لم يجد بعض السياسيين ما يعلقون به على المبادرات الرئاسية الحالية وآخرها مبادرة “التيار الوطني الحر”، سوى بالقول أن تحرك باسيل “قلة أخلاق”، لأنه يدخل على تحرك الحزب “التقدمي الاشتراكي”، وفي هذا التعليق مثال على حجم اضمحلال العمل السياسي، فكل طرف يغني على ليلاه، محاولاً تحقيق بعض التقدم على المستوى الشخصي.
كثيرة هي المبادرات التي انطلقت في الأيام القليلة الماضية حول الرئاسة، من دعوات لانتخاب الرئيس من قبل الشعب، مروراً بترشح الموارنة الأربعة الأساسيين، ومنازلة سمير جعجع مع سليمان فرنجية، وصولاً الى مساعي باسيل لعقد حوار بمن حضر، على أن يكون “المن حضر” بالنسبة لرئيس المجلس النيابي نبيه بري، عبارة عن 86 نائباً على الأقل يؤمنون ثلثي المجلس النيابي، لضمان النصاب في أي جلسة لانتخاب الرئيس، وهو ما لم يتحقق بعد رغم كل الإيجابية التي تتحدث عنها القوى السياسية تجاه الحوار، علماً أن المعلومات تُشير الى أن بري يفضل الحوار الجامع ولا يريد رئاسة تحد لأي طرف مؤثر، في الخارج تحديداً.
وعلى الرغم من الإيجابية التي يُنظر بها إلى تحرك رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، إلا أن مصادر متابعة ترى أن هذا الأمر “مضخم” إلى حد بعيد، نظراً إلى أن باسيل من الناحية العملية، “يتذاكى” على الاستحقاق الرئاسي لا أكثر ولا أقل، حيث ان هدفه الأساسي خلق كتلة نيابية تكون قادرة على التخلص من المرشحين اللذين يرفضهما هو شخصياً، أي رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزاف عون، وتضيف المصادر “هذا الهدف لن يتحقق، على الأقل في المدى القريب”.
وتشير هذه المصادر إلى أن باسيل مخطىء إذا كان يعتقد أنه من خلال ذلك يستطيع أن يفرض على “الثنائي الشيعي” التخلي عن ترشيح فرنجية، حيث ان هذا الثنائي لن يتخلى بسهولة عن هذا الترشيح، وإلا لكان من الممكن الذهاب إلى انتخاب رئيس جديد قبل أشهر، على اعتبار أن هذا الخيار موجود على الطاولة، وكان من الممكن أن يؤدي إلى انتخاب شخصية أخرى مقربة منه، وقد عُرضت عليه خيارات كثيرة، ومورس حياله الترغيب مراراً، حتى كاد الغرب يقول للثنائي “خذوا البلد بما فيه مقابل وقف جبهة الجنوب”.
بالنسبة إلى المصادر نفسها، كل ما يحصل في الوقت الراهن هو مضيعة للوقت، على إعتبار أن الإنتخاب مرتبط بالظروف الخارجية التي لم تتوافر حتى الآن، لكن في هذا الوقت الضائع يبدو أن هناك من يسعى إلى تحقيق بعض المكاسب السياسية، كمثل السجال المفتوح حالياً من قبل رئيس “التيار الوطني الحر” مع رئيس حزب “القوات” سمير جعجع، على قاعدة أن مواقف الأخير هي التي تحول دون الوصول إلى نتيجة، أو خلاف التمثيل بين تمثيل مسيحي وتمثيل وطني، ولكن في العمق فإن الداعين الى الحوار كرافضيه، يعلمون بأن وقت الرئاسة لم يحن بعد، وما يجري في المنطقة كفيل بتعليق البحث بكل الملفات الأخرى.
وتؤكد المصادر أن كل هذه المبادرات لن تُنتج رئيساً، لكنها قد تكون مفيدة عندما يحين زمن “النزول عن شجر” السقوف المرتفعة، وهذا الزمن قد يكون متاحاً قبل انتخابات أميركا، كما حصل عند انتخاب ميشال عون، أو لما بعد نهاية العام الحالي، لذلك الكل يسعى لتحقيق أهدافه حالياً، باسيل للتخلص من فرنجية وعون، وبري لحشد النواب كل النواب لأجل الحوار.