ما يجري في عين الحلوة يثير القلق والمخاوف، وكان أمراً منتظراً، ولا سيما بعد عودة “أبو محجن” وتحريك الوضع الأمني، مما ينذر بإمكان إشعال فتيل الفتنة بين الفصائل الفلسطينية في هذا المخيّم الذي يتجاوز عدد قاطنيه مئة ألف مواطن، وكل الفصائل على اختلافها وتلاوينها موجودة فيه.
وفي جديد المعلومات والمعطيات، أن حركة “فتح”، وبعد الاجتماع المطوّل للفصائل الفلسطينية، وُعِدَت بتسليم قاتل العنصر “الفتحاوي”، وإنما، وحتى الساعة، ليس ثمة ما يوحي بأن القاتل سيُسلّم، وهذا يفاقم من حجم المخاوف، نظراً الى ارتباط القاتل بأبو محجن، الفار من وجه العدالة اللبنانية والفلسطينية، وهو الذي تسبّب بقتل عناصر من الجيش اللبناني، وسجله حافل بالإرهاب والقتل، ما يطرح السؤال: هل أن من يحرِّكه إقليمياً، ومن الجهات المتطرّفة والأصولية، أخذ قرار تفجير المخيّم إنطلاقاً من شرارة اغتيال العنصر “الفتحاوي”؟
في السياق، تشير مصادر على صلة بالوضع في مخيم عين الحلوة، إلى أن الاتصالات بين الفصائل الفلسطينية مفتوحة، ولم تتوقف إلى حين أن يسلِّم مرتكب هذه الحادثة إلى الإلتزام بالهدوء وبأمن المخيّم، وعلم في هذا السياق، بأن التواصل مع الشرطة الفلسطينية في رام الله من قبل قيادة “فتح” في بيروت، أكد على جملة عناوين أساسية تُعتبر من الثوابت، وسط إصرار على الإلتزام بها:
ـ أولها ضرورة القبض على من نفّذ هذه الجريمة والتحقيق معه من قبل الأجهزة الأمنية اللبنانية والفلسطينية المختصة، والتوسّع في التحقيقات لمعرفة الدوافع والأسباب التي أدّت إلى اهتزاز الأمن، وبالتالي إطلاق النار على أحد عناصر “فتح” و قتله، بمعنى هل من مخطّط وعودة إلى سيناريو الماضي الذي قاده “أبو محجن”، وسوابقه في هذا الإطار عديدة وكثيرة في الأعمال الإرهابية.
ـ وثانيها ضرورة تكثيف الإتصالات بين السفارة الفلسطينية في لبنان ومسؤولي المخيّم من جهة، ومع المسؤولين اللبنانيين والجيش اللبناني ومخابراته للتنسيق السياسي والميداني وعدم السماح لأي فصيل فلسطيني أيّاً يكن، الإساءة إلى الدولة اللبنانية وأمن واستقرار هذا البلد، وتحديداً الحفاظ على أمن المخيّمات وتعزيزها من خلال التشدّد والمراقبة عبر الإنتشار والمواكبة والمتابعة حيال كل ما يحصل، نظراً لدقة المرحلة والظروف المحيطة بلبنان وعلى الصعيد الإقليمي، مما قد يؤدي إلى دفع بعض الموتورين والخارجين عن القانون لتعكير صفو أمن هذه المخيمات، والسعي لتفجيرها بناء لأهداف معروفة كما حصل في مراحل سابقة.
ويبقى أن ما جرى، ووفق المعلومات المتأتية من داخل المخيم وبعض الذين يدركون ما يجري، أن الحادث الأخير لم يكن فردياً، بل يحمل في طياته مؤشرات خطرة، على اعتبار أن من قام بهذا العمل ينتمي إلى جماعة المدعو “أبو محجن”، وهؤلاء لا يتحرّكون إلاّ من خلال ما هو مخطّط عبر مجموعات تشكل بؤراً إرهابية وأصولية منظّمة ومدعومة من جهات تعمل على تحريك الفتنة وإشعالها، إن في المخيمات أو على الصعيد اللبناني، كما حصل في نهر البارد ومفاصل أخرى.
لذلك، تابعت المعلومات، أن الإتصالات التي حصلت وكل المحاولات التي جرت لعدم تفلّت الوضع، لا يعني أن الأمور انتهت عند هذا الحد، بل يبقى القلق قائماً في ظل ما يحتويه المخيّم من فصائل، أو بعض الجهات التي تتحرّك غبّ الطلب وعبر أجندات إقليمية، إلا في حال خلصت النيات وتمّ تسليم القاتل، وانتهت الأمور عند هذا الحد. ولكن من خلال الأجواء الراهنة، فالأمور ما زالت ضبابية ومقلقة على إيقاع السعي لضبط الوضع وعدم خروج الأمور عن نصابها، وذلك ما تشدِّد عليه القيادة الفلسطينية في المخيّم، وبين ما يحاول البعض القيام به للعمل على إقحام المخيّم في صراعات لا تُحمَد عقباها.