الصوم الكبير هو أحد فترات الصيام حسب الديانة المسيحية، ويبدأ في يوم اربعاء الرماد حسب الطقس اللاتيني، ويوم الاثنين عند الطوائف التي تتبع التقويم الشرقي. وتبقى فترة الصيام حوالي 6 أسابيع قبل عيد القيامة. والهدف من “الصوم الكبير” تهيئة المؤمن من خلال الصلاة والعودة عن الخطايا بالتوبة وإخراج الصدقات، الى جانب اعمال الرحمة والخير.
يستمر الصوم 50 يوما، 40 هي من أيام الصوم التي تسبق أسبوع الآلام، فضلا عن أسبوع الآلام بما فيه سبت النور، وأربعة أيام تعويضية عن أيام الآحاد التي يتم الإفطار فيها، وهو المتعارف عليه في معظم الكنائس.
تقاليد الصوم
تتعدد مفاهيم الصوم الكبير لدى الطوائف المسيحية ما بين الامتناع عن الطعام لساعات معينة او عن أصناف محددة. فالكنيسة الرومانية الكاثوليكية الى جانب الكنائس الغربية تفرض على اتباعها قطع المنتجات الحيوانية، بما فيها الالبان والاجبان وذلك يومي الأربعاء والجمعة. اما الكنائس الارثوذكسية الشرقية والكنائس التي تتبع هذا التقويم فتفرض التوقف عن اللحوم لمدة 40 يوما.
نظام غذائي
في سياق متصل، الصوم يعني التقرب من الرب والتكافل مع الغير، والانقطاع عن الشهوات الجسدية والروحية، وتقديم ما استطاع الصائم من الصدقات والأموال، الى جانب التغيير في النظام الغذائي بالامتناع عن تناول اطعمة معينة.
ويلجأ الصائمون للأطعمة النباتية الغنية بالألياف ومضادات الأكسدة وحامض الفوليك الذي يسرع من عملية امتصاص الجسم للحديد، والتركيز على الخضار والفواكه بما في ذلك الحبوب. او العكس، اي يتم قطع كل ما تقدم والاعتماد على المصادر الحيوانية بما فيها مشتقات الحليب من اجبان وألبان، ودائما بحسب كل صائم.
اختصاصية التغذية جاكي قصابيان ترشد الصائمين من خلال مجموعة نصائح، فتقول لـ “الديار”: “يمنع الاكل قبل الساعة 12 ظهرا بشكل عام، كما ان القاطع يختلف بين فرد وآخر. وأشدد على ضرورة تعويض النقص في أي فئة غذائية بأخرى ، من خلال البحث عن مأكولات لها ذات الخصائص الغذائية، وهذه بعض الارشادات التي يمكن تبنّيها خلال فترة الصوم.
الامساك عن المشتقات الحيوانية
تنصح قصابيان الممتنعين عن هذه الفئة من المأكولات بالقول، “عند الانقطاع عن الدجاج واللحوم، ينخفض معدن الحديد في الجسم. ومن هنا لا بد من البحث عن مصادر نباتية للتعويض عن هذا النقص، من خلال التوجه الى البقوليات مثل: الحمص، الفول والعدس والفاصولياء كخيار مثالي وغني بالعناصر الغذائية المهمة، الى جانب الفريكة والبرغل والكينوا الغنية بالبروتين النباتي والشوفان”.
واشارت الى “ان الحديد يمكن تعويضه بتناول أصناف من الحشائش الخضراء مثل الزعتر والبقدونس والروكا. وانصح الذين لا رغبة لهم في تناول هذه الأنواع باللجوء الى الفواكه المجففة الغنية بالمعادن والفيتامينات”.
في هذا السياق، تلفت قصابيان، “الى إمكانية التركيز على أنواع معينة من الأسماك، كونها غنية بمصادر البروتين والاوميغا 3 الذي يعزز مناعة الجسم، ويحسّن الأداء الوظيفي لخلاياه، وطبعا هذا يعود وفق “القاطع” الذي يتبعه كل صائم”.
الاحجام عن مشتقات الحليب
اضافت : ” ان مصادر الحليب من الاجبان والالبان معززة بمعدن الكالسيوم، لذا على الصائمين عن هذه الاصناف ان يتناولوا البدائل التالية: البروكولي، القرنبيط، السردين والكايل، الى جانب البذور مثل الكتان ودوار الشمس والشيا واليقطين”.
قطع المشتقات الحيوانية
وتوعز قصابيان “الممسكين” عن هذه الفئة، “بتناول الجرجير والباذنجان بالطحينة، الى جانب اطعمة غنية بالألياف كوجبة صباحية وحتى في العَشاء. اما عند الغذاء فيمكن تناول الكرنب والفجل الجرجير والكرفس والبازيلاء والعدس مع الحامض، الذي يزيد من قدرة الجسم على امتصاص الحديد، الى جانب وجبات لذيذة أخرى مثل ورق الملفوف والعنب او المعكرونة مع الصلصة الحمراء”. وشددت على ضرورة التركيز خلال فترة الصوم على شرب المياه لكيلا يتعرض الجسم للجفاف، خاصة عندما يكون الطقس حاراً”.
كيفية الإفطار من بعد يوم صيام
وتنصح قصابيان شرب كوبين من الماء عند الإفطار، وفي حال لم يكن الصائم صارماً في صومه، فيمكنه ارتشاف المياه كل حوالي الساعة والنصف خلال اليوم، لتبقى المعدة طرية ولتفادي الجفاف بسبب امتناعه عن تناول المأكولات لساعات طويلة، ويجب عدم تناول وجبات كبيرة او دسمة، بحيث يمكن تناول حبتين من الخيار والبندورة في حال عدم توفر الصلطة، كما يجب الاكل بتمهل والجلوس اثناء الطعام”.
وتشدد على “عدم تناول الصائمين لوجبتين متتاليتين، كون الصائم لم يأكل قبل الساعة 12 على ان يعتبر هذه الوجبة بمثابة الفطور، ويمكنه معاودة الاكل بعد ساعتين او ثلاث ساعات على الاقل”.
وتشير الى “ان البعض يعتقد انهم يخسرون وزنا بسبب الصيام والامتناع عن مأكولات وحلويات، الا ان الحقيقة عكس كذلك، والارجح ان يزيد وزن الفرد، بحيث تكون النشويات والدهون المعتمدة في الصوم أكبر، لذا وجب التنبه لكمية الخبز المتناولة والبطاطا وغيرهما”.
وتتابع: “اما في حال كان الفرد يخضع لنظام إنقاص الوزن او يعاني من أي مشكلة صحية أنصح بمراجعة الاخصائي/ة التغذية لتنظيم مقدار النشويات المستهلكة خلال اليوم، ووضع اجندة للأطعمة التي يجب ان تتوفر في النمط الغذائي الذي يتبعه ما بين الكربوهيدرات والبروتينات بالشكل الكافي”، وتلفت الى “انه يمكن الحصول على البروتين من مصادر نباتية مع العلم ان الجسم لا يمتصه بشكل سريع كالبروتين الحيواني”.
نصائح
وتنصح قصابيان، “بشرب ما لا يقل عن 10 الى 12 كوبا من الماء يوميا، الى جانب القيام بالتمارين الرياضية من بعد فترة الإفطار، حيث تشير بعض الدراسات الى ان التمارين الرياضية على معدة فارغة تزيد من قدرة حرق الجسم للدهون بشكل أكبر، ويمكن الاستفادة من هذه الفترة باعتماد FASTING DIET ، بحيث يأكل الصائم وفق القاطع الذي يعتمده من الساعة 12 ظهرا وحتى 8 مساء، وبعدها يتوقف عن تناول الأطعمة، وفي حال شعر الفرد بالجوع يمكن التعويض بالخضار وتفادي المقلي واستبداله بالمشوي.
بلدان تعتمد “الفيغن دايت” في صيامها
عن هذا النمط في الصوم تقول قصابيان، “بعض البلدان تعتمد نظام غذائي قائم على الـ VEGAN او النباتي الى جانب الخضار، ويعتبرون هذا الاسلوب مثالي، كونه يعتمد على الالياف جراء الامتناع عن اللحوم الحيوانية، التي قد تحتوي على هرمونات والكوليسترول الضّار، ودراسات أخرى تقول انها مؤذية بالصحة. اما الخضار فهي تعتبر عضوية وأقرب للطبيعة، وتحتوي على الالياف والفيتامينات ومضادات الاكسدة”.
وتختم قصابيان بالقول، “برأي الشخصي الجسم يحتاج للحديد الحيواني، والذي لا يمكن الحصول عليه بالطريقة الأمثل من البروتين النباتي، كما ان الجسم يحتاج للحيواني، بمعنى ان “الفيغن دايت” غير كاف لعدم احتوائه على كل العناصر الغذائية التي يحتاج اليها الجسم”.