ماذا يمكن ان نشتري بدولار واحد يساوي ١٠٠الف ليرة وهل بإمكان المستهلك اللبناني ان يشتري اي سلعة بهذا المبلغ ما دام كل السلع اصبحت مسعرة بالدولار ولا يوجد اي سلعة اقل من دولار واحد ولم نر اي سلعة بسنتيس وهل يفكر احد في الدخول الى السوبرماركت بهذا المبلغ الزهيد؟
من المؤسف ان ما وصلنا اليه ليس بسبب تراجع القوة الشرائية لليرة اللبنانية فحسب بل بسبب سياسيينا الذين اوصلونا الى مرحلة بات الفقر السمة البارزة للمجتمع اللبناني وانسداد الافق السياسي والاقتصادي من عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة اصلاحية وعدم تمكن المجلس النيابي من انتخاب رئيس للجمهورية او التشريع لمشاريع قوانين واستمرار التجاذبات السياسية المؤثرة سلبا في الاوضاع النقدية التي ادت الى ان يكون الدولار بمئة الف ليرة وان يعتمد لبنان على المساعدات الخارجية لتأمين لقمة عيشه اضافة الى تعثر او تجميد المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
ماذا يمكن ان يشتري اي مواطن يحمل دولارا واحدا يساوي مئة الف ليرة بعد ان كان يساوي ١٥٠٠ليرة خصوصا بعد ان اصبحت ربطة الخبز ب ٥٠ الف ليرة وصفيحة البنزين بمليون و٨٠٠ الف ليرة والمازوت للتدفئة بالمبلغ ذاته وقارورة الغاز بمليون و٢٤٠ الف ليرة وكلها اسعار “طارت” ولم يعد بمقدور الموظف المجىء الى عمله او صاحب المنزل من شراء قارورة غاز واذا كانت هذه المقومات الاساسية للعيش غير متوافرة فان العائلة تعاني اليوم من تأمين لقمة العيش.
احد الخبراء الماليين يؤكد ان السلة الغذائية التي كانت تشكل احدى ركائز العائلة اصبحت بعيدة المنال في ظل ارتفاع الدولار وتخطيه مئة الف دولار وبالتالي بدأت هذه العائلات تبحث عن كيفية تأمين لقمة عيشها اذا كانت اي سلعة ثمنها مرتفع خصوصا اذا كان الموظف او العامل ما زال يقبض راتبه بالليرة اللبنانية رغم ما قدمته الحكومة من دعم لهذا الراتب الذي لم يعد يساوي شيئا مع استمرار ارتفاع الدولار ومعه اسعار السلع والمواد الغذائية.
ويتابع هذا الخبير المالي ان المعالجة اليوم يجب ان تتركز على تثبيت سعر صرف الدولار المحرك الاساسي لكل الاسعار التي تدور في فلكه لان العائلة المكونة من اربعة اشخاص يلزمها اكثر من ٣٥ مليون ليرة شهريا فمن اين تأتي بهذه الاموال ؟اذا كان سعر الدواء بالملايين والسلة الغذائية بالملايين حتى السرفيس تجاوز مئة الف ليرة .
فكيف سيتمكن هذا المواطن من النفاذ من الضائقة المعيشية بعد ان فقدت الليرة ٩٨،٥ في المئة من قيمتها وقوتها
حتى ان رئيس جمعية تراخيص الامتياز يحيى قصعة يقول :
نتطلع إلى اليوم الذي يستطيع فيه القطاع الخاص من جديد توفير فرص عمل ومهارات ومستقبل واعد واستقلالية إلى اللبنانيين، دون منّة ولا قهر. نتطلع إلى اليوم الذي لا يعود أي لبناني بحاجة إلى مساعدات “مغمسة” بالذل من هنا وهناك ومن ذاك وذلك.
من الاساس، ان قرار ضخ دولارات، غير متوافرة اصلا”، في محاولة للجم هبوط الليرة، هو اجراء قصير النظر وغير مستدام، يشتري بعض الوقت ولا يحل مشكلة سعر الصرف، المبني اولا ” وآخرا” على الثقة (او قلة الثقة) بالحكومة وقراراتها المالية والاقتصادية (او غيابها).
انه قرار سياسي وليس نقديا، يرقًع ولا يقترب من الحلول الجذرية المطلوبة.
اما القطار الافعواني، المسمى “آلية” ضبط هبوط الليرة، التي فرضتها الحكومة تحت الضغط، فحدث ولا حرج… تظهر الآلية، مجددا”، مدى بعد الحكومة عن تقنيات واساسيات الاقتصاد والمال والتجارة.
من المؤسف حقا ان جنون الدولار والاسعار يقابله اهمال وعدم اكتراث من قبل حكومة تصريف الاعمال التي انصرفت الى امور اخرى بينما المطلوب واحد: اعادة التوازن الى ليرتنا وضبط جنون الدولار