بعدما تجاوز سعر صرف الدولار ال ٣١ الف ليرة لبنانية في الاونة الاخيرة يتوقع العديد من الخبراء الاقتصاديين والماليين المزيد من الارتفاع في سعر الصرف قد يصل الى حدود ال ٥٠ الف ليرة.
ويجمع هؤلاء الخبراء على ان غياب الاصلاحات البنيوية هو السبب الاساسي وراء ارتفاع سعر صرف الدولار وانهيار العملة اللبنانية فهل يعي المسؤولون خطورة الوضع ويعملون لانقاذ الليرة اللبنانية من الانهيار الذي وصلت اليه التي بدورها تنعكس على القدرة الشرائية للمواطنين التي انعدمت الى حدٍ كبير وهل يعلمون انه حان الوقت لتطبيق الاصلاحات التي لا تساهم في لجم ارتفاع سعر الصرف فحسب بل تساهم ايضاً في انتشال الاقتصاد اللبناني من القعر الذي وصل اليه وبالتالي تساهم في انقاذ لبنان على جميع الاصعدة ان كان اقتصادياً ونقدياً ومعيشياً
في هذا الاطار رأى الخبير المالي والاقتصادي الدكتور محمود جباعي في حديث للديار ان سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية هو سعر مصطنع ولا يخضع لعملية العرض والطلب بشكل حقيقي بسبب تدخل مصرف لبنان.
واذ اشار الى ان المتحكم بالعرض والطلب في الفترة الماضية هو السوق السوداء لفت ان مصرف لبنان تدخل عبر منصة صيرفة في محاولة للجم هذا السوق وللتخفيف من حدة ارتفاع سعر صرف الدولار معتبراً ان المركزي نجح بشكل تكتيكي ومرحلي في فرملة ارتفاع سعر صرف الدولار لكنه لم ينجح بضبطه على سعر ٢٠ او ٢٥ الف مشيراً ان سعر منصة صيرفة تجاوز ال ٢٦ الف بينما السوق السوداء تخطى ال ٣١ الف.
وفي حين رأى ان منصة صيرفة لا تلبي كل الطلبات على الدولار اذ انها تلبي بعض الشركات اما الافراد فلا يمكنهم الحصول الا على ٥٠٠ دولار شهرياً اعتبر ان منصة صيرفة هي الطلقة الاخيرة التي يلعبها ونجح من خلالها المركزي في لجم سعر صرف الدولار مشيراً انه لا يمكن الاستمرار في هذه المنصة لفترة طويلة بالطريقة نفسها وبكمية الاموال نفسها.
وتخوف جباعي ان يرتفع سعر صرف الدولار مع مغادرة المغتربين الذين يساهمون في ضخ الدولار في السوق اللبناني خلال الموسم السياحي مما ساهم بلجم ارتفاع سعر صرف الدولار الى حدٍ ما
كما توقع ان نشهد المزيد من الارتفاع في سعر الصرف مع غياب الافق السياسي في البلد و الصراع القائم اليوم بين الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية والكتلة النقدية بالدولار
واذ عتبر جباعي ان سعر صرف الدولار اليوم ليس حقيقياً توقع ان يصل الى حدود ال ٤٥ الف ليرة في حال اوقف المركزي تدخله عبر منصة صيرفة
اما عن الحلول التي تساهم في انخفاض سعر الصرف لفت الى ضرورة انشاء مجلس نقد و اطلاق سعر صرف الدولار ووضع ضوابط على طباعة الليرة اضافةً الى تطبيق الاصلاحات النقديةوانجاز خطة تعافي اقتصادي شاملة فضلاً عن ايجاد حلول لملف الكهرباء و العمل على تحويل الاقتصاد من اقتصاد ريعي الى اقتصاد منتج لتخفيف حجم الاستيراد ودخول الرساميل بشكل منتظم ورسمي الى البلد
وشدد جباعي على ضرورة ايجاد الحلول البنيوية لوقف تدهور الليرة اللبنانية مع انشاء مجلس نقد لفترة زمنية محددة يقوم بتحديد السعر الطبيعي للصرف الى حين البدء بالاصلاحات للنزول تدريجياً في سعر الصرف حتى نصل الى السعر الحقيقي للدولار والا سنكون نعمل على تأخير الارتفاع من دون حلول بنيوية و في اي لحظة يُمكن ان يرتفع سعر صرف الدولار وقد يتخطى ال ٤٠ الف ليرة.
مارديني
من جهته رأى الخبير الاقتصادي الدكتور باتريك مارديني في حديث للديار ان ارتفاع سعر صرف الدولار في لبنان امر طبيعي نتيجة استمرار الحكومة اللبنانية بالعجز الذي ترسيه في الموازنة العامة الذي يتم تمويله عن طريق السياسة النقدية اي عن طريق المصرف المركزي الذي تلجأ له الحكومة لتغطية العجز الناتج عن تجاوز نسبة النفقات نسبة الايرادات في الموازنة مشيراً الى ان الاستمرار في زيادة الكتلة النقدية التي يقوم بها المركزي يؤدي الى ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة
واذ تأمل مارديني ان يتم الاتفاق مع صندوق النقد الدولي لافتاً الى انه في حال طبقت الاصلاحات سنتمكن من تخفيض النفقات وترشيد الايرادات بشكل ان نصل الى توازن في الموازنة العامة وبالتالي لن نضطر الى زيادة حجم الكتلة النقدية الذي يوقف انهيار سعر صرف الليرة اسف لأن الواقع لا يشير باننا ذاهبون الى هذا الاتجاه مشيراً الى ان الحديث عن زيادة الاجور لموظفي القطاع العام يجعل الاسواق تتوقع زيادة الضخ في الكتلة النقدية و بالتالي من المتوقع انهيار اكبر لسعر الصرف بسبب زيادة الطلب على الدولار
واكد مارديني انه طالما ليس هناك اصلاحات التي توازن الموازنة العامة لن نتمكن من استرجاع الثقة بالليرة اللبنانية و سيستمر سعر صرف الدولار بالارتفاع مشيراً انه لا سقف هذا الارتفاع
وكي يستقر سعر الصرف رأى مارديني انه على الحكومة اللبنانية تطبيق الاصلاحات سواء في تخفيض النفقات وزيادة الواردات أم في اعادة هيكلة القطاع المصرفي والتفاوض مع الدائنين حاملي سندات اليوروبوند فضلاً عن الاصلاحات الهيكلية سيما في قطاع الكهرباء
واذ اشار الى ان الحكومة تؤجل موضوع استقرار الصرف اعتبر ان هذا الامر يدفع ثمنه المواطن الذي تنخفض قدرته الشرائية كلما ارتفع سعر الصرف وبالتالي يزداد الفقر والعوز والمشاكل الاجتماعية في البلد.
ومن الحلول ايضاً لايقاف انهيار الليرة اللبنانية انشاء مجلس نقد واجراء تعديلات على قانون النقد والتسليف الاول يُمنع على المصرف المركزي أن يدين الدولة اللبنانية و الثاني يُمنع على المصارف ايداع اي اموال في المصرف المركزي و الثالث يُمنع على المصرف المركزي ان يزيد حجم الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية اذا لم تكن مغطاة بالعملات الاجنبية على سعر صرف ثابت مشيراً انه عبر هذه التعديلات يُحول المركزي الى مجلس نقد موضحاً ان هذه التعديلات ممكن ان تحصل في جلسة واحدة لمجلس الوزارء ونتمكن ان نوقف انهيار سعر صرف الليرة .
ورأى مارديني ان السعر الحقيقي لسعر الصرف ليس سعراً ثابتاً انما هو سعر يتحرك يومياً حسب الوضع الاقتصادي والمالي و النقدي والمصرفي في البلد.
واذ شدد انه لا يوجد سعر صرف حقيقي لفت الى ان هناك سعر صرف معين يومياً لأننا نعيش وسط نظام صرف عائم عبر السوق السوداء و منصة صيرفة معتبراً ان السعر الحقيقي للصرف هو سعر السوق السوداء الذي يتحرك يومياً بناءً على المعطيات الاقتصادية ومن هذه المعطيات : كمية الليرة في التداول والتي تؤدي في حال ازديادها الى انهيار سعر صرف الليرة اضافةً الى نسبة النمو ففي حال ارتفع ينعكس ايجاباً على سعر الصرف اما في حال انخفاض النمو فسعر صرف الدولار يرتفع وبالتالي انهيار الليرة
ومن المعطيات ايضاً التي تؤثر في سعر الصرف اشار مارديني الى عامل الثقة بالليرة اللبنانية التي تؤدي الى الحفاظ على الاستقرار في سعر الصرف اما في حال لم توجد هذه الثقة عندها يتجه المواطنون الى بيع الليرة وهذا ينعكس سلباً على سعر الصرف مؤكداً انه في حال انعدام الثقة يرتفع الدولار و تهبط الليرة
مشدداً على ضرورة تطبيق الاصلاحات التي من دونها لا سقف لارتفاع الدولار فسعر الصرف يبقى متحركاً و تصاعدياً مع غياب الاصلاحات