فيما كرة نار الاقتراض تتنقل بين البرلمان والحكومة والمصرف المركزي، في انتظار من سيتلقفها في النهاية، في ظل التنصل من المسؤولية بين اركان السلطة، الساعية الى التلطي خلف العباءة البطريركية، تبقى التحذيرات الامنية التي صدرت عن بعض السفارات، محط اهتمام المسؤولين ومتابعتهم، خصوصا ان القراءة الخليجية تختلف كليا عن تلك الرسمية اللبنانية، حيث تؤكد مصادر ديبلوماسية ان التطمينات اللبنانية غير كافية، وان المعطيات العربية والخليجية تحديدا تذهب في اتجاه مختلف، بات معه من الصعب العودة عن القرارات المتخذة.
من هذا المنظار بالذات، يمكن ان نقرأ التطورات الامنية الخطرة التي شهدها مخيم عين الحلوة قبل ايام، وهو ما اكدته تصريحات المسؤول الفلسطيني عن الساحة اللبنانية عزام الاحمد، الذي ناقض كليا الرواية اللبنانية التي يجري تداولها في الصالونات المغلقة، والتي ابلغت الى المستفسرين من جهات اجنبية.
فالاحمد تحدث عن جهة اقليمية تقف خلف ما حصل، وان هذه الجهة تستهدف الامن اللبناني، ما طرح العديد من التساؤلات، حوا ما اذا كان هذا ما بحثه فعليا مع القيادات الرسمية التي التقاها، وخلاصة النتائج التي توصل اليها، والاهم من هي تلك الجهة، اذ وفقا للمصادر فان المروحة تتسع كثيرا، لتبدا من “اسرائيل” المتهم الاول بادارة داعش وتوابعها، مرورا بتركيا الحليفة لحماس والاخوان، والتي شهدت مؤتمرا “للمصالحة” الفلسطينية انتهى الى صفر نتائج، وصولا الى طهران عبر حزب الله، الذي تهمه اولا واخيرا المحافظة على التوازنات القائمة داخل المخيم، وبين كل هذه الجهات، سوريا، التي بينت الجولة الاخيرة بروزا لبعض المجموعات المحسوبة على دمشق من جديد، لتبقى اخيرا قطر، التي تتحدث غالبية التقارير عن دور غير واضح المعالم لها على الساحة اللبنانية يتخذ في احد جوانبه الصبغة الامنية.
اوساط لبنانية متابعة للملف اكدت ان تصريحات الاحمد بعيدة كل البعد عن الواقع، الا اذا كان يقصد بها “اسرائيل” والمعركة التي فتحتها من اجل خلافة الرئيس محمود عباس الذي يعاني من وضع صحي دقيق، وهو ما انعكس صراعات داخلية بين اكثر من جناح في منظمة التحرير الفلسطينية، وسط هجمة غير مسبوقة لحماس والجهاد في الضفة الغربية.
وتتابع الاوساط بان ما حصل في عين الحلوة بدا بخلاف فتحوي-فتحوي وتصفية حسابات داخلية، خصوصا ان رئيس جهاز الامن الوطني الذي تم اغتياله تجمعه علاقة سيئة جدا باكثر من طرف في الحركة، ومن بينهم السفير اشرف دبور، قد يكون في مرحلة لاحقة دخل على خطها بعض القوى الاخرى، ذلك انه من اللافت وخلافا للجولات السابقة، ان حركة فتح تكبدت خسائر فادحة، حيث بدت المجموعات الاسلامية على اختلافها جاهزة وحاضرة للمواجهة، فضلا عن التضعضع والفوضى التي سادت في صفوف الحركة، بعد الكمين قرب مدارس الاونروا التي استخدمت في العملية.
فما الذي يحصل اقليميا؟ وهل الغيوم الرمادية التي تلوح في سماء المنطقة ستؤثر سلبا بالمشهد في لبنان؟ مؤشرات لا تبشر كثيرا بالخير، وهي تحمل على القلق، اذ تؤكد ان ما كان تردد سابقا في عدد من المحافل العربية والدولية من ان امرا ما “تخربط” في المنطقة، قد بات امرا واقعا، في ظل التكهنات عن تحضيرات لعمل عسكري ما في سوريا نتيجة احتكاك اميركي – روسي غير مضبوط.