كباش صامت بين بري والنواب المعتصمين.. وعبارة “مش علييّ” أوصلت الرسالة

Share to:

الديار: صونيا رزق

بدأت إنتفاضة بعض النواب التغييريين يوم الخميس الماضي، حين اعلن نائبا تكتل “قوى التغيير” نجاة صليبا وملحم خلف، الإعتصام داخل المجلس النيابي فور انتهاء الجلسة الرئاسية رقم 11 وتكرار السيناريو المعهود، فأعلنا المبيت في المجلس دَفعاً لإنتخاب رئيس للجمهورية، وبدورات متتالية مِن دون انقطاع وحتى تحقيق هذه الغاية، الامر الذي وضعهما في كباش سياسي مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي سبق واعلن دعوته الى الحوار من دون ان يلقى موافقة اكثرية النواب، فإعتبر بري ذلك الاعتصام ضغطاً عليه، لذا رفض هذه الطريقة، لكن النائبين صليبا وخلف بقيا على موقفهما، على الرغم من إقفال كل ابواب المجلس وقطع الكهرباء فور إنتهاء الجلسة 11، فتوالى التأييد من قبل بعض النواب منذ ليل الخميس، وآخر الزائرين أسامة سعد وعبد الرحمن البزري وشربل مسعد ونبيل بدر، فيما إعتذر نائب رئيس المجلس الياس بو صعب عن عدم عقد الاجتماع، الذي كان مقرراً مع النواب المعتصمين، وقد بات النائبان حليمة قعقور وفراس حمدان الليل في المجلس، إضافة الى خلف وصليبا، على ان يصبح عددهم 7 وفق ما افادوا ” الديار”مساءً.

الى ذلك علمت ” الديار” بأنّ النواب المعتصمين عقدوا عبر تقنية “زوم” لقاءات مع عدد من المغتربين، الذين عبّروا عن تأييدهم ودعمهم لهم، وفي السياق تلقوا اتصالات من نواب معارضين وناشطين سياسيين، فضلاً عن حضور جمهور مؤيد لهم الى ساحة النجمة.

لكن وبعد دعوة رئيس مجلس النواب اللجان النيابية المشتركة، الى عقد جلسة قبل ظهر الخميس المقبل في 26 الجاري، لدرس مشرع القانون الرامي الى تعديل بعض أحكام قانون الضمان الإجتماعي، وإنشاء نظام التقاعد والحماية الإجتماعية، برزت رسالة الى النواب المعتصمين في المجلس، بأنّ ما تقومون به لزوم ما لا يلزم، وهذا يعني انّ المثل الشائع”جرت الرياح بما لا تشتهي السفن” ينطبق على المشهد الحالي، لان برّي لم يدعُ الى جلسة لإنتخاب رئيس كما تجري العادة كل خميس، بل اتت دعوته مغايرة، الامر الذي لا يبشّر بإمكانية ان يؤدي هذا الإعتصام الى أي نتيجة إيجابية بل على العكس، لانّ إعتصام عدد قليل جداً من النواب لا يكفي. بينما المطلوب إنتفاضة نيابية – سياسية يتلاقى ضمنها كل الفريق المعارض، من دون إستثناء في المجلس النيابي، والاتفاق على مرشح رئاسي واحد للوصول الى بعبدا، بعدد الاصوات المطلوبة في الدورة الثانية، وإلا ستبقى هذه الحركة كما وصفها بعض نواب فريق الممانعة ضمن إطار الشعبوية ليس اكثر، خصوصاً بعد ردّ برّي على النائبين المعتصمين بعبارة “مش علييّ”، وهذا يعني انه لم يعتبر هذا الموقف ضمن خانة الجدّ ، بل ضمن قالب مسرحي لم ينظر اليه بعين الإعتبار، لانّ المطلوب إفتراش الارض داخل المجلس وخارجه من قبل كل الفريق المعارض، بما يضم من نواب تغييريين ومعارضين ومستقلين ورؤساء احزاب، ونواب ووزراء سابقين وناشطين سياسيين، وشخصيات فاعلة وحشود من المواطنين، كي يصبح الاعتصام فاعلاً، وإلا سيبقى مشهد التعطيل يراوح مكانه.

الى ذلك من المفترض ان تكون المزايدات قد ولّت، مع وصول الاوضاع الى هذا الدرك الخطير، مع ضرورة إنجاز التوافق وترك الانقسامات، لانّ الرسائل وصلت بالعشرات من السفراء الغربيين، خصوصاً الى كبار المسؤولين اللبنانيين، بأن لا رئيس للجمهورية في القريب العاجل، إلا في حال تمّ التوافق على شخصية مقبولة داخلياً وخارجياً، وعلى ما يبدو بات لبنان منسياً ولم يعد على جدول اعمال الدول، وقد وُضع ملفه على الرف في إنتظار الوقت المناسب.

في السياق تبقى الحاجة اليوم الى ترتيب البيت المعارض مع نواب “التغيير” وبعض المستقلين، وإتخاذ القرارات الحاسمة في الاستحقاقات الدستورية، في إنتظار الاهتمام الخارجي من وراء الحدود والبحار، للوصول الى إسم رئاسي وسطي بالتأكيد، لانّ الإتيان برئيس مغاير لن يتحقق، وعلى مرشحيّ الفريقين ان يستوعبوا هذا القرار الخارجي المؤجل، وفق ما نقل ديبلوماسي غربي، لانّ لبنان غير موضوع اليوم على أجندة الدول المؤثرة، كما انّ الجلسات الرئاسية المتكرّرة باتت مصدر إزعاج للبنانيين، الذين شعروا وكأنهم أداة بأيدي النواب المعطلّين، لذا لم يبق سوى تخطي السجالات والمصالح الخاصة لتحقيق معجزة إنتخاب الرئيس.

Exit mobile version