نضال العضايلة
منذ نحو الشهر والحرب دائرة بين حركة “حماس” ودولة الكيان الصهيوني، والممتدة في مسلسل مستمر من المواجهات والاغتيالات والهجمات الانتحارية في أعقاب تأسيس حركة المقاومة الإسلامية المعرفة باسم “حماس” عام 1987، على يد الراحل أحمد ياسين.
شنت الحركة عشرات العمليات داخل إسرائيل، قتل فيها مئات الإسرائيليين خلال الانتفاضة الأولى التي اندلعت شرارتها الأولى من قطاع غزة عام 1987، عندما كانت تحت السيطرة الإسرائيلية، وامتدت إلى الضفة الغربية، وتوقفت مع توقيع اتفاقيات أوسلو عام 1993.
وفي الانتفاضة الثانية، والتي اندلعت بعد دخول رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق آرييل شارون للمسجد الأقصى عام 2000، فقد كانت أكثر دموية وعنفا من الانتفاضة الأولى، حيث قتل فيها 4200 شخص من الطرفين، قتيل إسرائيلي مقابل كل ثلاثة فلسطينيين.
إسرائيل نفذت عشرات عمليات الاغتيال التي طالت الكوادر في الفصائل الفلسطينية منذ نشوء المقاومة الفلسطينية، كما عمليات اغتيال واسعة لتصفية قادة وكوارد حركة حماس منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، ولم تفرق بين الكوادر السياسية والعسكرية في الحركة.
ومن قائد كتائب عز الدين القسام محمد الضيف، إلى رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، هناك عدد من الشخصيات البارزة، على رأس القائمة الإسرائيلية، باعتبارهم مسؤولين عن الهجمات في جنوب دولة الاحتلال في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وأدت لمقتل أكثر من 1400 شخص.
محمد الضيف: القائد الأعلى لكتائب عز الدين القسام تعتقد تل أبيب أن محمد الضيف، هو العقل المدبر لهجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، باعتباره القائد الأعلى لكتائب عز الدين القسام، والذي انضم إلى حماس في أواخر الثمانينات بعد أن قضى فترة على رأس اتحاد طلاب جماعة الإخوان المسلمين.
ومنذ أكثر من 30 عاما يعتبر الهدف الأول لإسرائيل، باعتباره المسؤول عن العمليات العسكرية للحركة منذ عام 2002.
ولد الضيف، واسمه الحقيقي محمد دياب المصري، وكنيته “أبو خالد”، في 1960 يمخيم خان يونس للاجئين الفلسطينيين في الجنوب، وقضى حياته جنبًا إلى جنب مع يحيى عياش، القيادي السابق في حماس الذي قتلته إسرائيل في عام 1996.
وتحت قيادة الضيف، حصلت “القسام” على صواريخ متطورة وبدأت في شن عمليات توغل برية من قطاع غزة عبر الأنفاق تحت الأرض.
وتتهمه إسرائيل بصفة خاصة بالتخطيط للعديد من الهجمات ضد الإسرائيليين، في منتصف التسعينيات ومن عام 2000 إلى عام 2006.
عرف باسم “الضيف” لأنه لا يبقى في المكان ذاته لأكثر من ليلة واحدة للإفلات من الملاحقة الإسرائيلية، ويلقبه الإسرائيليون بـ”ابن الموت”، نجا من عدة محاولات اغتيال، لا سيما في الأعوام 2002 و2003 و2006.
ومن المحتمل أن يكون قد أصيب بجروح خطيرة خلال المحاولة الأخيرة، شلل نصفي، وفق ما ذكر المسؤولون الإسرائيليون، لكن حماس لم تؤكد هذه المعلومات مطلقًا، وفي عام 2014، قُتلت زوجته واثنان من أطفالهما في قصف منزلهم شمال غرب مدينة غزة، وتعود آخر صورة معروفة له إلى عام 1989، أدرج في القائمة الأمريكية لـ”الإرهابيين الدوليين” في العام 2015.
يحيى السنوار: رئيس حركة حماس في غزة أما يحيى السنوار، الذي تم انتخابه في فبراير/شباط 2017، على رأس حركة حماس في قطاع غزة، وهو المنصب الذي كان يشغله سابقا إسماعيل هنية، فلا يعد زعيما سياسيا بسيطا.
ولد السنوار عام 1962 في مخيم خان يونس للاجئين جنوب الشريط الساحلي الفلسطيني، وهو قبل كل شيء أحد مؤسسي كتائب عز الدين القسام، وقسم “المجد” الذي يقدم كوحدة استخباراتية تابعة لفرع حماس المسلح.
اعتقلته إسرائيل عام 1988 بتهمة “القيام بنشاط إرهابي”، ثم حكم عليه بـ4 أحكام مؤبدة ليطلق سراحه في أكتوبر/تشرين الأول 2011 ضمن اتفاق تبادل ألف أسير فلسطيني مقابل إطلاق سراح الجندي الفرنسي-الإسرائيلي جلعاد شاليط، الذي احتجزته حماس لمدة 5 سنوات، وقد تم إدراج اسمه على قائمة الولايات المتحدة “للإرهابيين الدوليين” في سبتمبر/أيلول 2015.
مروان عيسى: نائب رئيس الجناح العسكري مروان عيسى، البالغ من العمر 58 عامًا، هو اليد اليمنى لمحمد الضيف، أحد الأهداف ذات الأولوية للوحدة الخاصة للشين بيت (جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي) والموساد (جهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلي)، المسماة “نيلي”، والتي تم إنشاؤها لتعقب المسؤولين عن هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول والقضاء عليهم.
نجا نائب رئيس الجناح العسكري لحركة حماس من عدة محاولات اغتيال، إحداها في عام 2006، حيث كان يشارك وقتها في اجتماع حضره أيضاً محمد الضيف أو”الضيف”. وتعرض منزله للقصف مرتين، عامي 2014 و2021.
ابو عبيدة: المتحدثِ الرسمي الإعلامي لكتائب الشهيد عز الدين القسام يعد أبو عبيدة من أوائل المطلوبين في قوائم الاغتيال الإسرائيلية نظرًا لاعتباره الشريان الرئيس للحرب النفسية والحرب الإعلامية التي تفرضها حماس.
لا يُعرف الاسم الحقيقي لأبي عبيدة ولا شكله كما أنّ التفاصيل أو المعلومات الشخصية عنه أو عن حياته شبه منعدمة إن لم تكن منعدمة فعلًا، حيث يظهرُ في خرجاته الإعلاميّة أو بيانات المرئية التي ينشرها ووجهه ورأسه مغطَّيانِ بالكامل بالكوفيّة باستثناء عينيه.
يظهرُ أبو عبيدة في المؤتمرات الصحفية داخل قطاع غزّة على قلّتها، كما يظهر في بيانات المرئيات المصوّرة التي تُنشر على الحسابات الرسمية لكتائب القسام في العادة وقد تُبثَّ في بعض المرات على قناة الأقصى الفضائية التابعة لحماس وبشكلٍ أقلّ في قناة الجزيرة وباقي القنوات الفضائية الأخرى.
يُحيط غموضٌ كبيرٌ بهوية أبي عبيدة الذي يظهرُ ملثماً دوماً بشكل منفرد أو محاطاً بمسلحين من كتائب القسام، فبات صوتُه مألوفاً بالنسبة للفلسطينيين والإسرائيليين على حدٍ سواء بعدما كان قد أطل على الشاشة للمرة الأولى عام 2006 معلناً نبأ أسر كتائب القسام للجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، ومنذ ذلك الوقت وهو الناطق الرسمي والرئيسي للكتائب.
وقد أكدت مصادر قيادية في حماس أنّ وجه أبو عبيدة لا يعرفه سوى قليلون، ولم يسبق له الظهور بشكل علني في أيّة وسيلة إعلاميّة.
ويرى عددٌ من المحللين والمهتمّين بالشأن الفلسطيني/الإسرائيلي أن خطابات أبي عبيدة وبياناته ذات مصداقيّة وموثوقية عالية خاصة وأنه يُعلن عن الخسائر في صفوفِ القوات الإسرائيلية وفي صفوفِ فصائل المقاومة على حدٍ سواء دون تفخيم في طرف أو تقليل في الطرف الثاني، بل إنّ المراسلة العسكرية الإسرائيلية غيلي كوهين أعلنت أن الجمهور الإسرائيلي يثقُ بتصريحات الناطق باسمِ القسام أكثر من الناطقين الرسميين الإسرائيليين.
إسماعيل هنية: رئيس المكتب السياسي للحركة ولد هنية عام 1963 في مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين، أحد أفقر مخيمات غزة، ويحظى بتركيز إعلامي كبير، وهو إلى جانب الضيف، على رأس قائمة الأهداف ذات الأولية لدى إسرائيل.
يرأس هنية المكتب السياسي لحركة حماس منذ مايو/أيار 2017، ويتنقل بين تركيا وقطر منذ منفاه الاختياري عام 2019، وهو ناشط منذ بداية تشكل حركة “حماس” الإسلامية بغزة، وخريج الأدب العربي من الجامعة الإسلامية في غزة، أمضى فترات عدة في السجون الإسرائيلية نهاية الثمانينات، فيما اتهمته تل أبيب بقيادة الجناح الأمني لحركة حماس.
وبعد أن أصبح عضواً في المكتب السياسي للحركة الإسلامية والسكرتير الخاص لمؤسس حركة حماس، الشيخ أحمد ياسين (الذي استشهد في غارة إسرائيلية عام 2004)، ارتقى في صفوف الحركة وانتهى به الأمر لإيصالها إلى النصر خلال الانتخابات التشريعية الفلسطينية 2006.
تم تعيينه رئيسا للوزراء في حكومة الوحدة الوطنية، وأقاله رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في عام 2007، بعد سيطرة حماس على قطاع غزة بالقوة.
يوصف بأنه براغماتي، وقد دعا مراراً وتكراراً إلى المصالحة مع حركة فتح، ولكن دون جدوى.
كان شاؤول موفاز، وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك، قد هدده بالقتل مباشرة على موجات الإذاعة، إذ أكد أن هنية، الذي سبق أن نجا من محاولة اغتيال في سبتمبر/أيلول 2003، ليس في مأمن من الموت في حال “واصلت حركته أنشطتها الإرهابية”.
أعيد انتخاب “أبو العبد” زعيما لحركة حماس في 2021، وأدرج اسمه على القائمة الأمريكية لـ”الإرهابيين الدوليين” في العام 2018.
وتتهمه واشنطن على وجه التحديد بارتباطه بـ”علاقات وثيقة مع الجناح العسكري لحركة حماس” وبأنه “يدعم الكفاح المسلح، بما في ذلك ضد المدنيين”.
صالح العاروري: نائب رئيس المكتب السياسي للحركة أما صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس منذ عام 2017، فيبلغ 57 عامًا من العمر، وهو أحد الشخصيات السياسية الرئيسية في الحركة الإسلامية الفلسطينية.
تتهمه تل أبيب وواشنطن بتمويل وتوجيه العمليات العسكرية لحماس في الضفة الغربية المحتلة، مدرج على القائمة الأمريكية لـ”الإرهابيين الدوليين” منذ سبتمبر/أيلول 2015.
عرضت وزارة الخارجية الأمريكية، من خلال برنامج “مكافآت من أجل العدالة”، مكافآة تصل إلى 5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى مكان العاروري.
سُجن العاروري في السجون الإسرائيلية بين عامي 1995 و2010، ثم نُفي إلى سوريا قبل أن ينتقل إلى تركيا، ويعيش الآن في لبنان.
خالد مشعل: رئيس المكتب السياسي السابق للحركة يعد خالد مشعل، زعيم حماس الذي ظل في المنفى لفترة طويلة قبل أن يحل محله هنية، منذ عقود شخصية محورية في الحركة الإسلامية الفلسطينية.
فهو معارض شرس لعملية السلام مع إسرائيل، غادر موطنه (الضفة الغربية) في العام 1967 إلى الكويت، وانخرط في جماعة الإخوان المسلمين قبل المشاركة في تطوير حماس، التي سيقود الفرع السياسي فيها منذ 1996 حتى تسليم المشعل لهنية في 2017.
وبعد الكويت، استقر في الأردن حيث نجا في سبتمبر/أيلول 1997، من محاولة اغتيال نفذها الموساد في عمان.
وانتهت العملية بالقبض على الجاسوسين المسؤولين عن حقن السم في رقبته، ما تسببت في أزمة دبلوماسية بين عمان وتل أبيب، فهي تظل واحدة من أشهر الانتكاسات للأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية.
ويدين مشعل ببقائه على قيد الحياة للعاهل الأردني الملك حسين، الذي حصل من حكومة بنيامين نتنياهو الإسرائيلية على الترياق للمادة السامة، مقابل السماح للجواسيس الإسرائيليين بالعودة لبلادهم.
وفي عام 1999، خرح من الأردن مع مسؤولين آخرين في حماس ووجدوا ملجأ في سوريا، حيث تم دفعه إلى رأس الحركة بعد اغتيال إسرائيل للشيخ ياسين، ثم خليفته عبدالعزيز الرنتيسي في العام 2004.
وفي يناير/كانون الثاني 2012، غادر سوريا إلى قطر، معارضاً لحملة القمع التي يشنها رئيس النظام بشار الأسد ضد المعارضة.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2012، قام أستاذ الفيزياء السابق بزيارة تاريخية إلى غزة، وهي الأولى له، بمناسبة الذكرى السنوية الخامسة والعشرين لحركة حماس، وأكد هناك من جديد رفضه الاعتراف بالدولة العبرية.
وأعلن أن “فلسطين من البحر إلى النهر، ومن الشمال إلى الجنوب، هي أرضنا وأمتنا، التي لا يمكن التنازل عن شبر منها ولا عن جزء منها.. ولا يمكننا أن نعترف بشرعية احتلال فلسطين ولا بإسرائيل”.
وفي 11 أكتوبر/تشرين الأول، بعد أيام قليلة من الهجمات التي وقعت على الأراضي الإسرائيلية، دعا من الدوحة العالم الإسلامي إلى التظاهر دعما للفلسطينيين وشعوب الدول المجاورة للانضمام إلى القتال ضد إسرائيل.