ساهمت الجلسة الحكومية التي عُقدت السبت لمتابعة الاجراءات القضائية بوجه المصارف في تبريد الأجواء قليلاً، وكان اختيار الوزراء عدم الذهاب الى تصعيد الخلافات فيما بينهم اختياراً صائباً، ساهم في خفض سعر صرف الدولار الى ما دون الـ 23 ألف ليرة، إنما ما هو المتوقع في الأيام القليلة الماضية؟
حتى لحظة كتابة هذا المقال لم تكن الاتصالات الجارية على خط الحكومة – المصارف قد وصلت الى حل يقضي بتعليق الإضراب، مع العلم أن أكثر من طرف تدخل في هذا الأمر، وبحسب مصادر متابعة، فإن من بين المصرفيين أيضاً من يفضّل تعليق الإضراب، لأن أي توقف عن العمل من شأنه إعادة تحريك الشارع الغاضب بوجه المصارف.
بالنسبة الى المصادر، فإن المدافعين عن مبدأ الإضراب في «جمعية المصارف» يريدون من خلال إضرابهم إظهار مدى حاجة الدولة والمواطنين إليهم، وبالتالي اعتبار هذا الفعل كحركة إظهار قوّة تكون مفيدة لهم في عملية التفاوض القائمة، بينما يرى الرافضون له أنه سيحمل تأثيرات عكسية في القائمين عليه، لأن الغضب الشعبي على قطاع المصارف لم يبرد بعد، معتبرين أن جلسة الحكومة كانت إيجابية ويجب إعطاء الوقت لوزير العدل لكي يتصرف، وبناء على تصرفه ومسار الامور تُتخذ القرارات.
وتشير المصادر إلى أن الاستمرار في الإضراب يوميّ الاثنين والثلاثاء سيكون له تأثير كبير في سوق الصرف من جهة، وباقي الأسواق من جهة اخرى، كاشفة أن إقفال المصارف سيؤدي الى تعطيل في قطاع النفط، وبالتالي تأخر في تسليم البضائع الى المحطات ما يعني أن عدداً من محطات المحروقات ستكون مقفلة بين اليوم والغد.
كذلك سيؤدي هذا الإقفال، الى عرقلة حركة بيع وشراء الدولارات على منصة «صيرفة»، فالمصارف المقفلة تعني توجه التجار الى السوق السوداء لشراء العملة، وهنا ترى المصادر أن المبالغ التي كانت تُباع على منصة «صيرفة» وتصل الى حدود الـ 80 او 90 مليون دولار يومياً لن تكون هي نفسها في السوق السوداء بحال أقفلت المصارف، إنما هذا لا يعني أن التجار سيشترون مبالغ مالية بالدولار من السوق السوداء، حيث تُقدر الكميات بنصف ما كانوا يشترونه في الأيام العادية، وبالتالي فإن انعكاس هذا الامر على سعر صرف الدولار سيكون أكيداً وفورياً، إنما ليس من المفروض ان يؤدي الى ارتفاع كبير بسعر الصرف، إلا إذا كان الهدف رفع سعر الصرف، ما يعني تدخل أطراف أخرى بعمليات الشراء، لخلق طلب كبير على الدولار ما يرفع سعره بشكل كبير.
لن يؤثر الإقفال في عمليات المواطنين العاديين المالية، فالسحب من المصارف لم يعد كما كان في السابق، وأغلب المودعين يسحبون حصتهم من السحب بداية الشهر، ومن يملك الشيكات يمكن أن ينتظر، إنما تُبدي المصادر قلقها من الإجراءات التي من الممكن أن تذهب إليها المصارف بعد الإقفال، بحال استمرت المعركة القضائية عليهم، أما بحال استقرت الأحوال، فمن المرجح ان تدفع المصارف ثمناً لها بمنح المودعين مزيداً من الحرية في عمليات سحب رواتبهم.
إذاً، بالنسبة الى المصادر، فإن تداعيات الإقفال لن تكون كبيرة ما لم يكن الهدف جعلها كبيرة، أي أن المسار الطبيعي للأمور هو اعتبار يومي الاثنين والثلاثاء كأي عطلة رسمية قد تجعل المصارف مقفلة، أما بحال كان الهدف تصعيديا، فإن الإقفال سينعكس بشكل كبير على قطاعات أساسية، على رأسها سعر صرف الدولار.