بعد أن كان توقع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في مقابلة تلفزيونية يوم الإثنين أن يُحدد رئيس المجلس النيابي نبيه بري الجلسة الأولى لانتخاب رئيس للجمهورية في الأيام العشر الاخيرة من شهر تشرين الأول المقبل، «لأنه سيكون ملزماً ومحرجاً بذلك»، جاءت الدعوة لعقد جلسة اليوم، لتُشغل بال نواب «القوات» والمعارضة وتُربكهم في تحليل أسبابها وأهدافها، وهم الذين لم يتفقوا بعد على إسم مرشح أو أكثر لأجل محاولة إيصاله الى قصر بعبدا، ولا على كيفية المواجهة.
كثُرت التحليلات حول أسباب الدعوة، رغم أن المواد الدستورية واضحة لناحية ضرورة الدعوة الى جلسة انتخاب أولى قبل نهاية شهر أيلول، أي ضمن مهلة الشهر التي تسبق انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، لكي لا يفقد رئيس المجلس حقه بالدعوة مجدداً، لكن بعيداً عن هذا النقاش، يُطرح التساؤل الأساسي، مَن سيحمل في صدره تعطيل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية؟
تحدثت كتل نيابية عديدة عن التعطيل كونه السلاح الأسهل استعماله لمنع وصول شخصية ما الى رئاسة الجمهورية، مع العلم أن مستعملي سلاح التعطيل قبل وصول ميشال عون الى الرئاسة ينتقدونه اليوم، ومنتقديه سابقاً يتجهون لاستخدامه اليوم، إنما التعطيل سيكون له ارتدادات سياسية، فالبطريرك بشارة الراعي على سبيل المثال لن يكون مسروراً من التعطيل والمعطلّين، وهو الذي قال في قداس الاحد الماضي: «التوافق الداخلي على رئيس فكرة حميدة، لكن الأولوية تبقى للآلية الديموقراطية واحترام المواعيد، ولا تستقيم الدولة مع بقاء حكومة مستقيلة، ولا مع حكومة مرمّمة، ولا مع شغور رئاسي، لأن ذلك جريمة سياسية وطنية وكيانية».
ضمن قوى المعارضة من يقول بأن البطريرك لا يمكنه اتخاذ أي موقف سوى هذا، لكنه في قرارة نفسه سيؤيد التعطيل بحال كان الهدف منع وصول مرشح حزب الله الى رئاسة الجمهورية، فهو أكثر من يتمنى وصول شخصية «سيادية» تؤمن بحياد لبنان واستقلاله، وبذلك تكون المعارضة قد مهدّت للتعطيل.
أمس، تكثفت الإتصالات بين القوى النيابية المعارضة التي تفاجأت بالدعوة لعقد جلسة انتخاب لرئيس الجمهورية في هذا التوقيت، علماً أنها كانت من مُنتقدي تأخر بري بالدعوة لجلسة، وتمحورت الإتصالات، بحسب مصادر نيابية متابعة، حول طريقة التعاطي مع الجلسة، اكثر من فكرة الإتفاق على مرشح موحد، لأسباب عديدة أبرزها هو أن رمي الإسم في الجلسة الأولى قد يشكل محرقة له، ولو أن بعض المعارضين تحدثوا عن ضرورة الظهور في مظهر موحّد خلال الجلسة، وطرح أسماء تُحدث صدمة إيجابية في الشارع، تجعل مسألة رفضها صعبة على الاطراف الأخرى.
وتُشير المصادر إلى أن الفكرة التي تحظى بتأييد، كانت حضور الجلسة كونها لن تُنتج رئيساً من الدورة الاولى لاستحالة حصول أي إسم على الثلثين، وفضّ النصاب في الدورة الثانية، خاصة بعد نصائح تلّقتها قوى معارضة تحذرها من «لعبة» قد يلعبها فريق 8 آذار تتيح إيصال رئيس من الدورة الثانية بـ 65 صوتاً.
إذاً، السيناريو المرجح حصوله اليوم هو أن تذهب الكتل النيابية إلى الجلسة منقسمة، لتؤكد من جديد عدم قدرتها على إنتاج رئيس جديد للجمهورية من تلقاء نفسها، وتؤكد المصادر أن الجلسة اليوم ستًعلن انطلاق السباق الرئاسي بشكل رسمي، وستصبح الأوراق مكشوفة على الطاولة، وستبدأ أسماء المرشحين الجديين تظهر تباعاً، وخلال الأيام المقبلة ستتكثف اللقاءات السياسية داخل لبنان مع السفراء، وخارج لبنان أيضاً من خلال زيارات لمسؤولين لبنانيين الى عواصم القرار أبرزها فرنسا.