ما أروع القصر وهو فارغ !

Share to:

الديار: نبيه البرجي

لماذا يفترض أن يكون اليوم الأخير (يوم تعليق الجنرال على الخشبة) يوم قايين وهابيل. من هو، في حالتنا، قايين ومن هو هابيل؟

ما نراه أمامنا، كجثث مع وقف التنفيذ، قنابل دخانية تلقى في وجوهنا لنغرق أكثر فأكثر في الوحول السياسية، وفي الوحول الطائفية. ما بالكم اذا انتقلنا، وكما يتخوف مسؤول معني، الى النيران السياسية والنيران الطائفية؟

في الطريق الينا ـ وسط هذه الفوضى الدستورية، وحيث لا رئيس جمهورية، ولا حكومة الا كأمر واقع ـ هزة أمنية كبيرة ومبرمجة، وقد تفضي الى احداث تغيير درامي في المشهد، بل وفي اللعبة كلها ؟

هذا ليس مستبعداً. تحذيرات أوروبية من الأيدي الخارجية التي اعتادت تصنيع أو تسويق، الحرائق. الآن وأكثر من أي وقت، في ظل الضبابية الدولية، ولأغراض جيوسياسية، كما لو أنها الفئران تلعب بين أقدام الفيلة !

الجنرال الخطأ في المكان الخطأ. بعد فوات الأوان عاد، ولكن خائر القوى، الى حيث كان ينبغي أن يكون وأن يبقى، اذا كان فعلاً يسعى الى الاصلاح والتغيير لا الى الكرسي، ولا الى السلطة (يا لها من سلطة !). كنا نأمل أن يكون رجل عام 2006 ، وهنا الضرب على باب التاريخ لا رجل عام 2016، وهنا الضرب على باب جهنم …

المهم أن المستشارين الذين وصف أحد نواب التيار بعضهم بـ “راقصات القصر” رحلوا. لم تعد الدفوف في الأيدي ولا المناديل على الخاصرة.

ضياع في الوقت الضائع. الطبقة السياسية تدور في حلقة مفرغة بانتظار ثغرة ما في الحائط. هؤلاء الذين لا يستطيعون، بمواصفاتهم الجبارة، أن يصنعوا رئيس جمهورية بأيديهم، أيديهم الملطخة، كيف لهم أن يصنعوا النيوجمهورية التي لا بد منها كيلا نبقى نتقيأ الأزمات تلو الأزمات ؟ ثمة من ذكّرهم ـ وبالعصا ـ باتفاق الطائف، ولم يتذكروا أنه كان الطريق، مجرد الطريق الى الدولة ـ الدولة لا الى الدولة ـ المهزلة.

لماذا لا يجري في لبنان مثلما جرى في العراق بعد ذلك الصخب في الشارع، وقد لفتنا الانكفاء المفاجئ والقسري لمقتدى الصدر بالحمولة الشعبية، لينتخب بين ليلة وضحاها رئيس للجمهورية، وتتشكل حكومة برئاسة رجل آت من الظل. من هو مقتدى الصدر اللبناني؟

قيل لنا انها الصفقة بين واشنطن وطهران . ينبغي أن نعلم أن وراء تلك الضوضاء ثمة أشياء هائلة تحدث. عندنا الثلاثي الأميركي ـ السعودي ـ الايراني. من يتابع ما يكتب في الصحف، وما يبث عبر الشاشات السعودية، وما يصدر عن قادة الحرس الثوري، يدرك في أي مأزق نحن. الهدنة في اليمن ليست بداية طريق الى الحل، بل لأن طرفي الصراع ارتطما بالحائط . الطرفان في دوامة الدم . مأرب بكل ويلاتها وبكل جثثها تختزل المشهد …

أي معادلة كاريكاتورية أن تختار ايران رئيس الجمهورية (سليمان فرنجية) وأن تختار السعودية رئيس الحكومة (نواف سلام) ؟ عودة الى حرب داحس والغبراء بين القصر والسراي. كل ما في الأمر الانتقال من أحد أجنحة الجحيم الى جناح آخر .

أتوا برئيس جمهورية من الظل، وبرئيس حكومة من الظل، ما دامت سياساتنا تدار من الخارج (صندوق النقد الدولي سيحتسب عدد الملاعق في منازلنا)، وما دامت الطبقة السياسية لم تعد أكثر من طرابيش فارغة، وتلقي في وجهنا القنابل الدخانية، ليس فقط لتغطية ما اقترفت يداها على مدى ثلاثة عقود، وانما أيضاً لتظهر مدى سذاجتنا ومدى تبعثرنا على أبوابها.

الجنرال رحل الى الفيلا الفاخرة (انتبهوا الفيلا الزجاجية) هل يعني ذلك رحيل الأزمة (متى تدعو دوروثي شيا الى حفل استقبال في عوكر؟) . مرة أخرى، كان الرجل الخطأ في المكان الخطأ وفي التوقيت الخطأ . في تلك اللحظة انقضت علينا وزارة الخزانة الأميركية بمخالبها العابرة للقارات، لهدم الجدار الأخير بعدما تكفلت المنظومة السياسية، وبرعايتها، بهدم كل جدران الجمهورية.

ألم يكن مايك بومبيو من فجّر 17 تشرين؟ آنذاك بدأ تنفيذ الحلقة الأخيرة من السيناريو الأميركي، ما دام لبنان لم يدخل حافياً الى هيكل ابراهيم، وقد حلّ ظاهراً محل هيكل سليمان؟

ما العمل الآن؟ لتوضيح السؤال ماذا تستطيع أن تفعل الفئران بين أقدام الفيلة ؟ ما أروع القصر حين يكون هكذا فارغاً. في السراي … اغتصاب للسلطة !!

Exit mobile version