وسط إنشغال المسؤولين في «البصم» على إقتراحات الوسيط الأميركي لترسيم الحدود اللبنانية مع إسرائيل، تنشط في الموازاة، الإتصالات بين الكتل النيابيّة لترسيم معالم وهويّة الرئيس العتيد للجمهورية، إنطلاقاً من النقاط التي خلفتها جلسة الإنتخاب الأولى، والتي أظهرت بوضوح تقدّم وصوابية الخيار لدى «القوى السيادية» الهادفة إلى توسيع مروحة التأييد لمرشحها النائب ميشال معوض، بعيداً عن المساومة وتقديم التطمينات لقوى «8 آذار» بما يفضي إلى إستمرار نهجها «الجهنمي» الذي أطاح بما تبقى من إنتظام في مؤسسات الدولة وعملها، ليؤكد النائب مارك ضو لـ»نداء الوطن» أن «المفاوضات القائمة اليوم، بعد «17 تشرين» والإنتخابات النيابية، لا تنحصر فقط برئاسة الجمهورية، إنما ترتبط بإعادة تكوين السلطة السياسيّة والإقتصادية والماليّة».
وإلى أن يتمكن «حزب الله» من التوفيق بين حليفيه اللدودين، المرشحين الضمنيين لرئاسة الجمهورية، جبران باسيل وسليمان فرنجيّة، واللذين يشكّل إنتخاب أيٍّ منهما إستمراراً للغطاء المسيحي والشرعي لتفرّد «الحزب» بهيمنته على مؤسسات الدولة وإلحاقها بمحور «العقوبات»، برز لافتاً تقاطع مواقف تكتل «نواب الـ 13» الداعية إلى التوافق حول مرشح ينال تأييد 86 نائباً في البرلمان، مع موقف الرئيس نبيه بري، الذي ربط الدعوة وتحديد جلسة الإنتخاب المقبلة بتوافق القوى السياسيّة حول مرشحٍ مقبولٍ من الجميع من أجل إنقاذ لبنان. في حين تسعى «القوى السيادية» إلى التباحث مع «نواب الـ 13» وتكتل نواب «السنّة» (ما يقارب 10 أصوات) وآخرين، في إمكانية حصول مرشحها على الـ 65 صوتاً الكفيلة في إيصاله إلى بعبدا في حال إقناع نواب صيدا «المستقلين» أيضاً كما سواهم، والإحتكام بعدها إلى اللعبة الديمقراطية داخل المجلس، بعيداً عن إستخدام سلاح المقاطعة وتعطيل النصاب القانوني المطلوب (86 نائباً) لإنعقاد الجلسات.
وإن كان موقف «8 آذار» هو الأكثر إنسجاماً مع النهج التعطيلي للبلد، طرح تفرّد «نواب الـ 13» في إنتخاب سليم إدّه، نجل الوزير السابق ميشال إده، غير المرشح أصلاً، «الريبة»، بعد تصويت «التكتل» الذي أطاح بشعارات «17 تشرين» الرافضة للوراثة السياسية كما المبادرة الرئاسيّة لتكتل «نواب الـ 13»، والتي أكّدت أن المواصفات لا تصنع رئيساً في لبنان.
وفي محاكاة للواقع والخطط البديلة لتكتل «نواب الـ 13»، يؤكد النائب مارك ضو لـ»نداء الوطن» الإستمرار والتباحث مع جميع القوى في «سلة الأسماء» التي خَلُص «التكتل» إلى إختيارها، وصولاً إلى تأمين توافق بين ثلثي النواب المطلوب لعقد جلسة إنتخاب الرئيس، نافياً الجمع أو التكامل بين مبادرتهم والرئيس نبيه بري الداعي إلى تأمين التوافق المطلوب، مشدداً على أن موقفهم ينسجم مع الدستور الذي حدد نصاب انعقاد الجلسة بـ 86 نائباً.
وعن الإبتعاد عن مقاربة الإنتخابات الرئاسيّة بكسب النقاط، أي السعي إلى تأمين التوافق بين 65 نائباً كخطوة أولى، والسعي لاحقاً إلى خوض معركة تأمين النصاب، أي 86 نائباً، وتحميل المعرقلين مسؤولية التعطيل، إعتبر ضوّ أن لبنان لا يحتمل الدخول مجدداً في الفراغ والتعطيل كما حصل بين 2014 و2016، من قبل فريق يحمل السلاح ولا يعير أهمية للدستور ولا للفراغ. أما عن التسليم والرضوخ للأمر الواقع المتمثل في «حزب الله»، يستدرك النائب ضو، مؤكداً إنفتاحهم على جميع «القوى السيادية» بمن فيهم النائب ميشال معوض والتباحث مع «القوات اللبنانية» و»الكتائب» وآخرين حول الأسماء المعروضة، وصولاً إلى إختيار مرشحٍ مقبول من الجميع قادر على نيل 65 صوتاً، على أن يبقى التحدي الأكبر تأمين نصاب الثلثين المطلوب لإنعقاد الجلسة، مستبعداً الذهاب إلى «8 آذار» والتوافق معهم على إختيار رئيس في حال إستمرار الطرف «السيادي» بترشيح معوض.
ولعدم الغوص في «الفرضيات» التي طُرحت على عضو تكتل «نواب الـ 13»، جدد ضو التمسّك بإجراء الإستحقاق خلال الموعد الدستوري، مؤكداً السعي والإستمرار في تأمين «التوافق المطلوب» حول الأسماء التي تضمنتها «السلة»، ومن بينها المحامي الدكتور صلاح حنين، لافتاً إلى أن ترشيح معوض شكّل عاملاً مساعداً عزز أوراق مبادرتهم للتفاوض من «موقع قوة وبسقف عالٍ» مع الكتل النيابية الأخرى، آملاً التلاقي مع النواب الذين اختاروا التصويت لـ»لبنان» و»ميشال معوض» على إختيار رئيسٍ توافقي، ينال 65 صوتاً على الأقل في حضور غالبية أعضاء المجلس أي ما يزيد عن 86 نائباً، مستبعداً التوصل إلى التوافق المطلوب قبل إنتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، رابطاً في الوقت نفسه، تمحور المفاوضات «المعقدة» القائمة بين القوى السياسيّة بسلةٍ متكاملة تتخطى الإستحقاق الرئاسي، الى رئاستي الجمهورية والحكومة، كما الحكومة القادمة وصولاً إلى حاكمية مصرف لبنان…