«متلازمة كاسبر هاوز» تؤثرّ في النمو النفسي والجسدي وحتى التعليمي للأطفال

Share to:

الديار – ندى عبد الرزاق

MALNUTTRITION IN CHILDREN او الصَّغَل لدى الأطفال في مراحل مبكرة أي منذ اليوم الأول وحتى الالفين يوم، حالة منتشرة على مستوى العالم ونتائجها سلبية على الصحة النفسية والجسدية والعقلية الى جانب توقف النمو المرتبط بنقص التطور الادراكي، النحافة وأيضا الهزال.

في سياق متصل، قدّرت منظمة الصحة العالمية ان سوء التغذية تمثل حوالى 1.54% من وفيات الأطفال أي بحدود المليون طفل. وأشار تقرير آخر للصحة العالمية، «الى ان نقص الوزن في مرحلة الطفولة هو السبب في 1.34 من جميع وفيات الأطفال دون سن اخمس سنوات في انحاء العالم».

الى جانب الاسباب الأساسية لسوء التغذية وهي: المياه الملوثة وعدم تعقيمها وقلة النظافة الشخصية الى جانب العوامل المرتبطة بالمجتمع والفقر والامراض وأسباب من الأم وأيضا قضايا متعلقة بنوع الجنس.

اعراض تظهر من خلال العلامات القياسية التالية:

– التقزم، انخفاض كبير في الطول بالنسبة للعمر.
-نقص الوزن، انخفاض كبير في الوزن والعمر.
-الضمور، انخفاض كبير في الوزن بالنسبة للطول.

بالتوازي، يعد الجوع المستتر او سوء التغذية الى جانب زيادة الوزن هذه الاشكال الثلاثة قائمة في الاسرة المعيشية الواحدة. يعني ان دولة ما قد تغالب المعدلات العالية للتقزم او قصر القامة، وزهد المغذيات الدقيقة بما في ذلك البدانة.

المتوقع ان هذا العبء الثلاثي قد يتعاظم، والملفت انه لا يوجد أي بلد يذكر انه حقق تقدما في تقليل مستويات الوزن، السمنة والتقزم خلال السنوات الفائتة.

الاثار السلبية على الاطفال

ان تأثير هذه الاشكال الثلاثة في الأطفال قد ينعكس سلبا على صحتهم النفسعقلية. مما يزعزع قدرتهم على التعلم لا بل يقف حائلا في طريقهم للتثقّف الذي يمكن ان يحدث فرقا كبيرا في حياة الأطفال ليتمكنوا من نيل شهادات عليا ويوظفوها في مجالات مختلفة كالطب والهندسة والتعليم وغيرها من المجالات.

أولوية

«التقزّم النفسي» عند الأطفال يؤدي الى وهن في الصحة الجسدية، وتراجع الحالة النفسية وهذا قد يمنعهم من المشاركة الفاعلة في العملية التعليمية وتظهر الاعراض من خلال الاتي: تشوه العظام، قصر اليدين بشكل غير طبيعي، تسوس الاسنان، التشتت وقلة التركيز، خلل في الذاكرة والتذكّر، افلاس في الطاقة والارهاق المستمر المزمن الى جانب اضمحلال الاهتمام والرغبة في التعلم والحضور الى المدرسة، تغير المزاج، القلق والتوتر والاكتئاب.

الوضع الاقتصادي

بالموازاة، الفقر هو السبب الأساسي لقضية سوء التغذية للصغار والكبار على حد سواء، فالعائلات التي ترزح في حالة فقر مدقع تفتقر الى إمكان الحصول على الحد الأدنى من الوجبات المغذية حتى لو كانت الحصص ضئيلة كاللحوم، الدواجن، الفواكه والخضراوات الطازجة.

في لبنان، هذه الظاهرة بدأت تلوح بوادرها منذ أكثر من عامين بسبب الازمة الاقتصادية والمعيشية وارتفاع الأسعار بشكل جنوني. ما دفع بالكثير من العائلات الى تقليص الحصص الغذائية وحتى الغائها، او خلطها مع مواد قد تؤثر سلبا في الصحة كاستخدام الماء عوضا عن الزيت في شطيرة الزعتر، او تناول الخبز الناشف وبعض العائلات افضت لـ «الديار» انها ترطب الكعك بالماء مع السكر ليصبح اكله مقبولا من قبل الاطفال. فالأمر لا يتعلق بالشبع او سد الرمق وانما بنوعية الطعام وتنوعه وكميته.

الصحة النفسية

الاضطراب في النمو يؤثر في الصحة النفسية للأطفال وقد يعرضهم «للتنمر» الى جانب أمور اخرى فصّلتها الاختصاصية النفسية والاجتماعية غنوة يونس في حديث لـ «الديار»، «ان نقص العناصر المغذية قد يسفر عن اختلال عمل وظائف الدماغ لدى الطفل، ويظهر ذلك نتيجة ارتفاع مستويات القلق والاكتئاب والتوتر وقد يصل الامر الى الإصابة بأمراض عقلية واضطرابات سلوكية وعصبية الى جانب الحرمان العاطفي الشديد».

واردفت، « الى جانب تغيير المزاج وتراجع مستوى التركيز والمعاناة من الاجهاد، هناك مظاهر قد نكتشفها تظهر اعراضها في التقزم او الانخفاض الشديد في الوزن، الى جانب الالم في العظام والمفاصل وفقر الدم الذي ينتج منه تغيير في لون الجلد وشحوب على الوجه».

تابعت، « يعد الغذاء العامل الأهم للطفل منذ مجيئه الى الحياة وعلى الاهل التنبّه ان الطفل يحتاج الى العناصر الغذائية المتنوعة والمدعّمة لتساعده على نموه الجسدي والنفسي وتلقائيا النقص بالفيتامينات والمعادن من المكملات الغذائية في حال انعدامها، سينعكس هذا الشح على تطور الدماغ وبالتالي يشمل الحالة النفسية».

الاثار

عللت غنوة، «الاثار النفسية المتعلقة بـ «تقزّم التوتر» وضررها، تكشف ان اغلبية الاطفال يواجهون تحديات لأسباب مختلفة ان كان بسبب الازمة الاقتصادية او لعوامل أخرى. ولفتت، «هذا الاختلال عواقبه وخيمة يتمثل بالانفعال السريع، غياب التركيز، ممارسة سلوكيات عدوانية الى جانب عقبات تتعلق بالتفاعل البطيء مع المحيط والآخرين».

وعن التأثيرات الجسمية قالت يونس، «إذا تحدثنا عن «التقزم النفسي»، «تقزم التوتر» او» متلازمة كاسبر هاوز» ويعني قصر القامة فان هذا الامر سيجعل من الطفل مسرحا للتنمر وستتدهور ثقته بنفسه، لأنه ليس كباقي الأطفال وسيفكر بدونية تجاه ذاته كونه مختلفا عن الأولاد الذين في مثل عمره. ومن هنا سيكون هدفا لتلقي التأثيرات الخارجية السلبية والانسياق مع الوصمة الاجتماعية».

النظرة بالاختلاف

فصّلت غنوة هذا الجانب بالقول، « ان النظرة بالاختلاف لها سطوة سلبية والطفل لن يقدر على التمييز لفهم الأسباب التي أدت الى ذلك، غير انه ينسحب من ذاته وينطوي على نفسه وهناك دراسات تطرقت الى ان الأشخاص الذين اختبروا سوء التغذية في مراحل مبكرة، عندما أصبحوا راشدين انقلبوا الى شخصيات معادية للمجتمع وانكفؤوا عن التواصل مع الاخرين نتج منه ضعف بالعلاقات الاجتماعية».

بالإشارة الى انه يوجد ارتباط وثيق ما بين النمو الجسدي والنفسي ولا يمكن فصلهما لذا فأي ثغرة فيهما ستكون الارتدادات سلبية».

طرق وقائية

في سياق متصل أرشدت غنوة، «الى ضرورة تغيير شامل في النظام الغذائي للأطفال ليحتوي كل المعادن والفيتامينات ومصادر الطاقة. وما تجدر الاشارة اليه، «ان للأمهات دورا أساسيا بعد الولادة لملاحظة أي تغييرات في أطفالهن لجهة الطول، الشكل وهنا لا بد من حملة توعية وارشاد للسيدات اللواتي يقطن في احياء فقيرة او بعيدة لتفادي الأسوأ ولحماية طفل قد يكون مستقبله النفسي والجسدي والاجتماعي على المحك».

الجهات الرسمية غائبة

ختمت غنوة، «ان طرق الحماية او تلك الوقائية غائبة في لبنان باعتبار ان الإدارات العامة والوزارات لا تملك القدرات المادية والمعنوية في ظل غياب فريق متخصص يُعنى بهذه القضايا الحساسة والتي تشمل مستقبل اطفال لتقديم الدعم والإرشاد اللازمين، حتى الدعم النفسي في حال أردنا ان نعالج الموضوع من هذا الجانب فهو يكاد ان يكون غائبا أيضا بسبب افتقارنا الى الإمكانات».

Exit mobile version