من المعروف أن اللعب والترفيه بالنسبة للأطفال الصغار في سنواتهم الأولى حاجة ضرورية وأساسية لتنمية قدراتهم العقلية والذهنية؛ وليعيشوا طفولتهم بكل خطواتها وفعالياتها.
لكن لبنان المأزوم والمنهار لا يشبه البلدان المتقدمة إلا في الاسم. وقد أسهمت الأزمة الإقتصادية والإجتماعية الصعبة التي يمر بها في تراجع قدرة العائلات على القيام بالكثير من الواجبات والأعباء، ومنها واجبات هذه العائلات والأهل تجاه أطفالهم الصغار لا سيما تأمين جو اللعب والمرح الذي يحتاج إليه هؤلاء.
فأولوية الأهل هذه الأيام هي في تأمين أبسط مقومات الحياة لهم ولعائلاتهم، لا سيما لجهة الأكل والملبس؛ أي الأمور الضرورية؛ في وقت طال فيه الغلاء كل شيء، وثمة عائلات لم تعد قادرة على تأمين الكهرباء لمنازلها عبر الإشتراكات التي صارت فوق قدرة المواطن وتفوق فواتيرها الشهرية المعاشات الشهرية. وإذا ما أخذنا في الحسبان ارتفاع أسعار المحروقات والسلع على اختلافها وكذلك الملابس، فإن من الصعوبة بمكان على معظم العائلات هذه الأيام أن تأخذ أطفالها إلى الملاهي والأماكن المخصصة للألعاب لأن لا قدرة لهم بعد كل هذه التكاليف التي يتكبدونها لتأمين الضروري من الإحتياجات على تأمين أجواء الترفيه والتسلية لأبنائهم.
ويشير السيد خالد الرفاعي من عكار وهو أب لستة أبناء بينهم 3 أطفال، إلى أن “الأوضاع هذه الأيام اختلفت كثيراً عن السابق، فربّ العائلة اليوم يجهد لتأمين الضروري لعائلته وموسم المدارس وحده بحاجة إلى ميزانية ضخمة ناهيك عن موسم الشتاء القادم وما يحتاج إليه من تحضيرات سواء في الملابس أو للتدفئة وغيرها”.
ويضيف “اهتمام الأهل بتأمين الأساسيات على صعوبته يحصل بالتأكيد على حساب تأمين أجواء اللعب والترفيه للأطفال الصغار، الذين هم بحاجة لكي يعيشوا طفولتهم ولا ذنب لهم في ما وصلت إليه الأمور من صعوبات، إنما تتحمل الطفولة وزر الأخطاء التي ارتكبها السياسيون الذين أوصلوا البلد إلى هذا الإفلاس، ونأسف أيضاً لكون المعنيين في عكار وطرابلس وعموم مناطق الشمال، لم يأخذوا في الإعتبار هؤلاء الأطفال ويسعوا إلى إنشاء الحدائق العامة والمنتزهات والتي كانت ستشكّل واحة من الفرح للأطفال في مثل هذه الظروف الصعبة”.
ويتابع “الأهل حالياً يلجأون إلى بعض الأصدقاء ممن يملكون حدائق أمام منازلهم أو فسحات طبيعية أو يربون بعض الحيوانات فنزورهم ويكون ذلك مثابة فسحة ترفيهية للأطفال أيضاً تعوّض عدم قدرة الأهل بالمقابل على تأمين أجواء الترفيه للأبناء الصغار نتيجة الحالة الإقتصادية الصعبة، وهذه حالة عامة يعيشها الأهل ومن ليس لديه أصحاب عندهم هذه الأجواء متوفرة بالحد الأدنى فإنه أمام خيارين: إما اللجوء إلى الطبيعة كالجبال والأراضي ليسرح فيها الأطفال أو أن ينتظر أن تتغير الظروف ويقضي الله أمراً كان مفعولاً”.
وتعدّ الطفولة اللبنانية اليوم من أكثر الفئات تأثراً بالأوضاع الإقتصادية والإنهيارات الحاصلة على كافة الصعد، ولا ذنب لهذه الفئة البريئة سوى أنها ولدت في بلد أكل فيه السياسيون والحكام في هذه السلطة الجائرة الأخضر واليابس ونسيوا أن هناك كباراً وصغاراً لهم الحق بما يملك البلد من مقدرات وأقلها أن يعيشوا بأمان واطمئنان لا تنقصهم أدنى حقوقهم كرعايا لهذه الدولة.