هرمون الحب او الاوكسيتوسين كلمة لاتينية مشتقة من كلمة OXYS وتعني الولادة السريعة، ويعمل هرمون الحب على تقليص عضلات جدار الرحم والذي ينتج عنه الطلق ما يسرع عملية الولادة كما يستخدم في الطب على شكل دواء محفّز للولادة بالإشارة الى دوره في إطار تنشيط الخلايا التي تفرز الحليب عند المرأة. كما ان انتاجه لا يزيد من تدفقه بل يطغى على الحالة النفسية للام فيولد شعورا جميلا لديها ومن هنا تظهر تأثيراته الإيجابية والجيدة التي تعمّق العلاقة ما بين الام وطفلها.
متى يفرز الجسم هذا الهرمون
يقوم جسمنا بإنتاج هذا الهرمون عندما نقع في الحب ولهذا أطلق عليه اسم “اكسير الحب” او “هرمون العناق” كونه يقوي من توطيد العلاقات والروابط بمن نحب ويعزز من مشاعر الرضا والأمان والثقة تجاه الأشخاص الذين نهتم بهم ونميل لهم بجوارحنا وعواطفنا الجيّاشة وما يجدر ذكره ان هذا الهرمون يولد لدى الافراد مشاعر مرهفة وقوية تجعلنا في حالة من التفاؤل والسعادة.
يشفي القلوب المكسورة
توصلت دراسة حديثة قام بها خبراء من جامعة ولاية ميشيغان الأميركية الى ان “هرمون الحب” يساعد في شفاء القلوب المكسورة بالمعنى الحرفي للكلمة. ولفتت الدراسة، الى انه في حال تعرض أحد لنوبة قلبية فإن وجود هذا الهرمون في الدم بالكمية الكافية سيفيد كثيرا في عملية تجديد الخلايا المتضررة، وأوصى باحثو الدراسة الى ضرورة فحص الاوكسيتوسين عند التعرض لإصابة في القلب.
وفي السياق عينه، نشر الموقع التابع لجامعة هارفرد دراسة أيضا تقول “ان الغدة النخامية تطلق الاوكسيتوسين في مجرى الدم من خلال اللمس وسماع الموسيقى وممارسة الأنشطة الرياضية والعلاقة الزوجية”.
اما موقع “لايف ساينس” العلمي في دراسة نشرت في أيلول 2022 على مجموعة اسماك الزرد والخلايا البشرية بيّنت ان الهرمون الذي يصنعه الدماغ قد يساعد على تجديد انسجة القلب بعد الإصابة، ومن الناحية النظرية يمكن استخدامه يوما ما في علاج النوبات القلبية”.
ولفت مؤلفو الدراسة، “الى ان هذه الوظيفة لم تكن متوقعة من ضمن وظائف الاوكسيتوسين، ولكن تم التأكد منها على الأقل لدى اسماك الزرد. وذلك من خلال حث الخلايا الجذعية المشتقة من الطبقة الخارجية للقلب “النخاب” على الهجرة الى الطبقة الوسطى “عضلة القلب”. ما يساعد على استبدال خلايا عضلة القلب المصابة والميتة. بالإشارة الى ان الدراسة نفسها تطرقت الى ان الاوكسيتوسين قادر على تنشيط اليات اصلاح القلب في الافئدة المصابة وفي زراعة الخلايا البشرية مما يشرّع الأبواب امام علاجات جديدة محتملة لتجديد القلب لدى البشر.
العناق الكيميائي
المعالجة والمنتسبة لنقابة الاختصاصيين النفسيين جان دارك حنا سعد تشرح لـ “الديار” عن أهمية هذا الهرمون فتقول: “عندما يعبّر العشاق لبعضهم البعض عن مشاعر الحب من خلال العناق والملامسات والتقبيل ومسك الأيدي والاتصال الجسدي الإيجابي والإثارة الجنسية سيتم إفراز هرمون الاوكسيتوسين كما يسمى بمادة العناق الكيميائي، لما له من دور مهم في تنمية ثمرة الحب بين الكوبلات ولهذا السبب يطلق عليه شعبيا تسمية هرمون “الحب” او “العناق”.
وتتابع، “هو ناقل عصبي تستخدمه خلايا المخ للتواصل مع بعضها ومع أجزاء الجسم المختلفة، بحيث يتكون في منطقة من المخ تسمى منطقة ما تحت المهاد”.
اما عن العلاقة ما بين هرمون الاوكسيتوسين بهرمون الدوبامين والسيروتونين فتقول جان دارك، “ان هذه الهرمونات الثلاثة يطلق عليها اسم هرمونات السعادة وتساعد في تحسين المزاج والسيطرة على القلق والخوف وزيادة نسبة السعادة والفرح والحب لدى كل ثنائي، لأنه في بداية العلاقة العاطفية يفرز جسم الإنسان هرمون الدوبامين وبالتالي تتضاعف مستويات هرمون السيروتونين الذي يقوم بإنتاج هرمون الاوكسيتوسين الذي يمنح الشعور بالحب تجاه الشخص الذي نحتفل معه بعيد الحب”.
اما عن آثار هرمون الحب عاطفيا واجتماعيا ومعرفيا ومدى تأثيره على حياة العشاق، فتقول: “يؤدي الى زيادة نسبة مشاعر الراحة وتَذكّر اللحظات الجميلة التي عاشها الثنائي سويا ليتم من خلالها التركيز على النواحي الإيجابية للشريك. وتتابع، الامر الذي ينمّي ثقتهم بأنفسهم وبالآخرين وأيضا يحفز عطفهم وإخلاصهم اتجاه بعضهم البعض، وبالتالي يشعران بالاستقرار النفسي والدفء العاطفي وبقدرتهما في السيطرة على المواقف المقلقة والمجهدة. بالإشارة الى عوامل إيجابية أخرى منها تقوية الذاكرة وتنمية المهارات الذهنية والحض على إنتاج الهرمونات الجنسية لدى الأنثى والرجل. وفي هذا السياق تقول جان دارك هذا سيضاعف من نشاط الناقلات العصبية للقيام بمهامها على أكمل وجه، كما ويساعد في التحكم بردود الفعل القوية، الى جانب القدرة في الهيمنة على مشاعر الخوف وطرد القلق ما يحفز على زيادة ساعات النوم أكثر”.
اما عن كيفية مضاعفة نسبة هرمون السعادة في جسمنا وخاصة في يوم عيد العشاق؟
تنصح جان دارك أن يخضع الافراد الى جلسات تدليك لمدة لا تقل عن 15 دقيقة لما لها تأثير قوي في تخفيف الألم والتوتر والقلق والمشاعر السلبية، الامر الذي يزيد من شعور الاسترخاء والراحة.
وتلفت، الى ضرورة ممارسة بعض تمارين التأمل وتذكّر الأوقات الجميلة التي عاشها هؤلاء مع من يحبون، وتشدد على اهمية الاستماع الى الموسيقى والاغاني لما لهما من دور جيد لجهة تحسين الحالة المزاجية، كما انها تقوي تركيزنا وتتضاعف من مشاعر الحب لدى الافراد من خلال الانسجام مع إيقاعها والإصغاء لكلماتها. وتخلص بالإشارة الى أهمية ان نتناول الطعام مع شخص نحبه وأيضا أن نقضي أوقات ممتعة مع أصدقاء نرتاح لوجودهم، من خلال الاحتضان والعناق والتلامس الجسدي.