Share to: 
الديار – صونيا رزق
لم ينسَ الموفد الفرنسي جان ايف لورديان بعد ما قاله للمسؤولين في لبنان من نواب ووزراء ورؤساء كتل وأحزاب، وما رافق ذلك من نصائح بالجملة للوعي والادراك بما يفعلونه بوطنهم، ثم اتى التوبيخ وتوابعه، من دون ان يرف جفن أحد، لذا كانت مهمته صعبة جداً لا بل قاربت المستحيل، اذ كانت وساطاته شاقة ولم تصل الى اي مكان، فكان يكتفي بالاستماع الى الاراء وكتابة التقارير التي تنقل ما يجري، فيخرج في اغلب الاوقات صامتاً، من دون ان يدلي بأي تصريح، مكتفياً بجوجلة المواقف، من دون ان يرى اي تقارب بل المزيد من الانقسامات والخلافات بين المسؤولين اللبنانيين.
لكن ووفق المعلومات فالزيارة التي تبدأ اليوم الاثنين لغاية بعد غد الاربعاء مغايرة، اذ ستنطلق من مهمة كلّفه بها الرئيس إيمانويل ماكرون هدفها تثبيت مسارات استقرار لبنان بصورة نهائية، وتأتي الزيارة ضمن حَراك ديبلوماسي لافت غربي وعربي، مع اقتراب المهلة المقرّرة لعملية حصر السلاح نهاية العام، وبعد بروز مستجدات سياسية في الايام القليلة الماضية، أشار اليها وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو ضمن منشور على منصّة “إكس”، الى “انّ لبنان يشهد أولى المناقشات منذ 40 عاماً بين مسؤولين مدنيين لبنانيين وإسرائيليين، وذلك في إطار الآلية الفرنسية – الأميركية لمراقبة وقف إطلاق النار، وهذه الخطوة تُعدّ مهمة لتفادي تصعيد جديد ودفع مسار السلام قدماً”.
إنطلاقاً من فحوى هذا المنشور، ونقلاً عن مصدر مقرّب من السفارة الفرنسية اوضح لـ “الديار” أنّ الموفد الفرنسي لو دريان سيتابع اليوم تطورات هذا المسار التفاوضي الجديد، حاملاً مجموعة رسائل تصبّ في هذا الخيار، منها دعم المجتمع الدولي للبنان في الحل التفاوضي، وضرورة التزامه الكامل بالقرار 1701 لتحقيق الاستقرار والامن، وهذه الرسائل الداعمة ستكون مشروطة بالإسراع في تنفيذ المطلوب، في مقدمها التأكيد مجدّداً على دعم الجيش اللبناني في كل خطواته، وخصوصاً انتشاره في جنوب الليطاني وتطبيقه لحصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، والدعم الاكبر للحكومة لتنفيذ المطلوب منها بأسرع وقت، ناقلاً أيضاً التحذير الاخير من التصعيد الامني المرتقب المترافق مع التهديدات “الاسرائيلية”، مما يعني انّ المخاوف والهواجس موجودة من اتساع الحرب بشكل غير مسبوق سيعرّض كل لبنان للمخاطر بحسب تهديد المسؤولين “الاسرائيليين”، كما سيكون لملف قوات الطوارئ الدولية “اليونيفيل” حصة كبيرة، حيث سيتم البحث عن صيغة بديلة لما بعد انتهاء ولايتها في لبنان.
في السياق سيشير لودريان الى التحضيرات لانعقاد مؤتمري الدعم للجيش اللبناني ولملف وإعادة الإعمار، مع إشارة الموفد الفرنسي الى ضرورة ان يكون لبنان الرسمي ملتزماً مقابل ذلك بالاصلاحات المطلوبة منه، وخصوصاً المالية والقضائية والادارية، لانّ عدم تحقيقها لغاية اليوم يعني عدم مصداقية لبنان امام انظار العالم، وبالتالي ضعف صورته السياسية امام المجتمع الدولي، وكل هذا لا يفيده بل يضعه ضمن خانة الدولة الفاشلة غير القادرة على تنفيذ المطلوب منها للحصول على المساعدات ومحاولة إستعادة قدراتها.
في غضون ذلك وانطلاقاً من الحراك الفرنسي اللافت حيال لبنان، فباريس تبحث اليوم عن دور سياسي وديبلوماسي في المنطقة، بعد ان تراجع هذا الدور بفعل التدخل الاميركي الذي أخذ على عاتقه الملف اللبناني بكل شوائبه، لكن الديبلوماسية الفرنسية تجهد للمشاركة في هذه المهمة، وهي على تقارب كبير مع المملكة العربية السعودية، خصوصاً انّ لودريان على علاقة جيدة مع كبار المسؤولين السعوديين.
