على الرغم من مرور نحو أسبوع على تسريب خبر اللقاء بين قائد الجيش العماد جوزاف عون ورئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد، لم يخرج من الجانبين أي توضيح رسمي حول فحوى أو مضمون هذا اللقاء، بالرغم من كثرة الروايات والسيناريوهات التي تناولته، وكأن المطلوب من هذا اللقاء الإثارة حوله، وأن أحد أهدافه كان رمي الغموض في الوسط السياسي الجامد، حيث لا يزال قبل زيارة المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان وبعدها، كل طرف على موقفه ورفضه ولاءاته.
من حيث المبدأ، بات من الواضح أن هناك تضخمياً مقصوداً لمفاعيل اللقاء بين محمد رعد وجوزاف عون، لا سيما أن حزب الله ليس في وارد، على الأقل حتى الآن، التراجع عن تبني ترشيح رئيس تيار “المردة” النائب السابق سليمان فرنجية، لكن في المقابل هذا التضخيم يصب في صالح الطرفين معاً، بالشق السياسي الرئاسي.
بالنسبة إلى الحزب، هو يمثل رسالة واضحة إلى رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، من أجل دفعه إلى المسارعة إلى تبني ترشيح فرنجية، بدل الإستمرار بالسقف العالي من المطالب، على قاعدة أن الحزب لديه خيارات أخرى من الممكن أن يذهب إليها في حال فشل الحوار بين الجانبين، خاصة أن حزب الله بدأ يتلمس بطىء باسيل بالوصول الى نتائج، علماً أن الحزب وبحسب مصادر متابعة كان اكد أمام سائليه بأن الحوار مع التيار قد يعطي اشارات رئاسية قبل زيارة لودريان، وهو ما لم يحصل.
كما أنه من الممكن أن يمثل اللقاء رسالة من حزب الله إلى القوى الخارجية التي تدعم قائد الجيش ، مفادها أن الأبواب ليست مغلقة، وبالتالي من الممكن فتح باب الحوار حول التسوية، مع الحزب بشكل مباشر، وهو ما كان نصح به مسؤولون ايرانيون زاروا لبنان والمنطقة منذ فترة، حيث كان هناك تشديد على أن جهوزية الحزب للتشاور والتفاوض والتحاور.
في المقابل، من المؤكد أن قائد الجيش، حتى ولو لم يعلن ذلك علانية، بات يتصرف على أساس أنه مرشح رئاسي قوي جداً، بسبب المعطيات المتوافرة لديه، داخلياً حيث يمكنه ان يصبح رئيساً اليوم لو احتاج الأمر الى أصوات، وخارجياً بسبب كل الدعم العربي والغربي الذي يحصل عليه، سواء كان على شكل مواقف سياسية أو على شكل دعم مادي لمؤسسة الجيش التي يقودها، بالرغم من العقبات التي يصطدم بها ترشيحه، وبالتالي فبحسب المصادر المتابعة فإن من مصلحته أن يظهر في موقع القادر على الوصول إلى تفاهم مع الحزب، لا سيما أن الجميع يدرك أن لا إنتخابات من دون تفاهم معه.
كذلك ترى المصادر أن اللقاء من الممكن أن يكون رسالة إلى الداعمين الخارجيين له، بأن فرصه لا تزال قائمة، ما يعني عدم الحاجة إلى التراجع عنه في وقت قريب، بل المضي قدماً بمعركة ترشيحه، لذلك فبحسب المصادر، فإن مسلسل غموض لقاء عون – رعد لا يزال مربحاً لطرفيه، وطالما هو كذلك فلا داعي لأي توضيح.