعض الاوساط بأن رئيس التيار الوطني، يخطط لمكيدة ما، للرد على طبخة التفاهم على ميقاتي كرئيس للحكومة من وراء ظهره ومن دون موافقته. ويعني كذلك، توقع قيام باسيل من تحت لتحت، بعرقلة تشكيل الحكومة الجديدة، وتكرار الاعيب نصب الافخاخ، وافشال اي طرح كان، لا يعبر عن تطلعاته وطموحاته السلطة والمصلحية، كما فعل مع طروحات الحريري اكثر من مرة في الاونه الاخيرة وافشل كل اقتراحات تشكيل الحكومة.
وتعتبر المصادر بحسب “اللواء” ان ما يقوله باسيل علنا امام الرأي العام بان كتلة التيار العوني، لن تشارك بالحكومة، وهي مستعدة لدعم تشكيلها، لا يعبر عن حقيقة ما يضمره باسيل، بل على عكس ذلك تماما، لا بد من توقع محاولات التفاف وعرقلة للجهود المبذولة لتشكيل الحكومة، ولو كان ذلك على حساب العهد المنهار أساسا وفي غير مصلحة التيار العوني أيضا.