لماذا غاب الأردن عن لقاء النقب.. اللقاء يعمل على إحياء صفقة القرن

Share to:

نضال العضايلة

اختار الأردن الغياب عن “قمة النقب” في إسرائيل، التي ضمت وزراء خارجية الولايات المتحدة ومصر والمغرب والإمارات والبحرين، لأسباب متعددة ما بين السياسي والأمني، في وقت تشهد فيه المنطقة حراكاً إقليمياً غير مسبوق، ليثبت وجوده على الأراضي الفلسطينية بنفس التوقيت الذي كانت تلك القمة تنعقد فيه، من خلال الملك عبدالله الثاني الذي هدف إلى تفكيك العزلة السياسية التي دشنت إقليمياً منذ سنوات حول السلطة الفلسطينية.

الأردن الذي اعتبر قمة النقب صورة عن صفقة القرن أراد أن يقول للمجتمعين في النقب إنه هو الوحيد الذي يملك القدرة على ضبط أي تدهور للأوضاع الأمنية مع الفلسطينيين خلال شهر رمضان المقبل، لا سيما أن الأعياد العبرية تتزامن مع مناسبات فلسطينية، وسط استعداد جماعات استيطانية لاقتحام المسجد الأقصى بأعداد كبيرة، بخاصة بعد عمليتي بئر السبع والخضيرة اللتين أسفرتا عن مقتل إسرائيليين.

غياب الأردن عن قمة النقب وحضوره في رام الله، يعزز حضوره لاعباً أساسياً، حينما يتعلق الأمر بتحريك عملية التفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وضمان عدم تأزيم الأمور بينهما.

ويرى الأردن أن قمة النقب تلخص التغيرات في التحالفات وعمليات الاصطفاف التي جمعت المسؤولين العرب والإسرائيليين والأمريكيين معا ولأول مرة في إسرائيل للتفاوض وتوسيع شراكتهم المزدهرة، بيد أن الرؤية الأفقية تشير إلى إحياء صفقة القرن، ولكن هذه المرة بقيادة الإمارات التي باتت لاعباً أساسياً في محاولة منها لإجبار العرب بقبول دولة الكيان الإسرائيلي باعتبارها دولة شرعية.

ولان تشكيل تيار إقليمي بات قيد الاجراء فان العمل على اعطاء جملة واضحة وصريحة حيال الملف الفلسطيني بات امر واجب تقتضيه ضرورات ترسيم بنود التيار الجديد قيد التشكيل وهو ما يقف الاردن عليه في حفظ نظام الضوابط والموازين في تشكيل الجملة التنفيذية من معادلة الترسيم القادمة.

لقد اعتدنا من الأردن دائما ان الوقفة السياسية لا تحمل صيغ المجاملة لانها تحمل دلالة تاريخية والتاريخ لا يعرف المجاملة لانه يكتب بوصلة التوجه وعنوان البيان، وهو يرى ضرورة إيجاد مدخل حل القضية وليس عبر تذويبها باطار التسويات الاقليمية حتى لا تذاب القضية الفلسطنية في اطار الصفقات الاقليمية التي اخذت ما ترفع شعار الامن مع اسرائيل خير داعم للامن مجتمعات المنطقة.

لقد تم استمزاج الاردن لدعوته لحضور اجتماع النقب لكن الاستمزاج قوبل بالرفض من قبل الملك عبدالله الثاني، ذلك لأن اجندة القمة تتناقض منهجيا والموقف الاردني، الذي ما زال على موقفه الثابت والدائم من اولوية الحل الدائم والعادل للقضية الفلسطينية، بوصفها جذر الصراع في المنطقة واي تقارب او اقتراب من كيان الاحتلال، يجب ان يكون مربوطا بحل هذا الصراع، وكل صراع في المنطقة جذره كيان الاحتلال.

ولأن الاردن وسياسته الخارجية الواضحة بعدم التدخل في شؤون اي دولة عربية، فهو لم يقدم رفضا او قبولا للتطبيع العربي، مع كيان الاحتلال، ومن يقرأ يعرف حقيقة موقفه، الذي يؤشر عليه بوضوح كامل زيارة الملك عبد الله الثاني الى رام الله اليوم، وهي زيارة لا تحتاج الى تحليل، لغاياتها ومضامينها وتوقيتها.

عدم المشاركة في قمة النقب رسالة اردنية تستحق التقدير، فهي تعبر عن الموقف الشعبي السياسي، وتؤكد بأن بوصلة الاردن لم تغير الاتجاه والمسار، فهي مضبوطة على إتجاه واحد هو فلسطين والقدس.

الملك عبد الثاني بزيارتة أمس إلى فلسطين اعلن وأكد للجميع أن القيادة الفلسطينية ليست وحدها في المعركة بل هناك شرقي النهر عيون لاتنام وهي تراقب كل صغيرة وكبيرة في الأراضي الفلسطينية، ولا ننكر أن الزيارة جاءت في الوقت الذي تهرول العديد من الدول العربية إلى التطبيع مع إسرائيل والعمل على كسب رضاهم، لذلك جاءت زيارة الملك الاردني إلى رام الله تقول ( انتم لستم وحدكم ولن تكونوا وحدكم )، ولا أحد ينكر أن الاردن هو رئة الشعب الفلسطيني الذي يستنشق منها ليس الهواء فقط بل الأمل والأمان.

Exit mobile version