ندى عبد الرزاق
ارتفع معدل الطلاق في العام 2022 الى 55% بعد ان كان بحدود 30% في السنوات القليلة الماضية، ويعود ذلك إلى ارتفاع نسبة المشكلات الاجتماعية والأزمات المتلاحقة التي تمر على لبنان وتغيّر عقلية البشر.
سنتان من المكابدة قضتهما حنان مع زوج ليس في قاموسه مكان لاحترام المرأة، رحلة شدة ومقاساة لا تخلو من الاعتداء الجسدي من ضرب وتهكم، تقول حنان تحمّلت لأجل ابنتي وعندما قررت الانفصال عنه لم يعطيني حقي ولم تقم المحكمة الجعفرية بما يتوجب عليها اتجاهي انا وابنتي مع العلم ان والد طليقي هو شيخ وقاض ويحكم للناس بالعدل الا انه لم يكن عادلا معي!!
كما ان طليقي كان متزوجا من ابنة نائب ع.ف. فارغم على إعطاء طليقته كامل حقوقها من مؤخر المهر اما انا خوفاً من حرماني ابنتي فتنازلت عن كافة حقوقي دون وقوف المحكمة الجعفرية الى جانبي كأم أولا وكمرأة، الم يقل ربنا “استوصوا بالنساء خيرا” الا ان التجاذبات السياسية والحزبية التي تسيطر على قرار المحاكم الشرعية عامة والجعفرية خاصة تجعل الحكم الشرعي العادل في مهب الريح وتخضع للقرارات الحزبية التي تتحكم بالقضاة وهذا ما حدث مع حنان حيث ان طليقها هو تابع ل “حزب الله” والهاجس الذي يسيطر على حنان هو خوفها من اخذ ابنتها منها فتضحي بلا نفقة ولا مؤخر ولا حتى علبة حليب لرضيعتها!
المشكلة ليست في المحاكم الجعفرية وانما في كل محاكم لبنان
نفقة المطلقات تعتبر من الملفات الضاغطة في الفترة الأخيرة بحسب ما قالته المحامية سوزان هاشم، مشددة “أغلب الشكاوى التي تصلنا مؤخراً تتعلق بهذا الموضوع، فقبل الأزمة الاقتصادية لم تكن النفقة تعادل شيئاً فكيف الآن”!
واعتبرت هاشم أن “أزمة النفقة ساوت بين النساء المطلقات من مختلف الطبقات الفقيرة، الوسطى والميسورة، إذ حتى من كانت نفقتها ونفقة أطفالها تعادل ملايين الليرات لم يعد المبلغ يساوي شيئاً مع ارتفاع سعر صرف الدولار، حيث بقي الزوج يدفع ما حدده القاضي من دون أن يبالي بالوضع الحالي”.
ومع ارتفاع سعر صرف الدولار تصاعدت صرخات النساء في أروقة المحاكم الشرعية، حيث لا يضطر في المحاكم الجعفرية لدفع المهر كون الطلاق بيده وحده، وعليه أن يلفظ العبارة بوجود قاض وشاهدين، من هنا لا سبيل أمام المرأة التي ترغب بالانفصال عنه سوى إبراءه من كامل حقوقها”.
لكن المحاكم الجعفرية في لبنان، تقر بأنه “يحكم للمرأة بمهرها كما هو، فإن كان ذهباً يحكم بالذهب، وكذلك الأمر إن كان بالليرة اللبنانية أو بالدولار، لكننا لسنا هيئة تنفيذية، نحن فقط نصدر الأحكام حيث يقع على دائرة التنفيذ في العدلية تنفيذها، وهي تستند على قانون النقد والتسليف الذي لا يزال على السعر الرسمي المحدد من قبل مصرف لبنان ألا وهو 1507 ليرات، فحكمنا شرعيّ والمشكلة قانونية.
وتضيف المحاكم الجعفرية “ليس من صلاحيتنا اجبار الزوج على الدفع بالفرش دولار، نحن ننطق الحكم كأن نقول ثبت طلاق السيدة وثبت مهرها المقدر بعشرة آلاف دولار أميركي، وبالتالي يلزم الرجل بدفع المبلغ وإلا يسجن، لكن في التنفيذ له الحق بدفع ما يعادله بالليرة اللبنانية على سعر الصرف الرسمي، أما إن كان المهر ذهباً نقول على سبيل المثال تقرر إلزام المدعى عليه بدفع عشر ليرات ذهبية إنكليزية تسلم الى صاحبة العلاقة، هنا عليه إعطائها ليرات ذهبية”.
الأحزاب تسيطر على القرار القضائي
حول هذا الموضوع تتحدث المحامية والناشطة الحقوقية سوزان هاشم فتقول، المشكلة ليست في المحاكم الجعفرية حصراً، وانما تتخطاها لتشمل كل المحاكم في لبنان بحيث لم نطوّر قانون الأحوال الشخصية الا بما ندر لذلك هذه المشكلة طاغية على كل المحاكم، اما فيما يختص المحكمة الجعفرية وخاصة فيما يتعلق بالأحوال الشخصية والتي هي بطبيعة الواقع اللبناني تابعة الى طائفة معينة، فعلى سبيل المثال الطائفة الشيعية المتمثلة بالمحاكم الجعفرية تابعة للمجلس الإسلامي الشيعي، وكما هو معروف في لبنان طبيعة التقسيمات التي تقوم على أساس طائفي وهذا الامر لا يُخفى على احد، والأحزاب بطبيعتها هي أحزاب طائفية وبالتالي فإن التداخل الحاصل ما بين الطوائف والأحزاب وطالما ان هذه الأحزاب تتلون بلون طائفي معين تصبح هذه الأحزاب مسيطرة على القرار القضائي ضمن مؤسسات الدولة، والمحكمة الجعفرية هي مؤسسة من مؤسسات الدولة لا سيما انه يطغى عليها الطابع الديني.
كيف تشكل هذه المحاكم؟
التعيينات من قضاة من قبل المجلس الإسلامي الشيعي فيما يختص المحاكم الجعفرية وحتى السّنّيّة أي التعيينات التي تصدر عن دار الإفتاء بحيث تكون صادرة عن المرجع الطائفي الرسمي، وطالما ان التعيين يكون على هذا النحو فيجب الا نستغرب التدخلات التي تحصل، كما ان طبيعة الأحزاب وتطيفيها من خلال التدخلات سوف يُرْخي بظلاله على القرار القضائي وعلى سير العمل القضائي في المحاكم لا سيما الجعفرية، كما اننا عندما نتحدث عن تدخلات في القضاء فهذا الامر لا يسري فقط على القضاء وانما أيضا على القضاء العدلي واصل المشكلة يكمن في التعيينات التي يصادق عليها مجلس الوزراء التي تتحكم فيها التدخلات السياسية.
تعيين القضاة مشكلة المشاكل
المشكلة الأولى تكمن في تعيين القضاة، الامر الذي يساهم في تدخلات مباشرة في القرار القضائي، اما الأهم فهو فيما يتعلق بالأحكام التي تتعلق بالأحوال الشخصية لدى الطائفة الشيعية كونها غير مُقَوننة بمعنى انه لا يوجد نص قانوني مكتوب يتعلق في هذا النوع من القضايا، وبالتالي تترك للفقه وللمحاكم، الا انه يتوجب على المحاكم الجعفرية ان تعود الى المرجع المعتمد لدى المجلس الإسلامي الشيعي، اما في لبنان المرجع المتبع هو “المرجع السيستاني” كما جرت العادة، وهنا أساس المشكلة وهو ما يفتح باب واسع امام خروقات معينة وعدم تطوير قانون الأحوال الشخصية بحيث العودة تكون على أساس ما يقوله المرجع السيستاني وفي أوقات يجتهد القضاة لغياب النص “المقونن” ويعتبرون ان الاحكام التي تصدر تحت مسمى ما “صار عليه الفقه والاجتهاد”، كما انهم لا يستطيعون التنصل من عباءة المرجعية اي “المرجع السيستاني” وهذا الامر فيه تناقض بحيث يفترض على المحاكم الجعفرية ان تقوم بالاجتهاد في قضايا معينة لا بل ان المحاكم الجعفرية لديها كل القدرة على الاجتهاد والتطوير فيما يختص في القضايا غير المنصوص عليها في القرآن الكريم بطريقة واضحة فيمكنها ان تطور المراجع وتجتهد وهنا تبرز مشكلة لان المجتهدين من القضاة لا يجتهدون ولا يطورون هذه النصوص الجوهرية، وللمفارقة فإن العراق الذي هو منبع “المرجع السيستاني” قاموا “بقوننة” بعض النصوص كالحضانة في سن معين كما ان المرأة العراقية باتت تتمتع بحقوقها اكثر من المرأة اللبنانية، والمحاكم الجعفرية في لبنان تقر سن الحضانة المعطى للمرأة بحسب جنس الطفل فإذا كان الطفل ولدا فالحضانة تكون لسنتين واذا كان الطفل بنتاً فالحضانة حتى سن السابعة وهذه مفارقة جداً كبيرة.
معضلة المعاضل… طلاق الحاكم
المعضلة الكبرى والتي بتنا نشهدها مؤخرا موضوعي الحضانة والطلاق خاصة عند الطائفة الشيعية فقد جرت العادة الاستناد على نصوص خاصة موجودة في القرآن الكريم ويتقولون بأن المرأة لا يمكنها ان تطلب التفريق مباشرة، بل يجب ان تسلك طريقا آخر يتمثل بذهابها الى الوكيل الشرعي الذي هو يتمثل في لبنان “بالمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى”، بحيث يمكنها ان تطلب الطلاق والذي هو عبارة عن مجموعة شروط صعبة واكثرية الأوقات تتحكم فيه ما يسمى بـ ” الاستنسابية” فتجعل وقوع الطلاق امراً صعبا وربما مستحيلا كما ان غياب الشروط الأساسية كالنفقة في حال كان الرجل غائباً او غير معروف في أي دولة او اذا كان يوجد أمورا مرضية جنسية تمنع الزواج، هذه كلها من الشروط القائمة. وعلى سبيل المثال إذا قام الرجل بصرف مبلغ زهيد ولو 1000 ليرة لبناني فإن المحكمة تنصفه لا بل تعتبره بأنه يقوم بما يتوجب عليه وهنا قد تزداد الأمور سوءا من خلال معركة أخرى بعد حدوث الطلاق والذي يتجسد في المجلس الشيعي بما يسمى “طلاق الحاكم “أي بمعنى إذا حصلت على هذا الطلاق أي “طلاق الحاكم” فيتوجب عليها ان تعود مرة ثانية الى اثبات هذا الطلاق في المحاكم الجعفرية وهذا ظلم واقع، ولا بد من ذكر هذا الامر انه قد لا يكون دائما على المرأة وانما على الطرف الأقوى او الحلقة الأقوى.
صحيح ان ما يستند عليه الفقه او المحاكم الجعفرية دائما الحق للرجل، ولكن فيما يتعلق بالمشاهدة لجهة المرأة أي اذا كانت تتمتع بنفوذ نافذ لدى هذه المحاكم يمكن ان تخترقها وان تحصل ولو بالقوة على ما يعود لها من حقوق وربما تكون الطريقة غير قانونية الا انها أيضا قد تكون هي الحل الوحيد الذي قد تلجأ اليه النساء النافذات كما حصل مع ابنة النائب في حزب الله ع. ف فكل قاعدة ولها استثناء وصحيح ان المرأة هي الحلقة الأضعف والأكثر ظلما فيما يختص بالسند القانوني للأحكام ولكن في مكان معين اذا المرأة كانت تتمتع بنفوذ فيما يختص بموضوع “المشاهدة” على الرغم من انها تكون قد خالفت القوانين الا انها قد تستفيد بواسطة النفوذ، وبعيدا عن موضوعي الحضانة والنفقة هناك أمورا أخرى تكون المرأة فيها مظلومة ودائما نقول هذه قاعدة وهناك دائما استثناءات بحيث توجد بعض الخروقات لدى بعض النافذين من نساء.
المشاهدة… حق بديهي للام
المشاهدة هي حق أحد الوالدين في رؤية واصطحاب الطفل الذي لا يكون في حضانته، وهو من الأمور المجحفة بحق المرأة فيما يختص “بالمشاهدة” بحيث ان هذه القاعدة يتم خرقها من قبل المرأة إذا كان لديها نفوذا بحيث ان المشاهدة قد تكون قصيرة جدا مما يدفع بالأم الى استغلال او توظيف نفوذها في حال كانت طائلة النفوذ.
النفقة جدل الجدالات…
هذا الموضوع يشهد جدلا واسعا في الآونة الأخيرة خاصة بعد انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية، كما ان موضوع منع السفر الذي بتنا نشهده مؤخرا خاصة فيما يتعلق بالسيدة ليليان شعيتو التي أصيبت بانفجار مرفأ بيروت والتي ما زالت حتى اللحظة طريحة المستشفى كما ان قضية ليليان شعيتو هي من فتّحت العين على القضايا المتعلقة في المحاكم الجعفرية بحيث ان زوجها حرمها من رؤية طفلها ووضع نقطة على اسمها لمنعها من السفر لمتابعة علاجها في الخارج ومعلومات خاصة تقول بأن زوج ليليان على علاقة وثيقة بالرئيس نبيه بري الامر الذي جعل المحاكم لا تحكم بالعدل ولا تستند الى الفقه او تعود الى القرآن الكريم مما يدل على هيمنة القرار السياسي والحزبي على القرار القضائي مما يعني ان “المحاكم فاتحة على حسابها” فلدى قاضي القضاة في المحكمة الجعفرية يمنع على المرأة ان تتقدم بطلب منع اذن سفر للرجل مع العلم ان هذا ما حدث مؤخرا مع السيدة ليليان شعيتو، فإذا كانت المرأة تريد نفقة ولجأت الى المحاكم الجعفرية لمنع سفر الرجل لكي تؤمن النفقة وخوفا من هروبه وعدم التزامه ، الا ان بعض القضاة يرفضون ما تلجأ اليه المرآة لحماية حقوقها او الاستحصال عليها.
اصلاح القوانين… التنظيم القضائي
يقترن العمل في سبيل تبني قانون مدني اختياري بإقرار إصلاحات جوهرية، هذا هو بيت القصيد ومن هنا نبدأ بالخطوة الأولى في اصلاح القوانين وكيفية تعديل هذه النظم القانونية، المؤكد ان الاحكام الشرعية المتعلقة بمواضيع الأحوال الشخصية خاصة عند الطوائف الإسلامية، في الأصل هي في طبيعتها مدنية، فالنصوص القرآنية لم تنص على تحديد عمر الحضانة، ومن هنا يمكننا ان نطور قانون أحوال شخصية يكون مدنيا مع مراعاة بعض الخصوصيات لدى الطوائف ونتحدث هنا عن الأمور الموجودة في القرآن والانجيل او تلك التي تعتبرها كل طائفة ان لديها قدسية معينة، وهذا الموضوع بحاجة الى ورشات عمل مكثفة مع ممثلين للمراجع الدينية لدى كافة الطوائف في لبنان، وللمفارقة ان هؤلاء كانوا يشاركون بورش عمل تتعلق بتطوير القوانين المتعلقة “بالأحوال الشخصية”، وفي حال عدم الوصول الى قانون موحد يمكن العمل على قانون موحّد مع بعض الخصوصيات، واذا كنا غير قادرين على خلق قانون موحد للأحوال الشخصية يمكن ان نطور هذه القوانين بحيث تكون قائمة على “المواءمة” وهذا الامر جائز وهناك الكثير من القضايا خاضعة للقانون المدني فمثلا الزواج هو زواج مدني قائم على العرض والقبول أي الرضا المتبادل بين الطرفين، وفي بعض الطوائف لديها الأمور الشكلية التي تعتبرها من الأمور الأساسية لا بل سر من اسرار الكنيسة. ليس صعبا ن نعمل ضمن اطار “المواءمة”، فهناك الكثير من الدول الطائفة الإسلامية هي الطاغية حذت نحو “المواءمة” ومنها تونس، ومن هنا يمكننا الوصول الى قانون موحد للأحوال الشخصية مع الحفاظ على بعض الخصوصيات لدى الطوائف او تطوير كل قانون لدى كل طائفة بحيث من العيب في القرن العشرين وما زلنا نستند الى اعراف قديمة جدا وكثير من الطوائف ما زالت تعمل بالعرف وليس بالقانون ومن هذه الطوائف “الطائفة الشيعية”، وما يميزها لهذه الطائفة على غيرها من الطوائف انها تقوم بالاجتهاد وعليه يمكن للفقيه ان يجتهد ويطور هذه القوانين.
تطوير القوانين في المحاكم السنية
بدأت المحاكم السنّية تطوير قوانينها من خلال رفع سن الحضانة والزواج المبكر الا بإذن من الحاكم، على عكس الطائفة الشرعية المرتبطة في مراجعها واحكامها بما يرتبط به المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ومن هنا كقانونيين يفضل ان يتم تباحث في هذا الموضوع لكي لا نبقى خاضعين لهذا المرجع والذي هو في الأصل خارج لبنان بحيث اصوله في العراق وهم لا يتبعونه بالنسبة لقضايا الحضانة وحقوق المرآة وغيرها من الأمور وهنا نتحدث عن “المرجع السيستاني”، كما يستطيع المثقفون من كبار السنّة وفقهائها والقضاة ان يجتمعوا لسن القوانين او يقوننوا الاحكام المتعارف عليها من خلال تطويرها لتتماشى مع الواقع الحالي ويفضل إيجاد قانون للأحوال الشخصية موحّد مع بعض الاستثناءات ومراعاة بعض الخصوصيات لكل طائفة.
يمكن للمرآة ان تحتفظ بحقوقها…
تستطيع المرأة ان تحفظ حقوقها على الرغم من الظلم القائم في المنظومة القانونية التي تخضع لها المحاكم الشرعية عامة والجعفرية خاصة، وبعض الأمور التي يمكن ان تستفيد منها المرأة هي عند عقد القران ان تضع شروطاً لحماية نفسها على ان لا يتنافى مع النظام العام وروحية الدين، فمثلا ان تشترط “تطليق نفسها” بعد حصولها على الوكالة ومن هنا يجب لفت نظر المرأة والنساء اللواتي لديهن الخوف من شيء معين حقهن في الاشتراط لدى اقدامهن على الارتباط.
التعيينات…
اما فيما يختص بموضوع قضاة الشرع يجب ان يطرح موضوع التعديل في كيفية دخول هؤلاء القضاة الى هذا الحقل ويجب ان لا يقتصر الامر على معرفتهم بأمور الشرع بل يجب ان يعين احدهم من قبل الدولة كمفوض، بمعنى ليس فقط المرجع الديني تابعا لهذه المحكمة هو فقط من يشرف على نجاحهم وتعيينهم، وانما أيضا يجب ان يكون هناك دورات عن الاسرة والأمور النفسية، هناك الكثير من الامور يتوجب على القضاة ان يطوروها بأنفسهم، لا يجوز على سبيل المثال ان يعين قاض ليس لديه أطفال بحيث لن يكون ملّما بمعنى النفقة او كم يجب ان تبلغ او على أي أساس يجب ان تعطى، وعليه يجب تعيين كل قاض في مكانه الصحيح، فمثلا داخل المحاكم يجري تقسيم للملفات فإن لم يكن القاضي ملّما تأتي النتائج عكسية، ومن هنا يجب الاخذ بعين الاعتبار كيفية تقسيم التعيينات القضائية من خلال تأهيل قضاة شرعيين قادرين على اصدار أي قرار لكونهم سيخوضون في كافة التفاصيل المتعلقة بالأسرة من ناحية اجتماعية ونفسية وليس فقط من ناحية شرعية وحتى قانونية، فأصول المحاكمات المفترض اتباعها هي أصول المحاكمات العامة أي المدنية، وهنا السؤال الذي يطرح نفسه ما مدى المام هؤلاء القضاة في هذه القضايا؟ بحيث يجب ان يتعين مشرف من قبل الدولة من خلال تعاون بين معهد القضاة والقضاة الشرعيين، فالقاضي الشرعي لديه مساحة يستطيع ان يتحرك من خلالها ويجب ان ينطلق من منطلق الدين والأخلاق ولماذا الدين؟ لان الصبغة الدينية هي التي تسيطر فينطلق منها وهذه المبادئ التي تقوم على العدل والانصاف ونبذ الظلم هي كفيلة ان تخفف الأعباء بمعزل ما اذا كان يوجد نص ام لا، وبعض القضايا يمكن حلها في غياب النص القانوني، لأنه يوجد مساحة معطاة للقاضي منها النفقة وغيرها من الأمور فلا يوجد في الشرع نص يحدد سقف النفقة، وانما يجب ان تعطى بحسب الاحتياجات والامكانيات وفي الدرجة الأول الاحتياجات الا في حال كان الشخص مقتدر فلا يجوز ان يعطي في النفقة ما تيسر له كشخص عادي وهذا الامر يجب ان يؤخذ بعين الاعتبار بمعزل ما اذا كان يوجد نص قانوني ام لا.