نضال العضايلة
كان لبنان من أوائل الدول العربية التي لجأ السوريون إليها، بعد اندلاع الثورة ضد نظام الأسد عام 2011، وأصبحت تضم أعلى نسبة لجوء سوري عالميا مقارنة بمساحته وعدد سكانه (نحو 6 ملايين نسمة) وقدر الأمن العام اللبناني مؤخرا عدد السوريين بمليونين و80 ألف لاجئ، معظمهم لا يملك أوراقا نظامية، ويوجد نحو 3100 مخيم عشوائي، ومعظمها بالبقاع والشمال.
وفي قراءة حول توزيع اللاجئين السوريين في لبنان وجدنا أنهم موزعين على النحو التالي:
البقاع: 325596 لاجىء
الشمال: 227860 لاجىء
بيروت: 186879 لاجىء
الجنوبي: 90700 لاجىء
ويشكل هذا الكم من اللاجئين ضغطا على البنى التحتية وخدمات الكهرباء وخدمات الصرف الصحي، وهذه كلفة غير مباشرة على الاقتصاد اللبناني تقدّر بالمليارات.
ديمغرافياً، فإن توزيع اللاجئين السوريين حسب العمر جاء على النحو التالي:
من سنة إلى 4 سنوات: 13.1%
من 5 سنوات الى 11 سنة 23.6%
من 12 سنة إلى 17 سنة 17.2%
من 18 سنة إلى 59 سنة 43.4%
ما فوق 60 سنة 2.7%
المعضلة الكبرى في لبنان هي كيف يتسنى لبلد فقير في الموارد، ومثقل بالديون، ويعاني من ضائقة مالية مزمنة أن يتحمل آثار مأساة اللاجئين التي وضعت المجتمعات اللبنانية المستضيفة للاجئين تحت ضغوط اقتصادية واجتماعية هائلة؟
تزايد أعداد اللاجئين أثر في النمو الاقتصادي اللبناني وزاد من معدلات الفقر والبطالة بين اللبنانيين، وأنهك خزانة لبنان المحدودة في بلد يعاني من مديونية عامة ارتفعت إلى 101.82 مليار دولار، أو ما يعادل 139 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للبلاد في وهي واحدة من أعلى نسب الديون في العالم.
مؤخراً عادت قضية المعابر غير الرسمية إلى الواجهة في الشارع اللبناني، مع وضع صندوق النقد الدولي إغلاقها شرطا لتقديم المساعدة للبنان، الذي يئن تحت أسوأ أزمة اقتصادية منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1990، ويبلغ عدد المعابر الرسمية بين سوريا ولبنان خمسة معابر، وقال المجلس الأعلى للدفاع في لبنان، العام الماضي، إن 124 معبرا غير رسمي تمر خلالها عمليات تهريب واسعة بين البلدين.
بالمجمل، فإن هذه القضية بين طياتها مخاطر كبيرة تهز الاستقرار الاجتماعي والأمني في لبنان، وهو استقرار هش، ما يفاقم حجم الإنذار جراء تصاعد حملات الكراهية المتبادلة، ويرفع من سقف التساؤلات حول التبدلات في مواقف بعض القوى السياسية من هذا الملف.
ما الذي يقلق اللبنانيين من اللاجئين السوريين؟
من الناحية الأمنية:
يشكل الهاجس الأمني، أساساً كبيراً للبناء عليه في ملف التعاطي مع ملف النازحين السوريين في لبنان.
ويتضح هذا الهاجس من عدد المحكومين السوريين في سجون لبنان الذي يبلغ نحو 33.3% من عدد المحكومين الكلي، بالإضافة إلى وجود جماعات متشددة بين النازحين، وسط مخاوف من دخول هؤلاء على خط أي توتر أمني قد يحصل في البلاد.
من الناحية الاجتماعية:
يشكو اللبنانيون من أن السوريين يعملون في البلاد من دون تنظيم قانوني، فلا يدفعون الضرائب ولا يصرحون عن مداخيلهم، فيما العكس يسجل عند اللبنانيين، ما يجعل المنافسة غير متكافئة، وقد زاد الانهيار الاقتصادي الحاصل الحساسيات بين الطرفين، والتي تُرجمت إلى صراعات وإشكالات في أكثر من منطقة.
لقد باتت قضية اللاجئين السوريين السبب الأساس في التهجير الممنهج على جيل كامل من الشباب اللبناني بسبب البطالة نتيجة حلول السوري مكانه في العمل.
من الناحية الاقتصادية:
تواجد إعداد كبيرة للاجئين السوريين في لبنان خلق أزمة اقتصادية “عميقة”، مما دفع الفئات الاقتصادية الأكثر ضعفاً إلى التنافس على الخدمات والموارد المحدودة.
ويشكل هذا الكم من اللاجئين السوريين ضغطا على البنى التحتية وخدمات الكهرباء وخدمات الصرف الصحي، وهذه كلفة غير مباشرة على الاقتصاد اللبناني تقدّر بالمليارات.
ومن المعروف أن الفقر انتشر في لبنان، وارتفع معدله من 55% عام 2020 إلى 74% من مجموع السكان عام 2021، بحسب تقرير أصدرته لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا “الإسكوا” في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي.
في الختام
يواجه لبنان آثار تدفق اللاجئين، ومستويات العنف المرتفعة لدى سوريا المجاورة، والضغوط الاقتصادية الهيكلية داخل البلد.
سيسهم خمود الصراع في سوريا في خفض حدة بعض النزاعات التي تعصف بالبلاد، وتوفير مزيد من الفرص لها لتوزيع رأس مالها بشكل أكثر فعالية، لكن وبالرغم من ذلك فلن تتغير الأمور كثيرا بالنسبة للبنان.