توازياً مع التطورات الميدانية المأزومة جنوباً، تنشط المساعي الدبلوماسية المتمثلة بالسفيرين السعودي وليد البخاري والفرنسية هيرفيه ماغرو على خط إعادة التواصل مع القوى السياسية لإعادة تحريك الملف الرئاسي تمهيداً لإعادة استئناف اللجنة الخماسية لعملها بهدف التوصل لانتخاب رئيس جمهورية.
الحراك الدبلوماسي يقابله تحرك داخلي يتولاه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي والرئيس وليد جنبلاط، الذي التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري وتباحث معه في المستجدات الأمنية والسياسية، لا سيما في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة وجنوب لبنان، واحتمالات توسّع الحرب وامتدادها وكيفية مواجهة هكذا تطوّر.
مصادر سياسية أشارت في اتصال مع “الأنباء” الإلكترونية إلى تأجيل البحث في الملف الرئاسي إلى ما بعد الإنتهاء من الحرب على غزة وجنوب لبنان، وأن المسعى الفرنسي لفصله عن أحداث غزة لم تصل الى نتيجة في هذا الشأن لأن الإدارة الأميركية ترفض البحث في هذا الموضوع قبل الانتهاء من حرب غزة وإعادة ترتيب أوضاع المنطقة.
وفي سياق الحراك السياسي، تبرز بعض المحاولات للخرق كتلك التي يقوم بها النائب غسان سكاف، الذي كشف عبر جريدة “الأنباء” الإلكترونية أن “مبادرته الرئاسية الجديدة تندرج تحت عنوان تخفيض السقوف وتنطلق من مبدأ عدم الاستسلام لواقع تأجيل الاستحقاق الرئاسي وإبقاء البلد من دون رئيس جمهورية”.
سكاف أشار الى أن “لبنان أصبح ينتقل من الانهيار الى خطر الزوال فيما نجد بأن الفرقاء تتعايش مع هذا الواقع”. وقال: “اذا كنا ذاهبون الى توسيع الحرب فيجب أن يكون لدينا دولة تمسك بزمام الأمور وإذا كنا ذاهبون إلى مفاوضات فيجب أن يكون لبنان فوق الطاولة وليس تحتها وهناك من يفاوض عنه لأن ما بعد حرب غزة ليس كما قبلها. لذلك علينا أن نعيد اللعبة إلى الداخل بدل انتظار اللجنة الخماسية بعد أن أصبحت برأيه سيف ذو حدين، من ناحية باتجاه تأخير الاستحقاق الرئاسي ومن ناحية ثانية لأنها أصبحت تحتاج إلى توافقات، ومن ناحية أخرى الحرب على غزة جعلت الخارج ينتظر إيقاف الحرب بالإضافة إلى الخلاف بوجهات النظر بين الفرنسيين والأميركيين.
وأضاف سكاف “يبقى توافق اللجنة الخماسية أمر مهم”، مذكّراً بأن ملف التمديد كان نموذجاً ناجحاً لمنع الشغور في قيادة الجيش، كاشفاً أن مبادرته تدعو للتوافق على مجموعة من المرشحين ومن ثم التوافق مع اللجنة الخماسية على عدد قليل منها، بعدها نذهب إلى المجلس في جلسات متتالية وانتخاب الرئيس لأننا بعد 12 جلسة وصلنا إلى قناعة انه لا يمكن الاستمرار بمرشحين ومجلس منقسم الى قسمين، والمعادلة الرياضية لا تؤسس لانتخاب الرئيس، مشدداً على أن المبادرة تركّز على توافق الكتل الكبرى في المجلس.
إذاً، محاولات تحريك المياه الراكدة مستمرة، لكنها لن تكون كافية بطبيعة الحال، فالرئاسة بحاجة الى إنضاج، وإلى ظروف تسمح بإنجاز الاستحقاق. ولكن حتى اللحظة كل الأنظار تتجه إلى الميدان فقط.