لا توافق نيابيا للمرّة الخامسة… ولا رئيس للجمهوريّة قريباً من دون تسوية داخليّة!!!

Share to:

الديار – دوللي بشعلاني

أظهرت الجلسة الخامسة لانتخاب رئيس الجمهورية في مجلس النوّاب، على غرار الجلسات السابقة، أنّ “التوافق” ليس قائماً حتى الآن بين الكتل النيابية، والدليل تشتّت أصوات النوّاب وهدر بعضها إمّا على الورقة البيضاء أو على “لبنان الجديد”، أو على أسماء لمرشّحين سبق أن أعلنوا عن عدم ترشّحهم، مثل المؤرّخ والأكاديمي الدكتور عصام خليفة الذي بدّل موقفه وأعلن بالأمس موافقته على الترشّح من داخل مجلس النوّاب، وقد تراجع عدد النوّاب المؤيّدين له من 10 الى 6 نوّاب، فيما علّق الوزير السابق زياد بارود على مَن صوّت له (صوتاً واحداً) شاكراً إياه، بأنّه ليس مرشّحاً لرئاسة الجمهورية. وعليه انتهت الجلسة الخامسة سريعاً، بعد أن فُقد نصابها في الدورة الثانية، وخرج منها النوّاب وملامح التشنّج بادية على وجوههم وفي خطاباتها.

وبدا التنافس ثابتاً بين رئيس “حركة الإستقلال” النائب ميشال معوّض الذي حاز على 44 صوتاً، فيما أشار الى أنّ 5 نوّاب من الذين تغيبوا عن الجلسة هم من المؤيّدين له، ما يرفع عدد أصواته الى 49، وبين الورقة البيضاء التي تراجعت الى 47 صوتاً، بفعل غياب بعض نوّاب تكتّل “لبنان القوي” وكتلة “الوفاء للمقاومة”. وبقي 7 أصوات لـ “لبنان الجديد”، وصوت واحد لـ “من أجل لبنان”، وآخر لزياد الحايك، وورقة ملغاة حملت عنوان “الخطة ب” أسقطها النائب ميشال الدويهي المنشقّ عن النوّاب التغييريين.

وإذ عاد الجدال داخل الجلسة وخارجها حول نصاب الثلثين المطلوب لانعقاد الدورة الثانية من جلسة الإنتخاب أو عدمه، أكّدت مصادر سياسية مطلعة أنّ المادة 49 من الدستور التي تنصّ على أنّه “يُنتخب رئيس الجمهورية بالإقتراع السرّي بغالبية الثلثين من مجلس النوّاب في الدورة الأولى، ويُكتفى بالغالبية المُطلقة في دورات الإقتراع التي تلي”، واضحة جدّاً، وقد جرى تطبيقها في جميع الدورات الإنتخابية السابقة التي أتت برؤساء جمهورية لبنان. فالنصاب القانوني لانعقاد الجلسة هو دائماً غالبية الثلثين أي 86 نائباً من أصل 128 في المجلس النيابي الحالي، وهذا النصاب مطلوب في جميع الجلسات وجميع الدورات الإنتخابية، بحسب الدستور والقوانين، ولا يُمكن تجاوزه في أي جلسة أو دورة. كذلك فإنّ المادة 49 لا تتعلّق بالنصاب القانوني فقط، إنّما بعدد النوّاب المقترعين في الجلسة.

وأضافت المصادر أنّه لا يجوز أن يعتمد أكثر من نصاب قانوني في جلسة إنتخابية واحدة. فالجلسة التي تبدأ فيها الدورة الأولى بحضور غالبية الثلثين، لا بدّ وأن تنتهي بالنصاب نفسه، فلا يُمكن تغيير نصابها في الجلسة الثانية أو الجلسات اللاحقة. كذلك فإنّ الأغلبية للفوز من الدورة الأولى هي 86 صوتاً، ومن الدورة الثانية بالأغلبية المطلقة أي 65 نائباً. ولا يُعقل أن تنعقد الجلسة الثانية في نصاب الأغلبية المطلقة لأنّه من شأن ذلك ضرب الميثاقية. فمن المحتمل عندها فوز رئيس الجمهورية بأصوات طائفة واحدة من النوّاب زائد واحد، سيما وأنّ المجلس منقسم الى 64 صوتاً للنوّاب المسيحيين، و64 للنوّاب المسلمين.

وبالعودة الى تاريخ الإنتخابات الرئاسية، ذكرت المصادر نفسها أنّه كانت في مجملها، تُعقد جلسة واحدة للإنتخاب. وقد انتُخب رؤساء عدّة من الدورة الأولى مثل الرئيسين إميل لحود، وميشال سليمان. فيما جرى انتخاب رؤساء آخرين من الدورات اللاحقة مثل الرئيسين سليمان فرنجية والياس الهراوي وميشال عون. وقد انسحب نصاب الحضور في الدورة الأولى على الدورات التالية، وجرى انتخاب البعض بالغالبية المطلقة في الدورة الثانية، الأمر الذي جعل مسألة النصاب القانوني لا تُطرح إلّا عند افتتاح الدورة الأولى في جلسة الإنتخاب، وليس في الدورات التي تلي.

من هنا، رأت المصادر أنّه بدلاً من مطالبة بعض الكتل النيابية، بأخذ وضع البلاد المتأزّم بالإعتبار، والذهاب الى انتخاب الرئيس من الدورة الثانية بنصاب غير قانوني، أن يتمّ التوافق فيما بينها على تسمية مرشّح يُنافس النائب معوّض، ما دام مستمراً في المعركة الإنتخابية، ويتحدث عن إمكانية إحراز المزيد من الأصوات المؤيّدة له خلال الجلسات المقبلة. فإذا حقّق معوض في الجلسة الإنتخابية الخامسة 49 صوتاً، بإمكانه، من وجهة نظره هو ومؤيّديه، أن يواصل مشاوراته لا سيما مع النوّاب التغييريين، وبعض المستقلين للحصول على ما ينقصه من الأصوات النيابية وعددها 16 صوتاً للفوز في الدورة الثانية أو في الدورات اللاحقة. غير أنّ تأمين النصاب القانوني أي غالبية الثلثين، لا يُمكن أن يحصل ما لم يكن هناك مرشّح جدّي يتنافس مع معوّض على الرئاسة.

وبرأي المصادر، أنّ اعتماد نوّاب الثنائي الشيعي، ونوّاب تكتّل “لبنان القوي”، على الورقة البيضاء، لن يستمر خلال الجلسات المقبلة، غير أنّه لن يتمّ حرق إسم مرشّحهم للرئاسة، إذا لم يحصل التوافق بين سائر الكتل النيابية على سياسة المرحلة المقبلة. فمن دون حصول تسوية داخلية بين جميع النوّاب، لن يُصبح للبنان رئيس جديد للجمهورية. وقد سبق للنائب معوّض أن أعلن رفضه الخوض في مثل هذا النقاش حتى، كونه يرفض أن يكون “رئيس تسوية”. فيما تبدو الأمور بعيدة عن أي تسويات حالياً، في ظلّ تمسّك كلّ الأطراف بمواصفاتها المختلفة للرئيس المقبل.

وفيما يتعلّق بأحقيّة انتخاب المسيحي الأول في طائفته، أي الذي حاز على أكبر عدد أصوات من المسيحيين في الإنتخابات النيابية الأخيرة، تجد المصادر عينها أنّ ممثلي الشعب أصبحوا في مجلس النوّاب، وعلى هؤلاء انتخاب المرشح الذين يجدونه الأفضل للمرحلة المقبلة. فالبلاد تحتاج الى إنقاذ فعلي، والى رئيس جمهورية توافقي، والى حكومة إنقاذية “كاملة الاوصاف” يتفق رئيسها مع رئيس الجمهورية لانتشال البلاد من الإنهيار الذي تعيشه في مختلف القطاعات، والعمل على تحقيق النمو والإزدهار.

أمّا في حال بقي مجلس النوّاب يدور في حلقة مفرغة، خلال كلّ جلسة إنتخاب مقبلة، على ما عقّبت المصادر، فإنّ الشغور الرئاسي سيطول لأشهر طويلة بعد، ولن يرى لبنان الرئيس الجديد للجمهورية قريباً. غير أنّ بعض الكتل النيابية وعدت بأنّها لن تبقى متمسّكة بالورقة البيضاء بل أنها ستذهب لتسمية مرشّحها لا سيما بعد إجراء المزيد من التشاور للتوصّل الى “تسوية داخلية” ما. فكلّ أسبوع سيشهد جلسة إنتخاب، على ما وعد رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، ولا بدّ من أن تتوضّح الرؤية من أسبوع الى آخر.

Exit mobile version