حسم بيان وزارة الخارجية السعودية اللغط الذي حاولت الترويج له حملات التشكيك والتضليل، تشويه الموقف السعودي الثابت من مسألة التطبيع مع الجانب الإسرائيلي، والمرتبط أساساً بحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة وقيام دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية.
ليست هي المرة الأولى التي تؤكد فيها السعودية، تمسكها بدعم الشعب الفلسطيني، في نضاله المستمر للحصول على دولته المستقلة، وإقامة سلطته الوطنية، بما يؤدي إلى تحقيق السلام الدائم والشامل والعادل للصراع الفلسطيني ــ الإسرائيلي، ويطوي صفحة الحروب المريرة التي عانت منها المنطقة منذ ٧٥ عاماً.
فقد سبق لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن أعلن في الأيام الأولى لإندلاع الحرب الإسرائيلية الوحشية على غزة، وفي حديث لوكالة بلومبرغ الأميركية، توقيف كل المفاوضات غير المباشرة للتطبيع مع تل أبيب، إلى أن يتوقف العدوان على الشعب الفلسطيني في القطاع، والعودة إلى حل الدولتين التي نصت عليه القرارات الأممية، ومعاهدة أوسلو بين الحكومة الإسرائيلية ومنظمة التحوير الفلسطينية.
وأكد الأمير محمد يومها أن الموقف السعودي ينطلق من المبادرة السعودية التي قدمها الأمير عبدالله بن عبد العزيز، (ولي العهد يومذاك)، إلى القمة العربية في بيروت عام ٢٠٠٢، ووافقت القمة عليها، وأصبحت المبادرة العربية للسلام، لأنها تطرقت إلى الإعتراف بالدولة الإسرائيلية، وإقامة العلاقات الديبلوماسية معها، مقابل الإنسحاب من الأراضي العربية المحتلة في حرب ١٩٦٧، وإقامة الدولة الفلسطينية في الضفة وغزة.
ومنذ الشهر الأول للحرب على غزة، ركّزت الإدارة الأميركية في محاولاتها لجم الإندفاعة اليمينية المتطرفة على عدم تفريط تل أبيب بفرصة التطبيع مع الرياض، ولكن نتانياهو وفريقه الهستيري إستمروا في الحرب الوحشية ضد غزة، ومعارضة حل الدولتين، فكان الرد السعودي الحاسم، بربط التطبيع مع الإعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وقطع الطريق على المتلاعبين بورقة التطبيع.
لقد حققت القيادة السعودية إنجازاً تاريخياً في مؤتمر القمة العربية والإسلامية، الذي إنعقد في الرياض، في الأسابيع الأولى للحرب على غزة، والذي أعلن تأييده لحل الدولتين، بموافقة الدول التي كانت تعارض هذا الطرح، وفي مقدمتها إيران، حيث وقّع رئيسها على بيان القمة، إلى جانب رؤساء وممثلي ٧٨ دولة شاركت في مؤتمر الرياض، تلبية للدعوة السعودية.
ولكن يبدو أن حكومة الإئتلاف اليميني المتطرف يدرك خطر السلام مع الفلسطينيين والعرب على مستقبله السياسي، فاندفع بعيداً في مغامرته العسكرية، مخاطراً بمستقبل الدولة الإسرائيلية برمتها!