مبادرة دعم سعودية – فرنسية للبنان في الزمن الصعب!

Share to:

التطور البارز المقابل تمثل امس في انطلاق الآلية المالية المشتركة الفرنسية – السعودية التي تم الاتفاق عليها بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والخاصة بلبنان. وأفادت مراسلة “النهار” في باريس رندة تقي الدين ان انطلاق الالية جاء اثر لقاء وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ووزير الخارجية الفرنسي جان – ايف لودريان، وبعد متابعة التنسيق الذي جرى بين البلدين عقب زيارة ماكرون لبن سلمان. وتم الاتفاق على المشاريع الأولى بتمويل مشترك، وهي: تقديم مساعدة مباشرة لمراكز الرعاية الصحية الأولية في كل لبنان، دعم مستشفى طرابلس من خلال الوكالة الفرنسية للتنمية، ودعم الرعاية الصحية الطارئة للشعب اللبناني في تعزيز خدمات الطوارئ لكوفيد 19، وتمويل المساعدة الغذائية في كل انحاء لبنان وتقديم المساعدة المعيشية للبنانيين الأكثر حاجة، ودعم الأطفال اللبنانيين بتوزيع حليب الرضّع، وتركيب الواح شمسية في المدارس لضمان حاجاتها من الطاقة. وقد انشأ الوزيران آلية لتوفير الدعم المشترك بين #فرنسا والمملكة للمنظمات غير الدولية اللبنانية لتلبية الحاجات اليومية للبنانيين. وسبق ذلك عقد اجتماعات عدة للجانب الفرنسي للإعداد لذلك، إضافة الى اجتماعين فرنسي – سعودي لانشاء الآلية واختيار المشاريع. ولم يعلن حتى الآن عن المبالغ التي جرى إقرارها. وتجدر الإشارة الى ان الجانب الفرنسي يراقب عن كثب التطورات في لبنان رغم انشغال ماكرون بالحرب الروسية على أوكرانيا.

على صعيد آخر، قال مصدر ديبلوماسي غربي لـ “النهار” انه سبق لوزير الخارجية الاميركي انطوني بلينكن ونظيره الفرنسي ان اثارا موضوع الدعم الاقتصادي والسياسي للبنان، وان الإدارة الاميركية، كما الفرنسية، تحاول باستمرار اقناع السعودية بعدم التخلي عن الاهتمام بلبنان وتركه لهيمنة “حزب الله” وايران. واعتبر المصدر ان هناك خطرا نشأ من الفراغ السياسي الذي تركه الرئيس سعد الحريري على الساحة السنية، خصوصا ان ليس هناك حاليا أي بديل على هذه الساحة التي أصبحت مشتتة والتي قد يستفيد منها “حزب الله”. وأكد المصدر انه “صحيح ينبغي تجديد الطبقة السياسية بوجوه جديدة، ولكن طالما ان هذا الامر غير متوافر على الساحة السنية وليست هناك شخصية بارزة توحّد هذه الساحة، فان الفراغ فيها يشكل خطرا كبيرا”.

ورحّب عضو كتلة الوسط المستقل، النائب علي درويش، بالمبادرة السعودية – الفرنسية، وأشار في حديث مع “الأنباء” الإلكترونية إلى أنّه، “سبق للبنان وأطلق رسالة خاصة طلباً لمساعدة الأشقاء والأصدقاء له لتخطي الواقع الصعب الذي يمرّ به”، معتبراً أنّه “من الطبيعي لبلد مثل فرنسا أن يهتمّ بلبنان في هذه المعاناة التي يمرّ بها، وهي كانت قبل الأزمة الأخيرة رعت مؤتمرات سيدر 1 و2 و3، وتعرف الكثير عن لبنان وما يحتاجه في هذه الظروف”.

ورأى درويش أنّ، “مبلغ الـ36 مليون دولار المقدّم من السعودية يعكس أن لبنان غير متروك”، متمنياً أن تُستخدم في مكانها الصحيح، عازياً الأسباب التي دفعت لعدم التعاون مع مؤسّسات الدولة من قِبل الدول المانحة إلى  “الترهّل الذي أصابها في السنوات الماضية، ولهذا نجد عدم الرغبة في التعاون معها”، آملاً من المؤسّسات التي قد تحصل على تلك المساعدات توزيعها وفق دراسة تظهر بشكل واضح الفئات التي تستحقها.

بدوره، رحّب الخبير الاقتصادي د. لويس حبيقة بالمبادرة السعودية – الفرنسية، وأمل في اتصالٍ مع “الأنباء” الإلكترونية أن تصل إلى مستحقّيها بأسرع وقت نظراً للظروف الصعبة التي تعيشها شريحة واسعة من اللبنانيين.

وعلى الرغم من عدم امتلاكه تفاصيل دقيقة عن كيفية توزيع هذه المساعدات بشكلٍ واضح، إلّا أنّ حبيقة اعتبر أن،  “هذا الأمر عظيم، انطلاقاً من المثل القائل “البحصة بتسند خابية”، لكنّ المهم برأيه ألّا تلقى نفس المصير الذي أصاب مساعدات سابقة، لأنّ شكوك الناس بمحلّها. وأضاف: “المهم أن تسلّم إلى مؤسّسات لديها مصداقية في طريقة توزيعها”، ومتمنياً على وزارة الشؤون الاجتماعية القيام بواجباتها، ومراقبة توزيع هكذا مساعدات. فالمهم ألّا تتوقف المساعدات عن لبنان، والأهم أن يكون الرأي العام على بيّنة من طريقة توزيعها على مستحقيها.

هذا القلق على كيفية صرف هذه المساعدات، يعود إلى تكرار خيبات اللبنانيين من الأموال المهدورة، وتلك التي ذهبت هباءً في مشاريع فاشلة كقطاع الكهرباء، الذي جدّد الحزب التقدمي الاشتراكي رفع الصوت، أمس، مطالباً بخطة علمية إنقاذية للقطاع، ووقف الانهيار الحاصل فيه، فقد أكّد النائب درويش أنّه، “إلى جانب بيان التقدمي لجهة الإسراع بالتنفيذ وزيادة ساعات التغذية بالكهرباء، لأنّ الناس لم تعد تحتمل هذه الكلفة العالية كل شهر”.

وأمام التحذيرات المستمرة من سياسة السلف والمشاريع الترقيعية في الكهرباء، فإنّ المطلوب هو عدم إقرار أي خطة تكون استمراراً لنهج “الطاقويين” الجدد والسابقين، كما وصفهم بيان “الاشتراكي”، فهذا النهج الفاشل لو كان فيه خيراً لما كان اللبنانيون يعيشون على “العتمة” منذ أشهر. 

Exit mobile version