MTV – نادر حجار
يقع لبنان على فالق التحوّلات الاقليمية وسيناريوهات حرب غزة المحتملة، والخشية من حرب واسعة تعيد حزب الله بالقوة الى شمال الليطاني، كحلّ وحيد أمام إسرائيل لإعادة المستوطنين إلى شمال الأراضي المحتلة.
إلا ان لبنان اليوم في قلب الحرب، وإسرائيل توسّع نطاق استهدافاتها حتى بات لبنان كلّه هدفاً للغارات الحربية. وما حصل في جدرا وفي الصويري، كما في بعلبك والهرمل، خير دليل على ذلك. وأمام هذا الواقع لا يصحّ السؤال عمّا إذا كنا أمام حرب أم لا.
لم تخفِ مصادر أمنيّة الحذر من خيارات محتملة قد تقدم عليها إسرائيل بين الربيع والصيف، ولكن من الصعب التنبؤ بطبيعة العمليات التي قد تحصل، وعمّا إذا كانت ستكتفي بتوسيع بنك الأهداف والاغتيالات، أم ستقدم على مغامرة عسكرية من نوع آخر، كتنفيذ اجتياح بريّ محدود يشكّل تصعيداً يقود الى تسوية أممية تعيد انتشار حزب الله وتحسم النقاط الحدودية المتنازع عليها.
أما ما تجزمه المصادر فهو أن لا عودة حكماً إلى الوراء والوضع الذي كان قبل 7 أكتوبر 2023، وأن واقعاً حدودياً جديداً سيُفرض في جنوب لبنان بأي وسيلة، أكانت ديبوماسية أو عسكرية، وللأسف حتى اليوم فشلت المفاوضات، ولم تنجح الزيارات التي قام بها الموفد الأميركي آموس هوكستين بفرض التهدئة والتسوية الحدودية، لا بل كان واضحاً بأن مساعيه هي لما بعد وقف إطلاق النار، مع تلميحٍ بأن واشنطن غير قادرة على لجم الإسرائيلي الذي يعيش حالة جنون فعلية.
هذا الواقع يؤشر إلى أن باب الحرب أوسع من باب السلام، وأن الإسرائيلي جديّ في تهديداته للبنان، رغم أن الإيراني ليس في وارد التصعيد، وحزب الله لا يترك مناسبة إلا ويؤكد فيها أنه في موقع الردّ، والتصعيد هو رهن الميدان، ما يشكل رسالة واضحة بأنه لا يريد الحرب الشاملة، وإذا حصلت فحينها القرار سيكون إسرائيلياً.
فهل سيقدم الإسرائيلي على حرب شاملة؟ وأي وجهة سيختار رفح أم لبنان؟ وهل أصبحت الأمور مسألة وقت فقط؟
لن تكون الإجابات سهلة على هذه الأسئلة قبل الوقوف عند الموقف الأميركي المستجد، والتوتر الظاهر بين واشنطن وتل أبيب. فصحيح أن الأميركي لم يستخدم الفيتو ضد قرار وقف إطلاق النار في مجلس الأمن، إلا أن البيت الأبيض سارع فوراً الى التأكيد أن هذا القرار غير ملزم، وبالتالي إسرائيل لم تلتزم وواصلت حربها وكأنه لم يصدر أي قرار أممي بهذا الخصوص. وفي الوقت نفسه، لا يزال الدعم الأميركي العسكري متواصل ولم يتوقف أبداً، وإن كانت الولايات المتحدة ترفض عملية رفح وتعلن أنها مع استقرار لبنان وتواظب على زيارات دورية لموفدها بين تل أبيب وبيروت.
فبرودة العلاقة لا تعني التخلّي الأميركي عن دعم إسرائيل، إنما اللافت هو محاولة التملّص الاسرائيلي من الالتزامات تجاه واشنطن، مستفيدة من المرحلة الانتقالية عشية الانتخابات الأميركية. فتل أبيب لا تجد نفسها ملزَمة أمام إدارة الرئيس جو بايدن في وقت ترتفع حظوظ عودة دونالد ترامب. تستثمر إسرائيل إذاً في الوقت الضائع الأميركي، ما يدعو الى القلق من استمرار حفلة الجنون وانتقالها حكماً إلى لبنان.