كوميديا “التوقيتين” تتفوق على هستيريا الدولار… والشراء بالوقية والحبّة!

Share to:

الديار – ندى عبد الرزاق

في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، تتلهّى السلطة الحاكمة بأخذ قرارات ليس للمواطن له فيها من حق او باطل الا انها بالتأكيد تقلب نظام حياته رأسا على عقب وتفصله عن العالم بقصد وإصرار متعمّدين! وسط انهيار تام لقيمة العملة الوطنية امام الدولار الذي وبحسب مصادر متابعة انه يُحرك بأيادٍ سياسية، الى جانب الشغور الرئاسي والأزمات المتواليات، غياب الرقابة كلها عوامل جعلت من البلاد ساحة سوق سوداء مفتوحة على كافة المصارع لينتقل بعدها المواطن من هاجس الغلاء المعيشي الى الانشغال في التفكير بالالتزام التوقيت الصيفي ام الشتوي!

بالموازاة، فان ارتفاع الأسعار في كافة القطاعات الحياتية أثر سلبا على الطقوس والعادات الرمضانية، فقدرات المواطنين المادية لن تمكّنهم من تحضير اطباق ارتبطت بالإفطار، والاكتفاء بأقل من الحد الأدنى يقابله قلق دائم إزاء تأمين الاحتياجات الأساسية في هذا الشهر.

على الرغم من ان ما يقاسيه اللبنانيون ليس وليد اللحظة الا انه يزداد شدّة يوما بعد يوم مع شراهة مفتوحة من التجار وارتفاع بالأسعار غير مسبوق حتى عندما وصل الدولار الى 140 الفا لم تكن الأسعار كما هي اليوم عليه.

هذه المسرحية الهزلية، لم تغط على الغلاء الفاحش الذي يصاحب هذا الشهر، والارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الرئيسية من الحبوب، الخضروات، البقوليات، اللحوم والدجاج وحتى الالبان والاجبان الى جانب الفواكه في ظل غياب من يكبح جماح هذا التمادي، فإن الاسعار حلّقت بزيادة 30% والسبب هذه المرة ليس ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية وانما الطبيعة وشهر رمضان المبارك.

الشّدة أرخت بأعبائها على شرائح واسعة من المواطنين ما دفع بالكثيرين للارتضاء بما تيسر على المائدة من مأكولات ومشروبات اما تلك ذات الطابع الرمضاني فقد اختفت او شحّت او اقتصد في اعدادها. والسُّفَر الرمضانية عامرة ببركة الشهر الكريم وليس بالأصناف المتنوعة ولسان حال الصائمين طفح الكيل من الفلتان الذي نشهده في الأسعار التي تتبدل بين ليلة وضحاها.

حلويات رمضانية تغيب!

اللبنانيون الذين تأقلموا مكرهين على الأسعار المتأججة وفي الأصل هذا الارتفاع كان يرافق كل أشهر رمضان الماضية، الا ان هذه السنة الامر اختلف لاعتبارات متعددة منها انهيار القيمة الشرائية لليرة اللبنانية ودولرة الأسعار وتوقّدها.

وفي هذا الإطار قالت السيدة دنيا لـ “الديار”، “وجدت نفسي هذا الشهر غير قادرة على شراء مكونات لصنع اطباق من الحلويات الرمضانية بسبب “شرقطة” اسعار المواد التي تدخل في صناعتها، فعبوة السمن الصغيرة بـ (5$) او بديل عنها مثل الزبدة سعرها يبدأ من (3$)، الطحين 600 غرام (2.5$)، البيكنغ بودر والفانيلا سعرهما يبدأ من (2.5$) اما المكسرات، فالجوز الكيلو بـ (600 الف)، القلوبات الى جانب العجينة وغيرها من المواد فالأسعار قد تفوق المليون والنصف وهنا اتحدث عن كميات بالوقية او ذات الحجم الصغير”.

تابعت، “اما الشوكولا السوداء للزينة فالحبة الواحدة يتراوح سعرها ما بين الـ (1$) و (1.25$) وطبعا بحسب النوعية. وأضافت، تعد اطباق الحلويات من اساسيات السُّفر الرمضانية، ويطلبوها الكبار والصغار مثل الكنافة، حلاوة الجبن، البقلاوة، الهريسة، لم يعد صنعها في البيت اوفر بسبب ارتفاع ثمن الأدوات بما في ذلك ابسط الاطباق مثل الصفوف فان صناعة قالب لـ 6 افراد تكلفته تفوق المليوني ليرة. كذلك الامر بالنسبة للنمورة واصابع زينب والمفتقة والعثملية وهي اكلة محبوبة من الجميع الى جانب القطايف، الكلاج والذي يعد أحد اساسيات المائدة طيلة الشهر اليوم يغيب وربما كل رمضان”.

مرام التي كانت تجهّز اصنافا متنوعة من الحلويات والمشروبات ومعروفة بالتحضير الشهي فهي صاحبة “الوصفة السرية” و “النفس الطيب” قالت: “سأنسى كيفية صنع بعض الاطباق بعد ان بات من الاستحالة شراء أي من الجلاب او التمر الهندي الذي احضره في المنزل لعائلتي لا بل أكثر من ذلك نقتصد في استهلاكها فأنا ام لسبعة أطفال وهذه الأنواع الى جانب الحلويات لم تعد ضرورية على المائدة. اردفت، “حتى تلك الأصناف التي لا تحتاج للكثير من المكونات صدّقوا اننا لا نقوى على شراء ادواتها التي يجب ان تكون متوفرة في أي منزل مثل الحليب لصناعة الأرز بالحليب والكاسترد وغيرهما من الأصناف”.

كثيرة هي العائلات المتعففة التي ترزح تحت خط الفقر كحال عائلة ليندا التي شكت قلّة الحال فقالت، “جراء الازمة الاقتصادية التي تتحكم بالبلد الامر يشتد سوءا، فأسعار الخضروات تضاعفت في ثالث أيام شهر رمضان بنسبة 30 الى 40%”.

في سياق متصل يقول سليم وهو صاحب محل لبيع الخضار، “ان الارتفاع الذي نشهده ليس نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار وانما بسبب شهر رمضان حيث تتهافت الناس على الشراء. والمح الى ان الوضع المادي للناس ضيّق بحيث يشترون بالحبة والوقية وأحيانا بالنصف كيلو. أما الاسعار حتى لحظة كتابتنا لهذا التحقيق كانت على الشكل التالي: البندورة (55 الفا) الخيار (90 الفا) الخسة (60 الفا) النعناع (20 الفا) البقدونس (25 الفا) البصل الأخضر (30 الفا) الملفوف (80 الفا) الحامض قبل يوم من شهر رمضان كان سعره (15 الفا) أصبح (40 الفا) الثوم (225 الفا) والفليفلة الخضراء بـ (90 الفا) اما الموز (50 الفا) والتفاح (80 الفا)”.

ولفتت ليندا، “الأسعار خيالية احاول تقليص الكمية فلا الحلويات نقدر على شرائها أو الخضروات كذلك الامر بالنسبة للحوم والالبان والاجبان والمربيات وارى انني امام خيارين احلاهما علقم!”

في سياق متصل شرح “رئيس تجمع مزارعي وفلاحي البقاع” ابراهيم ترشيشي لـ “الديار”، ان السبب في ارتفاع الاسعار يعود الى عوامل الطبيعة جراء غزارة الامطار التي هطلت في الأيام القليلة الماضية الى جانب تدني في درجات الحرارة. وعلّل، “هذا الامر لم يُمكّن المزارع من قطف محاصيله الزراعية او القيام بأعمال التوضيب والتهيئة لعرضها في الأسواق مشيرا الى ان المزروعات في أماكن مفتوحة وليست داخل بيوت بلاستيكية”.

وتابع، “هذه الحالة طالت البلدان التي نستورد منها مثل الساحل السوري، ولفت الى ان لبنان يستورد في مثل هذا الوقت من السنة أكثر من 70% من احتياجاته و30% هي عن طريق الإنتاج المحلي وبالتالي فان تساقط كميات وفيرة من المياه أثر على السوق لجهة العرض الذي قلّ الى جانب ارتفاع الطلب على الخضار الذي أدى الى تضاعف الأسعار”.

واكد ترشيشي، “ان هذا الامر لن يطول لجهة ارتفاع الأسعار وستتراجع عندما يبدأ الطقس بالتحسّن الى جانب الارتفاع بدرجات الحرارة، فيستطيع المزارع العمل في ارضه التي لا زالت موحلة بسبب الامطار المنهمرة وبالتالي الإنتاج سيرتفع والاسعار ستنخفض”.

وتطرق ترشيشي الى 3 أسباب أساسية ضاعفت من أسعار السلع وهي:

أولا: الاستيراد من الخارج حيث يتم شراء السلع بالدولار وهو أحد أسباب ارتفاع الأسعار.

ثانيا: تدني الكميات المعروضة من جهة وارتفاع الطلب عليها من جهة ثانية.

ثالثا: بسبب شهر رمضان أدى التهافت من قبل المواطنين في كافة المناطق اللبنانية على الشراء الى رفع السعر كذلك الامر بالنسبة للبلدان التي نستورد منها مثل مصر والأردن وسوريا”.

Exit mobile version